مقاصد سورة الحجر
محتويات
سورة الحجر
في القرآن الكريم مئة وأربع عشرة سورة، وسورة الحجر من سور القرآن الكريم المكيّة التي نزلت على الرسول -عليه السلام- قبل الهجرة النبوية باستثناء الآية السابعة والثمانون لأنها آية مدنية، نزلت على الرسول -عليه السلام- في المدينة المنورة، وقد نزلت سورة الحجر بعد سورة يوسف، وهي من السور المثاني، ومجموع آياتها تسعٌ وتسعون آية، وترتيبها في المصحف الشريف السورة الخامسة عشرة، وهي في الجزء الرابع عشر والحزب السابع والعشرين، وقد بدأت سورة الحجر بأحرف مقطعة "آلر"، وفي هذا المقال سيتم ذكر مقاصد سورة الحجر.
مقاصد سورة الحجر
سورة الحجر مثلها مثل باقي السور المكية التي تتحدث في مضمونها العام عن أصول الدين والعقيدة مثل: التوحيد وإنذار الظالمين والعاصين، بالإضافة إلى حديثها عن الأقوام السابقة وما حلّ فيها، أما أهم مقاصد سورة الحجر فتبدأ ببيان عظمة القرآن الكريم بوصفه كتابٌ مبين، يهدي إلى الطريق المستقيم والحق، ورغم هذا يُكذب به المشركون والجاحدون، ومن أخذ به فقد فاز في الدنيا والآخرة.[١]
ومن مقاصد سورة الحجر الحث على اغتنام فرصة النجاة والالتحاق بقافلة الإسلام قبل أن تضيع الطريق ويأتي اليوم الذي يتمنى فيه المعرضون لو أنهم مسلمون، ولن ينفعهم ذلك يومئذٍ، ولن يغني عنهم العذاب، وبيان كيف أن طول الأمل يُلهي الإنسان فيظلّ يجري وراء الدنيا ولا يتذكر أنّ الموت قريب، ومن مقاصد سورة الحجر أيضًا أنها بينت كيف أن سنن الله -تعالى- ثابتة وباقية ولا تختلف ولا تتغير، وأن اندثار الأمم وهلاكها جاء بسبب سلوكها غير القويم، إذ يقول -تعالى-: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ * مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ}،[٢]ولهذا فإنّ حسب العمل يكون الجزاء.[١]
بيّنت السورة أن القرآن الكريم محفوظٌ من الله، وأنّ نصوصه لا تتحرف ولا تتبدل، ومن مقاصد سورة الحجر أنها بينت نموذج للإنسان كيف تُغلق بصيرته وتفسد فطرته ويُصبح غير قادرٍ على استقبال الحق، وذلك في قوله -تعالى-: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ}،[٣]كما بينت أن الجمال هو من الغايات المقصودة في هذا الكون، وهذا الجمال لا يناله رجس أو دنس ولا يستطيع الشيطان أن يعبث به، وبيّنت أن أرزاق العباد مقدرة بيد الله -تعالى-، إذ يقول -تعالى: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ * وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ}،[٢][١]
وبينت أن الموت والحياة بيد الله وحده الذي سيرث الأرض ومن عليها، وأنّ أصل الإنسان والحياة كلّها من طين، بيّنت السورة وجود معركة مصيرية وخالدة بين الإنسان والشيطان على الأرض، تبدأ باستدراج الشيطان للإنسان وإبعاده عن منهج الله -تعالى-، لكن الذين يؤمنون بوحدانية الله ويخلصون في العبادة فلن يكون للشيطان عليهم أيّ سبيل، وتُبيّن السورة أن المتقين يُراقبون الله في حركاتهم وجميع سلوكهم.[١]
