تعريف الأسطورة لغة واصطلاحًا
الأسطورة
الأسطورة هي مجموعة من الأفكار والمعتقدات الشبيهة بالقصص انتقلت بين الأجيال قبيل نشر الإسلام، فكانت الأسطورة سبيلًا للتعبير عن الحياة والطبيعة، وانتهجت نحو موضوعات مختلفة وقصدت أهدافًا معينة، تلك الأهداف التي جاءت في إطار عمل قصصي موسيقي، ولكنّه في مجمله كان كثيرًا ما يتّجه إلى عبرة وعظة ومن أشهر الأساطير: أسطورة العنقاء وملحمة جلجامش وأسطورة أدونيس وغيرها من الأساطير التي تشكّلت واختلفت صياغتها، ورغم أنّها شيء من الخيال، إلّا أنه ثمّة سحر رائع يشد المتلقي في قراءتها، وفي هذا المقال سيتمّ تعريف الأسطورة لغة واصطلاحًا.
تعريف الأسطورة لغة واصطلاحًا
الأسطورة في اللغة هي من سطر وهي بمعنى تقسيم وتصفيف الأشياء، فالأسطورة تعني الكلام المسطور المصفوف، ولا يشترط فيها أن تكون مدّونة أو مكتوبة، ولكن بالضرورة هي الكلام المنظوم سطر وراء سطر، فتظهر مصفوفة كقصائد الشعر ما يسهل حفظها وتداولها ويحافظ على بنيانها وكلماتها، وعلى ذلك يقول المعاندون للقرآن "ما هذا إلا أساطير"، ولم يروا الأساطير مكتوبة، وإن أغلبهم ليس لهم علم بتدوينها بل هو علم تناقلوه شفويًا بسطورها المحفوظة، والكلمة عربية الأصل وجذرها من الفعل الثلاثي سَطَرَ، وباعتبار أنّ لكلِّ كلمة مشتقة في العربية جانبين: الأول مادّتها والثاني صيغتها أو وزنها فمادة كلمة "أسطورة" تقوم على جذر يدل على المعنى العام الذي يجمع بين سائر المشتقات، أما وزنها فمن أوزان لغتنا العربية، فأسطورة على وزن "أُفعولة" كأحدوثة وألعوبة وغيرها، وجمعها أساطير على وزن "أفاعيل" كأحاديث وألاعيب.
وهذا ما يؤكّد أن كلمة أسطورة هي إحدى اشتقاقات الجذر الثلاثي سَ طَ رَ على وزن أُفْعُولة، ومن معلومات علم الأساطير أنّها تعدّ جزءًا من التراث القديم الذي يعبّر عن نتاجات الأولين وأفكارهم وانعكاس تعليم القوى الربانية لهم، إذًا فالأسطورة هي القصة الشعرية المصفوفة زجلًا أو شعرًا، بحيث تَحوي موضوعًا دينيًّا يتعلّق بالقوى العلويّة والخفيّة، وتعبّر عن معارف الإنسان الأول وأخلاقه ومستويات علومه وتأملاته، وهي موضوعة في قالب ذي إيقاع شعري موسيقي يتضمن الحدث المراد تأريخه سواء كان من صنع الإنسان أو الطبيعة أو الربّ، لأجل أن يتلى ويُتداول ويؤدي دوره في تثقيف العقول وتحريك المشاعر.[١]
موضوعات الأسطورة
تتعلّق معظم الأساطير القديمة بالآلهة، وهذه الآلهة التي كانت تتمتع بتعدادها واختصاصها بالطبيعة، فكانت الآلهة في الأسطورة تتمتع بقوى خارقة ولكنها بالمقابل كانت تنساق وراء العواطف كالحب، وكانوا يمرون بالتجارب الإنسانية كالولادة والموت، كانت الأساطير مجرد خرافات وتخيّلات وأوهام لتفسير أحداث كونية، ولم تكن تستند إلّا إلى الظن، ولكن الأسطورة باللنسبة للقارئ الآن هي ليست مجرد قصص بل أصبحت وثائق تنقل لنا العادات القديمة المختلفة وطرق الحياة المتعددة.
