سؤال وجواب

أهل الحديث والأثر


كلها في النار إلا واحدة

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "افترقتِ اليهودُ على إحدَى وسبعينَ فِرقَةً، فواحدةٌ في الجنةِ وسبعين في النارِ، وافترقتِ النّصارى على اثنينِ وسبعينَ فرقةً، فواحدةٌ في الجنةِ وإحدى وسبعينَ في النارِ، والذي نفسي بيدهِ لتفتَرِقنّ أمّتي على ثلاثٍ وسبعينَ فرقةً، فواحدةٌ في الجنةِ وثنتينِ وسبعينَ في النارِ، قيلَ: يا رسولَ اللهِ من هم؟ قال: همُ الجماعَة" [١]فظهر التفرق في السياسة والعقيدة والمنهج أواخر عهد الصحابة مثل الشيعة والمرجئة والخوارج، والجماعة أي إجماع علماء المسلمين الثقات، وهم الفرقة الناجية أهل الحديث والأثر، ومن اتبع هديهم وسنتهم وسنبين من خلال هذا المقال من هم أهل الحديث والأثر؟ وما هي صفاتهم؟ [٢]

أهل الحديث والأثر

إن لفظ أهل الحديث والأثر يشمل كل من عمل بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- وقدمه على كل ما سواه، سواءً كان من العلماء الحفاظ أو من عامة المسلمين، وأهل الحديث والأثر هم الفرقة الناجية المنصورة التي قال عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي يُقاتِلُونَ علَى الحَقِّ ظاهِرِينَ إلى يَومِ القِيامَةِ، قالَ: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، فيَقولُ أمِيرُهُمْ: تَعالَ صَلِّ لَنا، فيَقولُ: لا، إنَّ بَعْضَكُمْ علَى بَعْضٍ أُمَراءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هذِه الأُمَّةَ" [٣]فهي طائفة قائمة على تعظيم السنة ونشرها، إنهم الذين اعتنوا بالحديث ليس فقط حفظًا وفهمًا، وإنما جعلوه قاعدةً في حياتهم ينطلقون منها، ومنهاجًا في مسيرتهم يسيرون عليه، ومن خصالهم محبة القرآن العظيم وكلام سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم- وهذه الطائفة تفهم الكتاب بالفقه الحنفي، ومرجعاً للناس يعلمهم ويرشدهم، هاجر الشيخ الألباني بصحبة والده إلى دمشق الشام للإقامة الدائمة فيها، بعد أن انحرف أحمد زاغو -ملك ألبانيا- ببلاده نحو الحضارة الغربية العلمانية، أتم العلامة الألباني دراسته الابتدائية في مدرسة الإسعاف الخيرية في دمشق بتفوق، ثم اتجه لدراسة الحديث الشريف، فتفوق وبرع فيه، يقول الشيخ ابن باز -رحمه الله-: ما رأيت تحت أديم السماء عالمًا بالحديث في العصر الحديث مثل العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ثم أقام في الأردن، يأتيه الناس من كل حدب وصوب، عاش حياته مدافعًا عن سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- زاهدًا في الدنيا عالمًا ربانيًا. [٥]

واجب المسلم تجاه أهل الحديث والأثر

قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [٦] وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {فضلُ العالمِ على العابِدِ، كفَضْلِي علَى أدناكم، إِنَّ اللهَ -عزَّ وجلَّ- وملائِكتَهُ، وأهلَ السمواتِ والأرضِ، حتى النملةَ في جُحْرِها، وحتى الحوتَ، ليُصَلُّونَ على معلِّمِ الناسِ الخيرَ}، [٧] والعلماء الذين يجب توقيرهم هم أهل الحديث والأثر -أصحاب المنهج السليم وأتباع السلف الصالح والعقيدة الصحيحة-، ومن توقير العلماء: السؤال عنهم ومزاورتهم والدفاع عنهم ونشر علمهم وتعظيم منزلتهم عند العامة والخاصة، وهذا ما درج عند السلف والتابعين، كالإمام أحمد والشافعي وأبي ثور وإسحاق والأوزاعي، وكان مجاهد من سودان مكة -مولى لابن عباس- وكان ابن عمر يأخذ له الركاب ويسوي عليه ثيابه إذا ركب الدابة، وصلى زيد بن ثابت على جنازة ثم قربت له بغلة ليركبها، فجاء ابن عباس فأخذ بركابه فقال له زيد: خل عنك يا ابن عم رسول الله، فقال ابن عباس: هكذا يفعل بالعلماء والكبراء، والناس انقسموا ثلاثة أقسام: قسم جفوا العلماء وطعنوا فيهم وتركوا ما يجب عليهم من التوقير، فهؤلاء فيهم شبه بالخوارج سفهاء الأحلام الذين يركبون الدين بالحماس والغيرة على غير وفق الشرع، وقسم وقروهم وغلوا فيهم حتى رفعوهم فوق منزلتهم فجعلوهم في منزلة الأنبياء المعصومين، وربما عبدوهم من دون الله كالرافضة والصوفية، وقسم توسطوا فيهم فوقروهم وعظموهم واقتدوا بهم بما معهم من الحق واعتذروا عن خطأهم، فهؤلاء أهل السنة المتبعين للسلف الصالح.[٨]

المراجع[+]

  1. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم: 1492، إسناده جيد رجاله ثقات .
  2. ^ أ ب "من هي الفرقة الناجية ؟ "، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-13. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم: 156، صحيح .
  4. "ألقاب أهل الحديث ومراتبهم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-14. بتصرّف.
  5. "نبذة مختصرة عن السيرة الذاتية لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين بن الحاج نوح الألباني رحمه الله تعالى "، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-14. بتصرّف.
  6. سورة المجادلة، آية: 11.
  7. رواه الألباني، في صحيح الجامع ، عن أبو أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 4213، صحيح .
  8. "توقير العلماء من سمات أهل السنة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-17. بتصرّف.