قدمت السورة أيضًا نماذج عدة من رحمة الله وعذابه بذكر قصص إبراهيم -عليه السلام- ولوط وأصحاب الحجر وأصحاب الأيكة، وأكدت السورة أن الساعة آتية لا ريب فيها، وأكدت على خلق السماوات والأرض وما بينهما، وركزت على طبيعة الدعوة التي يحملها النبي -عليه السلام-: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ}،[٢]وبينت السورة أن الحق عميقُ جدًا، وأن القرآن الكريم من عناصر هذا الحق، ودعت أمه محمد -عليه السلام- إلى عدم الاغترار بما آتاهم الله، لأنّ هذا ابتلاء امتحانٌ من الله -تعالى-، ووجهت السورة خطابًا للرسول -عليه السلام- أن يمضي بما أمره الله به وأن يُسبح الله ويحمده.[١]
سبب تسمية سورة الحجر
سُميت سورة الحجر لذكر الحجر فيها، وذلك في الآية الثمانين في قوله -تعالى-: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ}[٤]، حيث ذكرت هذه الآية قوم صالح الذين أسماهم الله -تعالى- أصحاب الحجر، حيث تحدثت هذه السورة عن أصحاب الحجر في خمس آيات، وسورة الحجر هي السورة الوحيدة التي ذكرت قوم ثمود بأصحاب الحجر، والحجر هي منازل ثمود، أرسل الله إليهم النبي صالح -عليه السلام-، علمًا أن مساكنهم موجودة إلى اليوم والتي تسمى مدائن صالح التي توجد في الأردن.[١]
أسباب نزول سورة الحجر
سبب نزول سورة الحجر ورد في السنة النبوية الشريفة، ومن هذه الأحاديث، عن عبد الله عن عباس -رضي الله عنه- قال: "كانتْ تُصلِّي خلفَ النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- امرأةٌ حسناء في آخر النساء، وكان بعضُهم يتقدَّمُ إلى الصَّفِّ الأوَّل لئلا يراها، وكانَ بعضُهم يكونُ في الصَّفِّ المُؤخر، فإذا ركعَ قالَ هكذا -ونظر من تحتِ إبطهِ- فنزلتْ: "وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ". قال الربيع بن أنس: حرّضَ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- على الصَّفِّ الأوَّل في الصَّلاة، فازدحمَ النَّاس عليه، وكان بنو عذرة دورُهُمْ قاصيةٌ عنِ المسجدِ، فقالُوا: نبيعُ دورَنا ونشتري دورًا قريبةً منَ المَسجدِ، فأنزل الله تعالى قولَهُ: "وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ"[٥]، ومن المعروف أن سورة الحجر نزلت في مرحلة صعبة وظروف شديدة من تاريخ الدعوة الإسلامية، وهو نفس العام الذي سمي عام الحزن حيث توفيت فيه أم المؤمنين خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- وعم الرسول -عليه السلام- أبو طالب.[٦]
فضل سورة الحجر
فضل سورة الحجر فضلٌ عام وخاص، وفضلها العام هو فضل القرآن الكريم الذي فيه الخير والبركة، أما فضلها الخاص هو أنها قدّمت قيمًا عظيمة للمؤمنين، لأنها تحدثت عن خلق الإنسان وعن الميزات التي شرفه الله بها دون غيره من المخلوقات، كما أنّ ذكرها لقصة إبراهيم ولوط -عليهما السلام- وأصحاب الحجر وأصحاب الأيكة الكثير من العبر والمواعظ، خصوصًا أنّ الله -تعالى- أهلكهم بكفرهم، وفيهذا تحذير وإنذار للناس من خطر المعصية، وفيها دعوة لاتباع أوامر الله -تعالى-.[٧]المراجع[+]
- ^ أ ب ت ث ج ح "مقاصد سورة الحِجر"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت سورة الحجر، آية: 4- 5.
- ↑ سورة الحجر، آية: 14- 15.
- ↑ سورة الحجر، آية: 80.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبد الله بن العباس، الصفحة أو الرقم: 869، صحيح.
- ↑ "أسباب النزول"، www..islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "وقفات مع سورة الحجر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-06-2019. بتصرّف.