قسمت موضوعات الأساطير إلى مجموعتين هما: أساطير الخلق وأساطير التعليل، يقصد بأساطير الخلق هي التي تحاول أن تدخل بموضوعات الكون وتفسر خلق البشر وظهور الآلهة، أمّا الأساطير التعليلية فإنها تهدف إلى تفسير الظواهر الطبيعية، فتعلقت موضوعات هذه الأساطير بمسائل الموت والحياة والشمس والبحر والطبيعة جلّها، وتداخل الخير والشر في حبكتها. [٢]
معايير الأسطورة
وفي آراء الأدباء بموضوع الأسطورة وتعريفاتها فيرى أحمد كمال زكي أن الأسطورة هي علم قديم أي من العلوم الأولى وأن الأسطورة هي من أقدم المصادر الخاصة بالمعرفة الإنسانية، ويضيف أن كلمة أسطورة ترتبط ببداية الإنسان الأولى، فالأسطورة هي بداية حركة حضارية متصلة الحلقات [٣]، أمّا فراس السواح فقد قدّم اختلافًا بين النص الأسطوري والنصوص الأخرى، ومن الاختلافات والمعايير التي حددها فراس السواح وقسمها فيما يأتي: [٤]
- من حيث الشكل، الأسطورة هي قصة بما تحويه من حبكة وعقدة وشخصيات مصاغة في قالب شعري يساعد على سرعة تداولها وحفظها ويزودها بأثر على العواطف والقلوب.
- يحافظ النص الأسطوري على ثباته عبر فترة طويلة من الزمن، وتتناقله الأجيال طالما حافظ على طاقته الإيحائية بالنسبة إلى الجماعة دون أن يعني ذلك الجمود أو التحجر، فالفكر الأسطوري قادر على خلق أساطير جديدة أو تجديد الأساطير نفسها أو تعديلها.
- تتميز موضوعات الأساطير بالجدية والشمولية، مثل مواضيع التكوين والأصول والموت والعالم الآخر ومعنى الحياة وسرّ الوجود، وهي تشترك في موضوعاتها مع الفلسفة إلا أنّ الفلسفة تلجأ إلى المحاكمة العقلية للمفاهيم والعلوم بينما تلجأ الأساطير إلى الخيال والعاطفة والترميز.
- تبعث الأسطورة رسالة غير زمنية وغير مرتبطة بفترة ما، بل إنها رسالة سرمدية خالدة تنطق من وراء تقلّبات الزمن الإنساني تجعلها أكثر صدقًا وحقيقة عند المؤمن بها من أي مضامين تاريخية أو روائية أخرى.
وبذلك، فإنّ تعريف الأسطورة لغة واصطلاحًا يمثّل ملخّصًا للمفاهيم والأفكار المُعبَّر عنها بالكتابات والرسوم المتداوَلة، وترتبطُ الأسطورة ببداية الحياة على الأرض، إذ ابتُدِعت الأساطير للتعبير عن الأفكار والعقائد والأخلاق والنظرة إلى الكون والحياة والإنسان.
المراجع[+]
- ↑ مؤلفون عرب (2009)، الأسطورة توثيق حضاري (الطبعة الأولى)، دمشق: دار كيوان للطباعة والنشر، صفحة 21-26. بتصرّف.
- ↑ "أسطورة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2019/06/17. بتصرّف.
- ↑ أحمد كمال زكي (1967)، الأساطير (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، صفحة 44. بتصرّف.
- ↑ فراس السّواح (2001)، الأسطورة والمعنى (الطبعة الثانية)، دمشق: دار علاء الدين للنشر والتوزيع والترجمة، صفحة 12. بتصرّف.