سؤال وجواب

ما هو الفاعل في اللغة


علم النحو

إنّ موضوع علم النحو الأساسيّ هو الجملة والأسلوب اللغويّ، إذ إنّه يتخصص بنظم الكلمات وترتيبها في سياقٍ كلامي في لغة معينة، ولكلّ لغة من لغات العالم ميزاتها وخصائها في نحوها وقواعدها وعناصرها المكونة لها، فلكل لغة نظامها النحوي الخاص، فمثلًا إذا أراد الدارس أن يسأل ما هو الفاعل سيجد إجابات متعددة ومتنوعة بناء على تعدد اللغات وتنوعها، وإن كانت هناك أمور مشتركة، إلا أنه لا بد من إجابات متنوعة تميز بين ما هو الفاعل في هذه اللغة، عن ما هو الفاعل في تلك اللغة، والنحو العربي من أهم علوم لغتنا العربية، ولا يمكن إنكار جهود النحويين القدامى في ترسيخ قواعد لغتنا العربية وتثبيتها. [١]

ما هو الفاعل في اللغة

عندما يبدأ الدارس ببابٍ من أبواب النحو تدور في ذهنه اسئلة كثيرة، فمثلًا عندما يبدأ بباب الفاعل، فإنّ أول سؤال يخطر في باله: ما هو الفاعل؟ وبعد البحث يجد أنّ الجواب هو اسم مرفوع أو في محل رفع، يأتي بعد فعل تامّ مبني للمعلوم، أما في المعنى فهو اسم يدل على من قام بالفعل أي من فعله حقيقة، مثل: "بكى الطفلُ" فالطفلُ هو من قام بفعل البكاء، وأحيانًا قد لا يكون الجواب عن سؤال: ما هو الفاعل؟ أنه هو من قام بالفعل بل يكون من اقترنَ به الفعل أو نُسب إليه الفعل، من دون أن يكون هو من قام بالفعل، مثل: {وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} [٢] فالسماء لم تُحدِث الفعل إنّما الفعل وقع بها، والفاعل أيضًا هو الركن الثاني من أركان الجملة الفعلية، إذ يشكّلُ مع الفعل جملةً كاملة الأركان.

وممّا هو جدير بالذكر أنه لا يأتي بالضرورة بعد الفعل مباشرةً، فقد ينفصل عن فعله بأكثر من فاصل، ويُسمَّى مع فعله مبنياً للمعلوم، لأنَّه عندها مذكور معروف في الذهن وبالتالي فهو معلوم، أما إذا حُذِف فإنه يصير مجهولاً، وعندها يسمى الفعل مبنيًّا للمجهول. والفعل يطابق الفاعل في حال التذكير والتأنيث مثل: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} [٣] فالفعل جاء وافق فاعله رجل في حال التذكير، ومثل: (وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ)[٤]، فالفعل انشقت وافق فاعله السماء في حال التأنيث.[٥]

أشكال الفاعل

بعد الشرح والتفصيل حول سؤال: ما هو الفاعل؟ والوصول إلى الجواب أنّه اسمٌ يدل على من قام بالفعل أو اقترن به، وهذا الاسمُ لا يأتي على شكل واحد أو نمط محدّد معيّن، بل يتنوع بأشكاله، ويختلف من موقع إلى آخر، ومن جملة إلى أخرى، وهذه الأشكال منها ما هو كثير الدوران والاستعمال على ألسنة الناس ومنها ما هو قليل الاستعمال، ومنها ما هو نادر أو حتى مُختَلف فيع إن صحّ التعبير، وهذه الأشكال هي: [٦]

