بحث عن الدولة العباسية
الخلافة الإسلامية
منذُ وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حَدَثَ جدلٌ بين الصحابة -رضي الله عنهم-، حتّى خلال فترة الخلافة الراشدة وقعت خلافات بين الصحابة بلغت ذروتها في الفتنة الكبرى بين عليّ هشام بن عبد الملك وانتقال الحكم على أربعة خلفاء بعده كانوا جميعهم على درجة من الضعف لم تسمح لهم بإعادة الاستقرار للدولة واستعادة عافيتها، في ذلك الوقت كانت الحركات الانفصالية والثورات في ازدياد كبير، وكان هناك تذمُّر كبير بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، كما دفع التمييز العنصري الذي قام به الأمويون خلال فترة حكمهم وتمييز العرب على غيرهم من الشعوب دفع إلى نقمة الشعوب ضدَّهم، وكانت الدعوة العباسية من أهم الحركات النشطة في ذلك الوقت.[٢]
حيثُ بدأت الدعوة العباسية التي تدعو لقيام الدولة العباسية على يد محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب والد أبي العباس السفاح وأبي جعفر المنصور، وأقام في الحميمة أثناء الدعوة حيثُ التزم بالدعوة السرية، ثمَّ أوصى بها لولده إبراهيم الإمام الذي تمَّ اعتقاله من قبل الخليفة مروان بن محمد في ذلك الوقت، ومات في السجن، فاستلمَ الدعوة من بعده أخوه أبو العباس السفاح، الذي بدأ ينشط لدعوته ويحرِّضُ حلفاءه في القرى والمناطق البعيدة الناقمة على العباسيين من فرس وموالين لآل البيت، في إيران والعراق وهي مناطق بعيدة عن مركز الخلافة الأموية في دمشق، فأرسل أبا مسلم الخراساني الذي أعلن في خراسان قيام الدولة العباسية وقضى على والي الأمويين هناك ودانت له خراسان.[٢]
وانتقل أبو العباس السفاح إلى الكوفة، وأخذَ البيعة من أهلها وسار بجيش لملاقاة جيش الأمويين بقيادة مروان بن محمد، فانتصر العباسيون وطارد أبو العباس فلول الأمويين، وقتلَ مروان بن محمد وبقية السلالة الأموية وبالغ في سفك الدماء لذلك سُمِّيَ بالسفاح، وفتح الشام ومصر ودانت له كل الدولة الإسلامية بعد ذلك ولم ينجُ من الأمويين إلا عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الذي هرب إلى الأندلس وأسس إمارة أموية هناك، وعند ذلك قامت الدولة العباسية بشكل رسمي في عام 750م.[٢]
لم تطُل مدة حكم أبي العباس حتّى توفي واستلم الخلافة بعده أخوه الذي ساعده على تمكين الحكم العباسي أبو جعفر المنصور عام 754م والذي يعدُّ المؤسّسَ الحقيقيّ للدولة العباسية، بدأ عهده بإخماد الثورات التي اندلعت في الدولة العباسية الناشئة، فقضى على ثورة عمه عبد الله بن علي وسجنه هو ومن معه حتى وفاته، ثمَّ قضى على أبي مسلم الخراساني بعد ما قدمه من خدمات جليلة من أجل قيام الدولة العباسية، إلا أنَّ أبا جعفر خشيَ من تمدُّد نفوذ أبي مسلم الخراساني فعزمَ على القضاء عليه إلى أن تمكَّن منه وقتله، ثمَّ قضى على آخر ثورة في المدينة المنورة كانت قد أيدَت محمد النفس الزكية وبذلك أستتبَ الأمن وهدأت أطراف الدولة العباسية وتمكَّن العباسيّون من السيطرة الفعلية على الدولة الإسلامية العظمى لأكثر من خمسة قرون. [٣]
