دور الخيزران السياسي في العصر العب
محتويات
النساء في التاريخ
لم يشهد التاريخ الإسلامي صورًا كثيرة من دور النساء في الجانب السياسي، إذ كان الرجال يملؤون المشهد في أغلب الأحيان، ولكن الأمر قد اختلف في العصر العباسي خصوصًا في عهد الخليفة العباسي المهدي، إذ كان للنساء خلطة كبيرة به، وكنَّ ذوات سلطة لم تشهدها الدولة العباسية من قبل، وكان لدور الخيزران السياسي في العصر العباسي أثر كبير في أمور الحكم، ما أثار حفيظة عبد الله بن المقفع إذ قال: "أمور كثيرة لا يجترئ عليها إلا أهوج، ولا يسلم منها إلا قليل: صحبة السلطان، وائتمان النساء على الأسرار، وشرب السمّ للتجربة، وركوب البحر".[١]
دور الخيزران السياسي في العصر العباسي
هي الخيزران بنت العطاء، جارية استقدمت من اليمن إلى قصر الخليفة العباسيّ المهديّ، فأعتقها وتزوّجها، فأنجبت له ولدين موسى الهادي وهارون الرشيد، ولم يكن لامرأة أن تنجب خليفتين قبلها إلا أمّ الوليد زوجة عبد الملك بن مروان، ولم تكن الخيزران كغيرها من النساء، ولم تكن شهرتها من فراغ، إذ كانت صاحبة جرأة في التحكم في أمور السياسة والسلطة، وذلك بفضل مكانتها عند الخليفة المهدي.[٢]
وبالإضافة إلى مشاركتها السياسية، كانت شاعرة وطالبة لعلوم الحديث والقرآن، وقد روت حديثًا عن زوجها عن أبيه عن جدّه عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {من اتقى الله وقاه من كل شيءٍ}[٣] وكانت تكرم العلماء وتجزل لهم بالعطايا.[٤]
وفاة الخليفة المهدي
توفي الخليفة المهدي سنة 169هـ/785 م وهو في طريقه مع جيشه لحصار ابنه الهادي الذي رفض أن يسلم ولاية العهد لشقيقه الصغير، وتقلد الحكمَ ابنُه الهادي، لم تتغير سياسة الخيزران التي تتمثل بالتحكم بأمور السلطة، فلم يرُق للخليفة الهادي ذلك، فخاطبها مغضبًا بأن تلتزم فيما بقي من عمرها بالعبادة والطاعة وأن تترك الحكم للحاكم؛ وذلك لغيرته على أمه بأن تخالط القادة والوزراء، وقد عرف عنه الصلاح والشهامة والغيرة، وتطور الخلاف المبطن بالحقد إلى عداء ظاهر، وقيل إنّه حاول اغتيال أمّه بالسم، ولكن خبرتها كجارية أنقذتها من الموت فأعطته السمَّ عن طريق الجواري في مرضه، وقد توفّي الهادي في ربيع أول سنة 170هـ، وصلّى عليه أخوه هارون.[٥]
نقل الخلافة إلى هارون الرشيد ووفاة الخيزران
بعد تولّي هارون الرشيد الخلافة عاد للخيزران مجدُها، وحافظت على حوزتها على الأجواء السياسية ومقاليد الحكم، فقد أوعز الخليفة هارون الرشيد إلى وزيره البرمكي بألّا يتم ختم أمر بخاتم الخلافة إلا بعد إذن ومشورة الخيزران، وقد عرف عهد الخليفة هارون الرشيد بالرخاء ورغد العيش، فقد كان هارون من خير الخلفاء العباسيين وأصلحهم إذ كان يحجّ عامًا ويغزو عامًا، وكان ورعًا سريع البكاء رقيق المشاعر، وبالمقابل كان شرسًا على أعداء الإسلام حريصًا على حرمات المسلمين، عكس ما قد كذب عنه بأنه لا يعرف إلا اللهو وشرب الخمور ومراقصة الغانيات، فما هذا إلا محض كذب وافتراء عليه، أمّا الخيزران فلم يدم بقاؤها طويلًا بعد وفاة ابنها موسى الهادي، إذ توفيت بعده بسنتين عام 173هـ/ 789م، وصلى عليها ابنها هارون الرشيد، ودفنت في بغداد في الأعظمية وسميت المقبرة فيما بعد باسمها.[٦]المراجع[+]
- ↑ كردي، أمل محي الدين (2014)، دور النساء في الدولة العباسية (الطبعة الأولى)، عمان، صفحة 6.
- ↑ سولاف فيض الله حسن (٢٠١٣)، دور الجواري والقهرمانات في دار الخلافة العبّاسية، عمّان: المنهل، صفحة 73. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير الدمشقي (2015)، البداية والنهاية، القاهرة: دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع، صفحة 170، جزء 5.
- ↑ عبد أ علي مهنا (١٩٩٥)، معجم النساء الشاعرات في الجاهلية والإسلام (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الكتب العلمية، صفحة 82. بتصرّف.
- ↑ "خلافة محمد المهدي وموسى الهادي"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-06-2019. بتصرّف.
- ↑ الطبري (2017)، تاريخ الطبري، بيروت: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 373، جزء الخامس.