  • الاسم الظاهر: الأصل أن يأتي الفاعل اسمًا ظاهرًا، ويكثر مجيئه على هذه الصورة، سواء كان ذلك في حالات الإفراد أوالتثنية أو الجمع، ومثال المفرد هو كلمة "يوسف" في الآية الكريمة: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [٧]، ومثال المثنى هو كلمة "فتَيانِ" في قوله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} [٨]، ومثال الجمع هو كلمة "اليهود"، في الآية الكريمة: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ}[٩]
  • الضمير: الشكل الثاني هو أن يكون ضميرًا، وقد يكون ضميرًا متّصلًا مبنيّا في محلّ رفع فاعل، والضمائر المتصلة التي تكون في محل رفع فاعل هي تاء الرفع المتحركة للمتكلِّم أو المخاطَب، وواو الجماعة، وألف الاثنين، ونون النسوة، وياء المؤنثة المخاطبة، وهي مجموعة في كلمة "توانينا" وأمثلة الضمير المتصل كثيرة في القرآن والشعر والكلام المتداول على ألسنة الناس، ومنها: "سلّمْتُ على محمدٍ"، الفاعل في هذه الجملة هو تاء الرفع المتحركة، وإعرابها ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. ومن الأمثلة أيضًا: هل تقومين بواجباتكِ المدرسية؟ هنا ياء المؤنثة المخاطبة المتصلة بالفعل تقوم هي ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. وقد يكون الضمير الواقع في محل الفاعل المرفوع ضميرًا مستترًا أي غير ظاهر، واستتار الضمائر قد يكون جائزاً وقد يكون واجباً؛ وعمومًا يكون جائزًا إذا كان الضمير المستتر للغائب أو الغائبة في الماضي والمضارع، مثل "الحقُّ ظهرَ واضحًا" في هذه الجملة الفعل "ظهرَ" فاعله ضمير مستتر تقديره هو جوازًا، أمّا الاستتار الواجب للفاعل يكون إذا كان الضمير هو للمتكلم أو المخاطب، من مثل:" نُقيمُ في مدينةِ حيفا" فالفعل "نقيمُ" هو فعل مضارع فاعله مستتر وجوبًا تقديره نحن.
  • المصدر المؤول: يكون الفاعل مصدرًا مؤوّلًا مكوّنًا من أحد الحروف المصدريّة "أن، أنّ، ما المصدرية" مع ما بعدها، نحوَ "يعجبُني أن تقولَ الصّدقَ" فالفعل يعجبُني فاعله هو المصدر المؤول المكوّن من أن وما بعدها وتأويله: يعجبني قولُكَ الصّدق.

علامات رفع الفاعل

إن سؤال ما هو الفاعل، فتَحَ بعده بابًا لأسئلة جمّة وأبحاث كثيرة، فالفاعل من الأسماء المرفوعة في اللغة العربية، وعلامات رفع الأسماء في اللغة العربية تتغير وتتبدل تبعًا لحال الاسم، ودلالته، والتغيرات الطارئة عليه، ومما هو جدير بالذكر أن الكلام عن علامات رفع الفاعل المقصود به هو الفاعل الاسم الظاهر، وذلك لأن الاسم الظاهر يكون مُعربًا ويقبل الحركات، أما إذا كان ضميرًا متصلًا أو مستترًا فهو مبني في محل رفع، وعلامات رفع الفاعل الاسم الظاهر هي: [١٠]

