المنصوبات في اللغة العربية
محتويات
تعريف النحو
يُعرف علم النحو بأنّه العلم الذي يدرس تركيب الجُمَل في اللغة العربية، وكان أول من وضعه النّحوي أبو الأسود الدؤلي، بأمر من الخليفة علي بن أبي طالب، مبتدأ عمله بتقسيم الكلمة إلى اسم وفعل وحرف، وبعد ذلك توسع ذلك العلم ليشمل كل قواعد اللغة العربية، وتصنيفها وتبويبها والتمثيل عليها. وكان من تبويبها أن خصص لقواعد النحو باب المرفوعات وضمن كل القواعد المرفوعة، وباب المجرورات وضمّ جميع القواعد والتراكيب المجرورة، وباب المنصوبات في اللغة العربية، وضمّ جميع المنصوبات التي سنستعرضها فيما يأتي.
المنصوبات في اللغة العربية
المنصوبات في اللغة العربية هي كل ما ينصبها فعل سواء كان الفعل متعدِّيًا أو غير متعد، وهي فضلة في الجملة، تأتي بعد المسند والمسند إليه لتضيف معنى جديدا للجملة، وهي ثمانية، تضمّ المفاعيل جملة منها وهي أوسع حزمة منها، وثم التمييز والحال والاستثناء، ويضاف إليها بعد ذلم اسم إنّ وخبر كان، وقد ورد في الأجرومية أنها خمسة عشر، وضمّ إليها توابع المنصوب، واسم لا والمصدر، ولكن فيما يأتي عرض لأبرز المنصوبات في اللغة العربية، وعرض أمثلة عليها: [١]
- المفعول به: وهو اسم منصوب يدل على من وقع عليه فعل الفاعل، نحو {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ}[٢]، فأزواجا جاءت مفعول به منصوب إذ وقع عليها فعل مدّ العين[٣].
- المفعول لأجله: وهو مصدر منصوب، يأتي به لبيان سبب حدوث الفعل، ومن أمثلته قوله تعالى: {جْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ}[٤]، فحذر: مفعول لأجله منصوب، جاءت لبيان سبب حدوث الفعل يجعلون. [٥]
- المفعول فيه (ظرفا الزمان والمكان): وهي كل اسم منصوب يأتى به لبيان الزمن الذي وقع فيه الفعل، ويسمى ظرف زمان، نحو: {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ}[٦]، فعشاءً جاءت ظرف زمان لأنه دلت على زمن المجيء. وكل اسم يأتى به لبيان المكان الذي وقع فيه الفعل، نحو: يسير القائد أمام جنده في ساحة القتال. فأمام ظرف مكان لأنها دلّت على مكان وقوف القائد[٧].
- المفعول معه: وهو اسم منصوب، يقع بعد واو المعية -تأتي بمعنى مع- مسبوقة بجملة فعلية، ويدلّ على من أو ما حدث معه الفعل، نحو: استيقظنا وطلوع الشمس، فطلوع مفعول معه، فهي لا تستيقظ حقيقة، ولكن فعل الاستيقاظ تم بمصاحبة طلوع الشمس، وتم الربط بين الطلوع والاستيقاظ بواو المعيّة. [٨]
- المفعول المطلق: وهو مصدر مشتق يأتى به لتأكديد وقوع الفعل، أو لبيان نوعه أو عدده، ويشترط به أن يرد مع فعله في نفس الجملة، ومن أمثلته {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلً}[٩]. فترتيلا جاءت لتأكيد الفعل رتّل، وكانت مشتقة منها. [١٠]
- التمييز: وهو من المنصوبات في اللغة العربية، اسم نكرة يأتي لإزالة اللبس أو الغموض في كلمة أو جملة سبقته، ومنه نوعان: تمييز المفرد وتمييز الجملة[١١]، ومن أمثلته: {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا}[١٢]. فشيبا هي التمييز، وهي لفظة نكرة جاءت لترفع الغموض عن جملة اشتعل الرأس.
- الحال: والحال من المنصوبات في اللغة العربية، وهي وصف يؤتى بها لبيان هيئة صاحبها عند القيام بالفعل أو الوصف، وهو لفظ نكرة مشتق تأتي على عدّة أشكال في الجملة، منها المفرد ومنها الجملة، ومنها شبه الجملة، ومنها الضمير، ومنها قوله تعالى {فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا}[١٣]، فغضبان حال منصوب لأنها بينت هيئة سيدنا موسى ع-ليه السلام-.
- الاستثناء: وهو إخراج الاسم الواقع بعد أداة الاستثناء من الحكم الواقع على ما قبلها. وعناصر الاستثناء في الجملة أربعة هي: الحكم وهو ما ينسب إلى المستثنى منه منحدث أو خبر أو صفة، والمستثنى وهو الاسم الذي ينسب إليه حدث أو وصف ما، والأداة وهي كلمة تفيد أن ما بعدها خارج من حكم ما قبلها، والمستثنى وهو اسم منصوب استثني من الحكم ويقع بعد أداة الاستثناء. ومنه أنواع في اللغة: الاستثناء التام المثبت أو المنفي، والاستثناء المنقطع، والاستثناء الناقص [١٤]، ومن أمثلة الاستثناء المنقطع {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31)}[١٥]، فإبليس هو المستثنى، وهو مستثنى منصوب من حكم دخول الجنة، منقطع من جنس الملائكة.
