مقاصد سورة الناس
محتويات
سورة الناس
سورة الناس سورة من قصار السور في القرآن الكريم، وهي من سور المفصل، وهي سورة مكية نزَلتْ على النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- في مكة المكرمة، يبلغ عدد آيات هذه السورة ست آيات، وهي آخر سورة في ترتيب سور المصحف الشريف، تقع في الجزء الثلاثين والحزب الستين، وهي سورة من المعوذتين والسورة الأخرى هي سورة الفلق، قال تعالى في مطلع سورة الناس: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}[١]، وفيما يأتي من هذا المقال سيتم تسليط الضوء على مقاصد سورة الناس وأسباب نزولها وفضلها وسبب تسميتها.
أسباب نزول سورة الناس
قبل الحديث عن مقاصد سورة الناس، لا بدَّ من الإشارة إلى سبب نزول هذه السورة المباركة، ومن المعروف إنَّ سورة الناس من المعوذتين، والمعوذة الأخر هي سورة الفلق، وهما آخر سورتين في القرآن الكريم، وقد نزلتا معًا، وقد ذكر بعض أهل العلم سببَ نزول هاتين السورتين، وفيما يأتي بعض أقوال العلماء في سبب نزول سورة الناس والفلق:[٢]
- جاء في كتاب أسباب النزول للواحدي ما يأتي: "كانَ غلامٌ من اليهود يخدمُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فأتتْ إليه اليهودُ ولم يزالوا به حتَّى أخذَ مشاطة النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وعدة أسنان من مشطِهِ فأعطاها اليهود فسحروهُ فيها، وكان الذي تولى ذلك لبيد بن أعصم اليهودي، ثمَّ دسَّها في بئر لبني زريق يقال لها ذروان، فمرضَ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وانتثرَ شعرُ رأسِهُ ويرى أنه يأتي نساءه ولا يأتيهن وجعل يدور ولا يدري ما عراهُ، فبينما هو نائم ذاتَ يوم أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسِهِ والآخرُ عندَ رجليهِ، فقال الذي عند رأسهِ: ما بالُ الرَّجل؟ قال: طب، قال: وما طب؟ قال: سحر، قال: ومن سحره؟ قال: لبيد بن أعصم اليهودي، قال: وبم طبَّه؟ قال: بمشطٍ ومشاطة، قال: وأين هو؟ قال: في جفِّ طلعة تحت راعوفة في بئر ذروان، والجف: قشر الطلع، والراعوفة: حجر في أسفل البئر يقوم عليه المائح، فانتبه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقال: يا عائشة ما شعرتُ أنَّ الله أخبرني بدائي، ثم بعثَ عليًا والزُّبير وعمار بن ياسر فنزحوا ماء تلك البئر كأنَّهُ نقاعةُ الحِنَّاء ثم رفعوا الصَّخرة وأخرجوا الجف فإذا هو مشاطة رأسِهِ وأسنان مشطه، وإذا وتر معقد فيه أحد عشر عقدة مغروزة بالإبر، فأنزل الله تعالى سورتي المعوذتين فجَعَلَ كلما قرأ آية انحلَّتْ عقدةٌ ووجدَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- خفَّةً حتَّى انحلَّتْ العقدة الأخيرة فقام كأنَّما نشط من عقال، وجعل جبريل -عليه السَّلام- يقول: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن حاسد وعين الله يشفيك، فقالوا: يا رسول الله أولا نأخذ الخبيث فنقتله، فقال: أما أنا فقد شفاني الله وأكره أن أثير على الناس شرًا".
- وجاء في كتاب لباب النزول للسيوطي: "عن رقية شرعية وآيات قيِّمات فيهنَّ دعوةٌ صريحة من الله -سبحانه وتعالى- لتوحيده وإفراده في الألوهية دون غيره، فهو ربُّ الناس أجمعين، ومن مقاصد سورة الناس أيضًا التحصُّن باسم الله العظيم والاستعانة والاعتصام والاستعاذة باسم الله -سبحانه وتعالى- من شرِّ شياطين الجنَّ والإنس، قال تعالى في سورة الناس: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَٰهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}[٣]، فعلى الإنسان أن يستعيذ بملك الناس وربِّهم وإلههم من شرِّ ما توسوس به شياطين الإنس والجنِّ، وقد جاءت الأحاديث النبوية الشريفة تدعو إلى قراءة هذه السورة في حالات الرقية وغيرها من الذكر والتحصين دليلًا وتأكيدًا على ما ورد من مقاصد سورة الناس، والله تعالى أعلم.[٤]
فضل سورة الناس
بعد ما وردَ من مقاصد سورة الناس، جدير بالذكر إنَّ هذه السورة المباركة من أعظم سور الكتاب، فقد كثرت الأحاديث النبوية الصحيحة التي تدلُّ وتشير إلى فضل هذه السورة المباركة، وفيما يأتي بعض هذه الأحاديث:[٥]
- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنه قالت: "إنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما فَقَرَأَ فِيهِما: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ"[٦].
- وفي حديث حسن صحيح عند الألباني، روى عبد الله بن خبيب -رضي الله عنه- قال: "خَرَجْنا في ليلةِ مَطَرٍ وظُلْمةٍ شديدةٍ نَطْلُبُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، فأَدْرَكْناهُ، فقال: قُلْ، قلتُ: ما أقولُ؟ قال: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}[٧]؛ والمَعُوذَتَيْنِ، حين تُصْبِحُ وحين تُمْسِي ثلاثَ مراتٍ؛ تَكْفِيكَ من كلِّ شيءٍ"[٨]
- وعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أنَّه قال: "كنتُ أقودُ برسولِ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- ناقتَه في السَّفرِ، فقالَ لي: يا عقبةُ ألا أعلِّمُك خيرَ سورتينِ قُرئتا؟ فعلَّمني قُلْ أعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، قال: فلم يَرني سُرِرْتُ بِهما جدًّا، فلمَّا نزلَ لصلاةِ الصُّبحِ، صلَّى بِهما صلاةَ الصُّبحِ للنَّاسِ، فلمَّا فرغَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- منَ الصَّلاةِ التفتَ إليَّ، فقالَ: يا عقبةُ كيفَ رأيتَ"[٩].
سبب تسمية سورة الناس
في خاتمة ما ورد من مقاصد سورة الناس وفضلها وسبب نزولها، يمكن القول إنَّ هذه السورة المباركة سُمِّيت بسورة الناس لتكرار لفظ الناس في آياتها الستة، فقد تكرّر لفظ الناس في كلِّ آية من آياتها باستثناء الآية الرابعة، وفي الآيات الخمسة البقية تكرَّر لفظ الناس، لذلك سمِّيت هذه السورة بسورة الناس، والله تعالى أعلم.[٤]المراجع[+]
- ↑ سورة الناس، آية: 1.
- ↑ "سبب نزول جبريل بـ (المعوذتين)"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الناس، آية: 1-6.
- ^ أ ب "تفسير سورة الناس"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "سورة الناس"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 5017، صحيح.
- ↑ سورة الإخلاص، آية: 1.
- ↑ رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن عبد الله بن خبيب، الصفحة أو الرقم: 2104، حسن صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 1462، صحيح.