  • الضمّة: يُرفع بالضمة، سواء كانت ظاهرةً أو مقدرةً، في حالات ثلاث:
    • إذا كان اسمًا مفردًا، أي يدلّ على واحد، نحوَ: "أقبلَ الصيفُ بسرعةٍ" فكلمة "الصيفُ" هي الفاعل، وهي اسم مفردٌ وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. ومثلَ: "أكرمَ موسى ضيفَهُ" موسى اسم مفرد وهو فاعل مرفوع بالضمة المقدرة.
    • إذا كان جمع تكسيرٍ، نحوَ: {فلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ} [١١] كلمة السحرةُ جمع تكسير وهي فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، ومثل: "تخدمُ الجواري الملكةَ في قصرها" فإنّ الجواري جمع تكسير وهي فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة.
    • إذا كان جمع مؤنث سالمًا، نحو قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [١٢]. كلمة المؤمناتُ جمع مؤنث سالم، وهي فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
  • الواو: يكون مرفوعًا بالواو في إحدى الحالتين الآتيين:
    • إذا كان جمع مذكر سالمًا، نحو: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [١٣] ، الفاعل هنا هو الظالمون وهو جمع مذكر سالم وعلامة رفعه الواو.
    • إذا كان واحدًا من الأسماء الخمسة، أبو أو أخو أو حمو أو ذو أو فو، ومثال ذلك ما ورد في القرآان الكريم: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ۖ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ} [١٤]، وقوله -عزّ وجلّ-: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ} [١٥]. كلمة"ابوهم" وكلمة"ذو" فاعل مرفوع، وبما أنهما من الأسماء الخمسة فتكون علامة رفعهما الواو.
  • الألف: يكون مرفوعًا بالألف إذا كان دالًّا على المثنّى، أو ما يلحق بالمثنى، ومثال هذا قوله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} [١٦] كلمة فتيان هي الفاعل وهي دالة على المثنى فتكون علامة رفعها الألف.

تقدم الفاعل وتأخره

الباحث عن إجابة لسؤال: ما هو الفاعل لن يكتفي بالأمور البسيطة، إنّما سيسأل أسئلة أعمق من سؤال: ما هو الفاعل؟ أي من الممكن أن تكون الأسئلة حول الفاعل وتقدمه وتأخره، فالأمر الذي اتّضح من الإجابة عن سؤال ما هو الفاعل؟ أن الفاعل يأتي بعد الفعل مباشرة ويليه المفعول به، ولكن البحث الأعمق في تقدم الفاعل وتأخره بيّن أنه ليس من الممنوع أن يأتي المفعول به قبل الفاعل أي أن يتقدم المفعول به على الفاعل، مثل: "غرّدَ ألحانًا العصفورُ"، فهنا جاء المفعول به وهو "ألحانًا" متقدمًا على الفاعل وهو العصفورُ، وأحيانًا قد يأتي المفعول به متقدمًا على الفعل والفاعل معًا، مثل "ألحانًا غرّد العصفورُ".

والسبب الرئيس لتقدم المفعول به وتأخر الفاعل بهذا الشكل هو الاهتمام؛ أي اهتمام الكاتب على أي كلمة منصب؟ فإذا كان الاهتمام منصبًّا على المفعول به قدمه على الفاعل، أو على الفعل والفاعل معًا، أما إذا كان الاهتمام منصبًّا على الفاعل فعليه أن يُبقيَ المفعول به بعد الفاعل. ومعظم علماء النحو يفضلون الالتزام بالترتيب المتعارف عليه، والمألوف لدى الناس، ولكن من المهم الأخذ بالعلم أن الأمر يرتبط بالدرجة الأولى بالمتكلم، واهتمامه، وميوله، مع مراعاة الحالات التي توجب تقديم الفاعل وتأخير المفعول به، والحالات التي توجب تأخير الفاعل وتقديم المفعول به. [١٧]

المراجع[+]

  1. "علوم اللغة العربية"، almerja.com، اطّلع عليه بتاريخ 9-6-2019. بتصرّف.
  2. سورة الحاقة، آية: 16.
  3. سورة يس، آية: 20.
  4. سورة الحاقة، آية: 16.
  5. "فاعل"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 9-6-2019. بتصرّف.
  6. "فاعل"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 9-6-2019. بتصرّف.
  7. سورة يوسف، آية: 4.
  8. سورة يوسف، آية: 36.
  9. سورة البقرة، آية: 113.
  10. "علامات رفع الفاعل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-6-2017. بتصرّف.
  11. سورة يونس، آية: 80.
  12. سورة الممتحنة، آية: 10.
  13. سورة يوسف، آية: 23.
  14. سورة يوسف، آية: 94.
  15. سورة الطلاق، آية: 7.
  16. سورة يوسف، آية: 36.
  17. "فاعل"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 9-6-2019.