مبدأ المشروعية في القضاء الإداري
محتويات
مبدأ المشروعية
إنّ مبدأ المشروعية مبدأ عامّ وواجب التطبيق في جميع الدول الغربية والعربية على مختلف إتجاهاتها وآرائها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فالدول الحديثة والمعاصرة تسعى لإعلاء هذا المبدأ والالتزام بتطبيقه والسمو به لأنه يعد مبدأ جوهريًّا، فالسلطات الثلاث: التشريعيّة والتنفيذية والقضائية وهيائتها ودوائرها يجب أن تحرص على الالتزام بهذا المبدأ ولا تخرج عنه، وفيما يأتي توضيح حول مبدأ المشروعية في القضاء الإداري بشكل خاص، ومصادر مبدأ المشروعية، والاستثناءات على هذا المبدأ.
مبدأ المشروعية في القضاء الإداري
إن مبدأ المشروعية بمعناه العامّ يعني سيادة القانون، أي أنّ جميع الأشخاص الذين يقيمون على أرض الدولة، وبالإضافة إلى السلطات الثلاث وجميع أجهزتها وهيئاتها ودوائرها، خاضعة للقواعد القانونية سارية المفعول في الدولة، أما مبدأ المشروعية في القضاء الإداري يعني" خضوع الأعمال والتصرفات الصادرة عن السلطة التنفيذية "الإدارة العامّة" للنظام القانوني السائد بالدولة في مختلف قواعده"، ويقوم مبدأ المشروعية على مجموعة من القواعد القانونية التي يتكون منها نظام الدولة القانوني، الوارد في جميع مصادر القانون سواء أكانت هذه المصادر مكتوبة أم غير مكتوبة، والتي يعود إليها القاضي الإداري في قراراته وأحكامه الصادرة، ورغم أن مبدأ المشروعية يعد مبدأ من المبادئ القانونية واجبة التطبيق، إلا أنه قد يتضيق من نطاقه في ظل الظروف غير العاديّة والاستثنائية التي تعتري الهيئات والدوائر الإداريّة أثناء قيامها بمَهامّها لتحقيق الصالح العامّ.[١]
مصادر مبدأ المشروعية
عندما يخضع جميع الأفراد والهيئات الإدارية لمبدأ المشروعية فإنّه ينبغي مراعاة تدرج القواعد القانونية، بالتالي فإن مصادر مبدأ المشروعية في القضاء الإداري تنقسم إلى مصادر مكتوبة "مدونة" وغير مكتوبة "غير مدونة" وذلك كالآتي:[٢]
المصادر المكتوبة
وهي المصادر التي صدرت من السلطة المختصة بوثيقة مكتوبة ومتسلسة ابتداءًا من الدستور والذي يعدّ أول مصدر من مصادر المشروعية، والذي يعرف على أنّه: "مجموعة من القواعد الشرعية والنظامية الأساسية التي تحدد شكل الدولة وتبين نظام الحكم فيها وتنظم السلطات الأساسية في الدولة وتحدد اختصاصاتها والعلاقة بينها وتعين حقوق الأفراد وحرياتهم وواجباتهم"، ومن بعد الدستور تأتي القوانين العادية التي يضعها البرلمان في الدولة، وعلى جميع الهيئات والأفراد الالتزام بهذه القوانين واحترام أحكامها، أما الأنظمة واللوائح فتأتي بالمرتبة الثالثة بعد القوانين.
المصادر غير المكتوبة
تشمل هذه المصادر العُرف والقضاء، ويعدّ العُرف مصدرًا من مصادر القانون، ويُقصد به: "مجموعة من القواعد القانونية التي تنشأ ممّا دَرَجَ الناس عليها جيلًا عن جيل، والتي لها جزاء قانوني كالقانون المسنون سواء بسواء"، أمّا القضاء فإنه يضع مجموعة من المبادئ القانونية التي لا يوجد لها مصدرٌ في النصوص القانونية المكتوبة، بل يجتهد بها القضاء من ظروف المجتمع والتنظيم القانوني للدولة، وتُعطى قوة الإلزام.
الاستثناءات الواردة على مبدأ المشروعية
الأصل أنّ الإدارة تخضع لأحكام القانون في تصرفاتها وقراراتها، إلا أنه في بعض الأحيان قد ترد قيود غير متوقعة واستثنائية تخرج من نطاق المشروعية، وقد تكون هذه الظروف تشريعية أو قضائية أو راجعة إلى فكرة أعمال السيادة، ومن هذه الاستثناءات ما يأتي:[٣]
- السلطة التقديرية للإدارة: وتعني: "منح الإدارة حرية أكثر في الاختيار عند القيام بمهامها وممارسة اختصاصاتها"، لكن السلطة التقديرية للإدارة لا تعدم بشكل نهائيّ مبدأ المشروعية، هي مجرد إعطاء الإدارة عدة حلول جميعها قانونية لتقدير متطلبات الظروف الحاصلة واختيار التصرف المناسب لمثل هذا الظرف.
- حالة الضرورة: إن القوانين العادية تشرع في ظل الظروف العادية، وعلى الإدارة الالتزام بها في جميع الأوقات، إلا أنه في بعض الأحيان قد تطرأ ظروف غير عادية كالحروب والكوارث الطبيعية، يكون من غير الممكن تطبيق القوانين العادية فيها، فعلى الإدارة أن تقوم بمثل هذه الحالات بواجباتها تحقيقًا للصالح العام والحفاظ عليه.
- أعمال السيادة: تعدّ نظرية أعمال السيادة أخطر الاستثناءات على مبدأ المشروعية الإدارية، حيث تعطى السلطة التنفيذية حقوقًا في مواجهة الأفراد، ولا يسمح للقاضي الإداري التعرض له بأي صورة من صور الرقابة القضائية، لأنها تتصل بسيادة الدولة في الداخل والخارج، ولا يجوز بأيّ حال من الأحوال أن تكون مَحلًا للتقاضي.
المراجع[+]
- ↑ محمد الصغير بعلي (2005)، الوجيز في المنازعات الإدارية، عنابة-الجزائر: دار العلوم للنشر والتوزيع، صفحة 8. بتصرّف.
- ↑ خالد خليل الظاهر (2009)، القضاء الإداري (الطبعة الأولى)، الرياض-السعودية: مكتبة القانون والاقتصاد، صفحة 27-41. بتصرّف.
- ↑ نواف كنعان (2012)، القضاء الإداري الأردني (الطبعة الرابعة)، الإمارات العربية المتحدة: الآفاق المشرقة ناشرون، صفحة 41-62. بتصرّف.