أحداث فتح حمص
فتح بلاد الشام
يعدُ الفتح الإسلامي لبلاد الشام سلسلةً من المعارك الطويلة التي خاضها جيش المسلمين بين عامي 12 و 19 هجرية، وكانت هذه المعارك في فترة الخلافة الراشدية، وتحديدًا في فتة خلافة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-، وقد قاد هذه المعارك عددٌ من صحابة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- كأبي عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة -رضي الله عنهم أجمعين- وكانت ضد الروم البيزنطيين، وانتهت هذه المعارك بفتح بلاد الشام وانضمامها تحت حكم دولة الخلافة الراشدية وخروج الروم البيزنطيين من الشام سنة 19 هجرية، وهذا المقال سيتحدَّث عن أحداث فتح حمص إحدى مدن بلاد الشام.
من قام بفتح حمص
قبل التفصيل في أحداث فتح حمص على يد جيش المسلمين، جدير بالذكر إنَّ القائد العسكري والصحابي الجليل خالد بن الوليد -رضي الله عنه- كانت له اليد الطولى في فتح العراق قبل أن يأتيه الأمر من الخليفة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- بالزحف بجيشه نحو الشام لمساندة جيش أبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه-، وفي الشام خاض خالد معارك كثيرة مع المسلمين أبرزها معركة اليرموك وكان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- قد عيَّن خالد بن الوليد قائدًا لجيوش المسلمين المجتمعة في الشام، ولكن بعد وفاة أبي بكر الصديق واستلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- خلافة المسلمين أمر عمر بعزل خالد بن الوليد من قيادة الجيش كي لا يظنَّ الناس أنَّ النَّصر يتحقَّق للمسلمين بفضل خالد بن الوليد، وبعد عزله شارك خالد في الحروب جنديًا من جنود الجيش وتولَّى القيادة أبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه-، وفي تلك الفترة فتُحت حمص على يدِ المسلمين بقيادة أبي عبيدة بن الجراح وليس خالد بن الوليد -رضي الله عنهما- والله تعالى أعلم.[١]
فتح بعلبك
تمهيدًا لما سيجري من أحداث فتح حمص، فبعد أن تمَّ للمسلمين فتح دمشق كاملة، مكث المسلمون فيها فترة الشتاء، ثمَّ قرروا متابعة الفتح حتَّى حمص، ومن المعروف إنَّ الطريق بين دمشق وحمص طوله 225كم، وهما طريقان أحدهما صحراوي والآخر يمرُّ عبر جبال لبنان العالية عن طريق مدينة بعلبك الكائنة في سهل البقاع في لبنان حاليًا، فأرسل أبو عبيدة بن الجراح خالدَ بن الوليد -رضي الله عنهما- إلى حمص، فسلك خالد طريق بعلبك، وقبل أن يصل بالجيش إلى المدينة، واجه قوة استطلاعية رومانية، فهاجمها وانتصر عليها، ثمَّ تقدَّم بالجيش الإسلامي حتَّى وصل بعلبك، وحاصرها، وبعد حصار دام يومًا واحدًا فقط طلب أهل بعلبك الصلح، فدخل المسلمون المدينة، وكتبوا معاهدة مع أهل بعلبك يعطونهم بها الأمان مقابل دفع الجزية، وتم فتح بعلبك بإذن الله.[٢]
أحداث فتح حمص
يمكن القول في الحديث عن أحداث فتح حمص، إنَّه وبعد فتح بعلبك اتجه جيش المسلمين إلى حمص وكان الجيش بقيادة أبي عبيدة بن الجرَّاح -رضي الله عنه- في السنة الخامسة عشرة للهجرة أي ما يوافق عام 636 ميلادية، وعندما وصل المسلمون إلى أبواب حمص قابلتهم قوة رومانية استطاع المسلمون هزيمتها ومطاردة فلول الرومان الذين تحصنوا في حمص، وقد كانت حمص في تلك الفترة محاطة بخندق مليء بالماء البادر نتيجة لذوبان الثلوج، وهو خندق طويل يحيط بحمص حيث يبدأ من قلعة حمص إلى حي الصفصافة ثمَّ باب الدريب وصولًا إلى حي باب تدمر ثمَّ إلى الشمال إلى وادي السايح، فحاصر المسلمون المدينة، وعندما رأى أهل حمص قوة المسلمين وعزيمتهم وإصرارهم على فتح المدينة، حيث كان المسلمون أثناء الحصار يتوضؤون بماء الخندق الشديد البرودة، فقال المسيحيون من أهل حمص: "جاءنا قومٌ لا طاقة لنا بقتالهم، يستعملون ماءً باردًا جدًا"، فقبل أهل حمص تسليم المدينة مقابل أن يسمح لهم المسلمون بالبقاء في بيوتهم وأموالهم وأماكن عبادتهم، فقبل المسلمون وتم فتح المدينة دون قتال يُذكر، ولم تزل وثيقة الصلح موجودة في كنيسة من كنائس مدينة حمص إلى اليوم، ولا زال المسيحيون يعيشون في حمص إلى هذه اللحظة، وهذا أبرز ما جاء في أحداث فتح حمص في سير المؤرخين والله تعالى أعلم.[٣]