منصوبات أخرى
ذكر سابقا بأن المنصوبات في اللغة العربية هي ثمانية، وورد في الأجرومية أنها خمسة عشر منصوبا، ويلحظ على باقي المنصوبات في اللغة العربية أنها تأتي كجزء لا يتجزأ من الجملة وليس فضلة فيها، باستثناء التوابع، وهذه المنصوبات هي:
- اسم إنّ: حيث يلزم اسم إن النصب دائما مع إنّ وأخواتها (أنّ، وليت، ولعلّ...إلخ)، وقد يأتي اسما ظاهرا، أو ضميرا متصلا أو مضمرا[١٦]، ومن أمثلتها قوله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ}[١٧]. فالساعةَ اسم إنّ منصوب وعلامة نصبه الفتحة، وهو اسم ظاهر.
- خبر كان: ويلزم خبر كان النصب دائما مع كان وأخواتها (أمسى، أصبح، ظل، بات، مازال...إلخ)، وقد يأتي خبر كان اسما ظاهرا، أو جملة، أو شبه جملة[١٨]، ومن أمثلته {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً}[١٩]، فأمة خبر كان منصوب، وقد جاء هنا اسما ظاهرا.
- المنادى: والمنادى من المنصوبات في اللغة العربية، وهو اسم يأتي بعد أداة النداء، وفي حالات منها يأتي منصوبا مباشرة، كأن يكون نكرة غير مقصودة، أو مضافا، أو شبيها بالمضاف، ومن أمثلته في النكرة غير المقصودة: يا رجلًا خذ حذرك مع الآخرين. وباقي الحالات في المنادى كأن يكون علما معرفة، أو نكرة مقصودة، فيأتي مبنيا على الضم في محل نصب[٢٠].
شواهد المنصوبات في اللغة العربية
يكثر ورود المنصوبات في اللغة العربية ضمن الشواهد القرآنية، والشعرية، وحى الاستخدامات اليومية، ولكن شواهد المنصوبات في اللغة العربية تكثر في القرآن حتى يستقيم معها إعداد رسالة عن كل منصوب، ومن شواهد المنصوبات:
- قال تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ}[٢١]. ففارهين: حال مشتق منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم.
- قال تعالى: {وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ}[٢٢]. فيستبشرون: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية من الفعل والفاعل في محل نصب حال.
- قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا}[٢٣]. فشهرا تمييز: منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح.
- قال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا}[٢٤]. وأعمالا: تمييز منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح.
- قال تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ}[٢٥]. فرزقا: مفعول لأجله جاء لبيان سبب اخرج الثمرات، منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح.
- قال تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}[٢٦]. فأسفا: مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح.
- قال تعالى: {إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً}[٢٧]. ومشكورا: خبر كان منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح.
- قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً}[٢٨]. وتنزيلا: مفعول مطلق منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح، جاء لتأكيد الفعل.
- قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدّارَ وَالإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ}[٢٩]. والإيمان: مفعول معه منصوب وعلامة نصبه الفتجة.
- قال تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ}[٣٠]. وشركاءكم: شركاء مفعول معه منصوب وعلامة نصبه الفتحة، وهو مضاف، وكم ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.
- قال تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}[٣١]. فغدًا: ظرف ضرف زمان منصوب وعلامة نصبه تنوين الفتح.
- قال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ}[٣٢]. فأوّل: اسم إن منصوب وعلامة نصبه الفتحة، وهو مضاف، وبيت مضاف إليه.
- قال تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}[٣٣]. فأنفسّهم: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة، وهو مضاف، وهم ضمير متصل في محل جر بالإضافة. ويلحظ هنا أن المفعول به جاء ضمن أسلوب استثناء، ولأنه استثناء ناقص أي أسلوب حصر، فيعرب ما بعد إلا إعرابه بتقدير يخدعون أنفسهم حسب موقعه في الجملة.
- قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}[٣٤]. وإبليس: مستثنى منصوب وعلامة نصبه الفتحة، ونوع الاستثناء منقطع لأنه إبرايلس خرج من جنس الملائكة.
المراجع[+]
- ↑ "إيضاح مسائل العربية على متن الأجرومية 26"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة طه، آية: 131.
- ↑ "المفعول به"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 19.
- ↑ "المفعول لأجله"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف، آية: 16.
- ↑ "إيضاح مسائل العربية على متن الأجرومية 28"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "المفعل معه"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة المزمل، آية: 4.
- ↑ "المفعول المطلق: تعريفه وأحكامه"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "من المنصوبات: التمييز"، /www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية: 4.
- ↑ سورة طه، آية: 86.
- ↑ "بين الاستثناء والوصف والبدلية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجر، آية: 30-31.
- ↑ "شرح إنّ وأخواتها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الشورى، آية: 17.
- ↑ "شرح كان وأخواتها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019.
- ↑ سورة البقرة، آية: 213.
- ↑ "المنادى"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الشعراء، آية: 149.
- ↑ سورة الحجر، آية: 67.
- ↑ سورة التوبة، آية: 36.
- ↑ سورة الكهف، آية: 103.
- ↑ سورة البقرة، آية: 22.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 6.
- ↑ سورة الإنسان، آية: 22.
- ↑ سورة الإنسان، آية: 23.
- ↑ سورة الحشر، آية: 9.
- ↑ سورة يونس، آية: 71.
- ↑ سورة لقمان، آية: 34.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 96.
- ↑ سورة البقرة، آية: 9.
- ↑ سورة البقرة، آية: 34.