أدب الحلاج
الحلاج
أحدُ أعلام الصوفيَّة والتصوُّف في العالم الإسلاميّ، هو الحُسَيْن بن منصور، يُكنَّى أبا المغيث والشهير باسم الحلَّاج، وُلدَ في قرية البيضاء الفارسيّة عامَ 1207م، رَحَلَ إلى العراق وتربَّى ونشأ في مدينة واسط، وخلال حياتِه قضاها متنقِّلًا في كثير من المدن إلى أن حطَّت رحاله أخيرًا في بغداد، تفقَّه في علوم الدين، ودرسَ التصوَّف على يدِ شيخه سهل بن عبد الله التستري، كفَّره كثير من علماء الدين في ذلك العصر فحُكم عليه بالإعدام بعد محاكمة طويلة، فأعدم وأحرقَت جثته عام 1273م وهو في السادسة والستين من عمره، تاركًا خلفه إرثًا كبيرًا من الأشعار والأقوال التي انتشرت بشكل واسع، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول أدب الحلاج وبعض قصائده.[١]
أدب الحلاج
يُعدُّ الحسين بن منصور الحلاج أحد أشهر رموز الصوفية على الإطلاق، وهو من أكثر الرموز التي تمَّ توظيفُها في الأدب العربي، إضافةً إلى كون أدب الحلاج يتميَّز بالمغالاة في إظهار الحب الإلهي والروحانيات والدعوة إلى الحب النقي والتقشُّف والزهد في الحياة الدنيا، حيثُ يدعو أدب الحلاج إلى اعتناق الحب الذي يبلغُ أعلى درجات السمو حتى يصلَ إلى أعماق الإنسان ويصل بحبِّ الله لدرجة الفناء بالذات الإلهيَّة، كما يتزيَّن أدب الحلاج وخاصَّة أشعاره الشهيرة بثوبٍ لغويٍّ يحملُ شعريَّةً طافحةً جعلت من أشعاره قصائدَ خالدة ما زال الناس يرددونها ويتغنَّونَ بها رغم مضيِّ قرون طويلةَ على مقتَل الحلاج.[٢]
من قصائد الحلاج
بعد الحديث حول أدب الحلاج وما حملَ في طيَّاته من نفحات روحيَّة وإبداعية سيتمُّ إدراج بعض من قصائد الحلاج الشهيرة والتي تغنَّى بها الكثير من المغنِّين والمنشدين على مرِّ العصور، وفيما يأتي بعض قصائد الحلاج:
- قصيدة التلبية: [٣]
لبَّيكَ لبَّيكَ يا سرِّي ونجوائي
- لبَّيك لبَّيك يا قصدي ومعنائي
أدعوكَ بلْ أنت تدعوني إليك فهلْ
- ناديتُ إيّاك أم ناجيتَ إيَّائي
يا عينَ عينِ وجودي يا مدَى هممِي
- يا منطِقي وعباراتِي وإيمائي
يا كلَّ كلِّيَ يا سمعِي ويا بصرِي
- يا جملَتي وتباعيضِي وأجزائي
يا كلَّ كلِّي وكلَّ الكـلِّ ملتبس
- وكل كـلِّك ملبوسٌ بمعنائي
يا من به عُلقَتْ روحي فقد تلفتْ
- وجدًا فصرتَ رهينًا تحتَ أهوائي
أبكي على شجَني من فرقتِي وطني
- طوعًا ويسعدني بالنوح أعدائي
أدنو فيبعدني خوفٌ فيقلقُني
- شوقٌ تمكَّن في مكنونِ أحشائي
فكيف أصنعُ في حبٍّ كلِفْتُ به
- مولاي قد ملَّ من سقمي أطبَّائي
قالوا: تداوَ به منه، فقلت لهـم:
- يا قوم هل يتداوى الداءُ بالدائي
حبِّي لمولايَ أضنانِي وأسقمني
- فكيفَ أشكو إلى مولاي مولائي!
- قصيدة والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت: [٤]
و اللهِ ما طلعتْ شمسٌ ولا غربت
- إلا وحبُّك مقرونٌ بأنفاسي
ولا جلستُ إلى قومِ أحدِّثُهم
- إلا وأنتَ حديثي بينَ جلاسي
ولا ذكرتك محزونًا ولا فرحًا
- إلا وأنتَ بقلبي بينَ وَسواسي
ولا هممتُ بشربِ الماء من عطشٍ
- إلا رأيتُ خيالًا منكَ في الكاسِ
ولو قدرت على الإتيانِ جئتُكُمُ
- سعيًا على الوجهِ أو مشيًا على الراسِ
ويا فتى الحيِّ إنْ غنَّيتَ لي طربًا
- فغَنِّني وَاسَفًا من قلبِك القاسي
ما لي وللنّاسِ كم يلحونَني سفهًا
- ديني لِنفسي ودينُ الناسِ للنّاسِ
- قصيدة أشار لحظي بعين علم: [٥]
أشار لحظي بعينِ علِمِ
- بخالصٍ من خفِّي وَهْم
و لائحٌ لاحَ في ضميـري
- أدقُّ من فهمِ وهمِ همِّي
وخضتُ في لجِّ بحرِ فكري
- أمُرُّ فيه كمرِّ سَهـم
وطارَ قلبي بريشِ شوقِـي
- مركَّب في جناحِ عزمي
إلى الذي من سُئلتُ عنهُ
- رمزتُ رمزًا و لم أسمِّي
حتَّى إذا جُزْتُ كل حــدٍّ
- في فلواتِ الدنوِّ أَهْمِـي
نظرتُ إذ ذاكَ في سَجَـالٍ
- فما تجاوزتُ حدَّ رَسْمي
فجئتُ مستسلمًا إليهِ
- حدَّ قيادي بكفِّ سلْمـي
قد وسمَ الحبُّ منه قلبِي
- بميسمِ الشوقِ أيَّ وسـمِ
وغابَ عنِّي شهودُ ذاتي
- بالقربِ حتَّى نسيتُ اسمي
المراجع[+]
- ↑ "الحسين بن منصور الحلاج"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-06-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "الحلاج"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 02-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "التلبية"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-06-2019.
- ↑ "مختارات (31- 34)"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-06-2019.
- ↑ "أشار لحظي بعين علم"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 02-06-2019.