وقام أبو جعفر المنصور ببناء مدينة بغداد التي استمرّت فترة بنائها عشر سنوات تقريبًا، ونقل عاصمة الدولة العباسية إليها، بعدَ وفاته تولَّى الخلافة بعده ابنه محمد المهدي الذي استمرَّ حكمه عشر سنوات ثمَّ توفي وقد أوصى بالخلافة لابنه موسى الهادي الذي لم يطُل حكمه وتوفي مسمومًا، فتولَّى الخلافة في ذلك الوقت أخوه هارون الرشيد، وقد كانت فترة حكم هارون الرشيد هي فترة العصر الذهبي في عمر الدولة العباسية، حيثُ اهتمَّ بالإصلاحات الداخلية أكثر وبنى القصور الفخمة والمساجد الكبيرة، وتمَّ في عهده استخدام القناديل لإضاءة الشوارع والمساجد لأول مرة، وتطوَّرت العديد من العلوم وتمَّ إنتاج العديد من الابتكارات مثل الساعة المائية، وأعطى أهمية كبيرة للزراعة وبناء الجسور والقناطر والترع والجداول التي تصل بين الأنهار، وشجَّع التبادل التجاري بين ولايات الدولة، وبنى مدينة الواقفة بالقرب من مدينة الرقة، وفي عهده كانت آخر محاولة لفتح القسطنطينية باءت بالفشل إلى أن تمَّ فتحها في عهد السلطان العثماني محمد الفاتح عام 1453م. [٢]
بعد أن توفي هارون الرشيد تولى ابنه الأمين الخلافة حسب وصيّة أبيه لكنَّه عزل المأمون من ولاية العهد لتعيين ابنه، فقام المأمون بثورة ضدَّ الأمين وخاض الأخوان معارك ضارية استمرت أربعة سنوات انتهت بمقتل الأمين وانتصار المأمون واستلامه لزمام الحكم، وفي عهد المأمون تابع على نهجِ والده وشجَّع الترجمة والعلوم من طب وفلسفة وفلك ورياضيات فازدهرت الدولة ثقافيًا، وغدت بغداد مركزًا لطلب العلم في العالم، وأولى اهتمامًا خاصًّا بعلوم اليونان، وأسس جامعة بيت الحكمة في بغداد، توفي المأمون عام 833م وأوصى بالخلافة لأخيه المعتصم الذي سار على نهجِ سلفه في الترجمة ونهضة العلوم، أسس مدينة سامراء وقام بفتح مدينة عمورية قرب أنقرة، وقام بالقضاء على ثورة بابك الخرمي الذي أنشأ دولة كبيرة في أذربيجان استعصت على الدولة العباسية عشرين عامًا. [٤]
بعد عهد المعتصم بدأت الدولة العباسية بالتراجع والتفكك وهي تعيش مرحلة الضعف التي استمرت لقرون بين تناحر الأتراك والعرب والفرس على الحكم وعلى مناصب الدولة، كما ظهرت الدويلات التي اقتسمت الدولة العباسية، وهذا كان منذ بدايتها، كما حدث في الأندلس التي استقلَّ بها عبد الرحمن الداخل، والأدارسة في المغرب العربي، وأما في عصر الضعف والانحطاط فلم يبقَ مع العباسيين إلا العراق في معظم الأوقات، حيث ظهرت الدولة الفاطمية والحمدانية والصفوية والسلاجقة وغيرها من دول المماليك إلى أن انتهت الدولة العباسية فعليًّا على أيدي المغول عام 1258م بعد أن دخلوا إلى بغداد وقتلوا الخليفة المستعصم بالله، لكن بعد ثلاث سنوات تمَّ وضع خليفة عباسي للمسلمين وتحت وصاية المماليك ليضفوا شرعيةً على حكمهم واستمرَّت الخلافة العباسية بشكل رمزي حتى عام 1517م بعد أن تنازل الخليفة العباسي المتوكل على الله الثالث عن الخلافة للسلطان العثماني سليم الأول وبدأ عهد جديد في تاريخ الدولة الإسلامية. [٢]المراجع[+]
- ↑ "الخلافة الإسلامية"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 14-06-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج "الدولة العباسية"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "خلافة أبي جعفر المنصور"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "عباسيون"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 15-06-2019. بتصرّف.