موضوع عن التفاعل الثقافي بين الشعو
موضوع عن التفاعل الثقافي بين الشعوب
خلقَ الله الإنسانَ كائنًا اجتماعيًّا بطبعه وفطرته، فيعيش بين النَّاس على قانون الأخذ، والعطاء في كلِّ شيء، في تجارته وثقافته وحياته عامَّة، قال الله -عزَّ وجل- في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [١]ونظرًا لأهميّة هذه الفكرة، ووجوب تسليط الضَّوء عليها، سيتحدَّث هذا المقال عن موضوع عن التفاعل الثقافي بين الشعوب -بإذن الله-.
إذًا هذه الحياة وساكنوها هم مشروعُ تعارفٍ وتبادل خبرات، فعند احتكاك الشُّعوب بعضها ببعض يأخذون من حضارات بعضهم، إذ إنَّ تواجد الإنسان في بيئةٍ ما يفرض عليه نمط حياةٍ، وخبراتٍ معيَّنة، ربما هي غير مطلوبة في مكان آخر، ولكن عندما يحدث الاحتكاك بين شعوب البيئتين تتولَّد ثقافة جديدة هي نتاج اندماج صنفين مختلفين من المجتمع، وقد حدث هذا في قديم الزَّمان وذلك عندما أشار الصَّحابي سلمان الفارسيّ -رضي الله عنه- على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يحفر خندقًا حول المدينة حتَّى لا يستطيع المشركون الوصول إلى قلب المدينة، وتمَّ هذا وسمّيت المعركة باسم معركة الخندق، فقد كانت ثقافة حفرِ خندقٍ حول مدينةٍ ما هي غير معروفة عند العرب، ولكنَّها مشهورة، ومعروفة جدًّا في مكان آخر.
غالبًا ما يكون تأثير الدَّولة القويَّة على الدولة الضَّعيفة في ثقافتها أكبر، فالدَّولة ذات الهيمنة تتأثر بها، وبثقافتها، وربَّما حتَّى بطريقة عيشها بعض الدُّول الأخرى، فقديمًا استطاع العرب التأثير بالثقافة الأوروبيَّة، والمجتمع الأوروربي، حتَّى أنَّهم كانوا يرسلون أبناءهم للتَّعلم في الجامعات العربية، والأخذ من ثقافتهم، أمَّا الآن فالثَّقافة المسيطرة على العالم هي الثَّقافة الأوروبية ذلك لأنَّها الدَّولة الأقوى، فحتَّى الطعام والمأكولات باتت كلَّها تحمل الصبغة الأجنبيَّة.
إنَّ موضوع التَّفاعل الثَّقافي بين الشعوب يحتاج إلى احتكاكٍ كبيرٍ، وتواصل وهذا ما سهلته الآن التَّكنولوجيا وثورة الاتصالات والمعلومات، فحوَّلت العالم كلَّه إلى قريةٍ صغيرةٍ معروفة الآراء، والأفكار بالنِّسبة إلى الجميع، إنَّ التفاعل الثَّقافي هو كسيفٍ ذو حدَّين يكون جيِّدًا عند الاستفادة من الشُّعوب الأخرى بالأمور المفيدة، والجيِّدة، بينما يتحوَّل إلى سيفٍ قاتل عند الذَّوبان بالآخر، فتكون في هذه الحالة هي محاولةٌ لاستيراد حضارةٍ، ومحوٌ للذات الإنسانيَّة، وتشويهٌ للعادات والتَّقاليد، وقتلٌ للنَّفس.
هذه الكلمات لا تمثِّل فقط موضوع عن التفاعل الثقافي بين الشعوب، بل لتوعية الإنسان لمعرفة الطَّريقة المُثلى التي يجب عليه أن يتِّبعها ليحافظ على حضارته، وتاريخه، ويستفيد من الآخر بإيجابيَّةٍ دون أن تُمحى ذاته.المراجع[+]
- ↑ سورة الحجرات، آية: 13.