موضوع إنشاء عن النبي زكريا
موضوع إنشاء عن النبي زكريا
النبي زكريا، وهو أحدُ الأنبياء الذين بعثَهم الله -عزَّ وجلّ- ليخرجَ النَّاس بإذن الله من الظلمات إلى النور، ويرجعُ نسب النبي زكريا إلى النبي يعقوب -عليه السلام- ويُقال أنَّه كان يعمل نجَّارًا، وكان من الذين يخدمون في دور العبادة، وكان في ذلك الوقت عمران، وهو والد مريم مع زوجته حنَّة أيضًا من كبار العاملين في دور العبادة تلك، ولبثت حنّة فترةً طويلةً من الزَّمن وهي عاقر، ولكنَّها لم تيأس من رحمة الله حتّى أكرمَها بحَمْل عظيم، فما كان منها إلا أن تنذرَ ما في بطنها لله -عزّ وجلّ- ليخدم في دور العبادة، قال تعالى: {إذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ}[١]
وُلدت مريم فتاة وقام زكريا على رعايتها، وكان زكريَّا قد بلغَ من الكبر عتيًّا، وبدأ الشّيب يخطّ علاماته في رأسه، والسنين تخرج عن صمتها في وجهه وجسمه، ولم يرزق بولدٍ يعينه على حَمل أعباء الدَّعوة، ويحفظها من بعده بإذن الله، إذ إنَّ أولاد عمِّه كانوا من الفاسدين الفُجّار فكان يخاف من تحريف الدَّعوة وضياعها، قال تعالى: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[٢] كان يدخل النبي زكريا -عليه السلام- على مريم فيجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف، ويجد فاكهة الصيف في الشتاء، وهذا من المعجزات وغرائب الأمور في وقتها فيقول لها يا مريم من أين لك بهذا، فتجيبه هو من عند الله إن الله يعطي من يشاء دونما حساب.
فيدخل النبي زكريا محرابه وقد أتعبته السنين، وأهلكته، فيلتجئُ إلى ربّه قائلًا: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}[٣]، يضع الآنَ النبي زكريا كل ثقته بالله فيسأله سؤال من لا يخاف عدم الاستجابة، لأنه كان يعلم أنَّه يرفع سؤله إلى ربِّ الأرباب، إلى من إذا قال كن فيكون، فيأتيه الجواب من ربه {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا}[٤]، نعم لقد بشره الله بمولودٍ ذكر وجعله من الأنبياء، متجاوزًا كلَّ القوانين، فهو شيخ كبير، وامرأته عاقر، ولكنَّ هذا أمر الله الذي إذا جاء لا يؤخر، هي قصَّةٌ من أجمل القصص التي تذكر العبد بثقته بالله ليعلم أنَّ الدعاء إلى الله لا يحده زمن، ولا تحكمه قوانين، ولا يعجزه شيءٌ في الأرض ولا في السماء إذ إنَّه هو العزيز الحكيم. [٥]