مقاصد سورة الطور
محتويات
سورة الطور
في الربعين الأول والثاني من الحزب الثالث والخمسين والجزء السابع والعشرين تقع سورة الطور، السورة المكية التي نزلتْ على رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- في مكة المكرمة، وهي سورة من سور المُفصَّل، نزلتْ بعد سورة السجدة، وترتيبها الثاني والخمسون في ترتيب سور المصحف الشريف، يبلغ عدد آيات سورة الطور تسع وأربعين آية، وقد بدأت بأسلوب قسم ككثير من سور الكتاب، حيث أقسم الله تعالى بالطور وهو الجبل الذي كلَّم فيه نبيَّه موسى -عليه السَّلام- قال تعالى: {وَالطُّورِ}،[١]وهذا المقال سيسلِّط الضوء على مقاصد سورة الطور بشكل تفصيليٍّ.
سبب نزول سورة الطور
يمهِّد سبب نزول الآيات القرآنية الطريق أمام علماء التفسير لفهم مضمون السور والآيات وسبر أغوارها، فمعظم آيات القرآن الكريم نزلتْ تصديقًا لحادثة وتكذيبًا لأخرى، وجدير بالذكر أيضًا إنَّ عددًا كبيرًا من السور القرآنية لم يجئ في حقِّها أي سبب نزول عن السلف، أمّا سورة الطور فقد جاء في سبب نزول بعض آياتها، أنََّ رجالًا من قريش اجتمعوا في دار الندوة ليبحثوا في موضوع مواجهة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في دعوته التي ينشرها في مكة والتي كانت تشكلًا خطرًا عليهم وعلى وجودهم ومصالحهم، فقال رجل من قبيلة عبد الدار: "ينبغي أن ننتظرَ حتّى يموت؛ لأنّه شاعرٌ على كلّ حال، وسيمضي عنّا كما مات زهير والنابغة والأعشى"، ومن المعروف إنَّ زهير والنابغة والأعشى شعراء جاهليون، فأنزل الله تعالى قوله في سورة الطور: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ * قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ}،[٢]والله تعالى أعلم.[٣]
مقاصد سورة الطور
بعد ما جاء من سبب نزول سورة الطور، جدير بالذكر أنَّ يتم الحديث عن مقاصد سورة الطور ومضامينها والمواضيع التي تناولتها هذه السورة المباركة، ومن المعروف إنَّ هذه السورة تتألف من تسع وأربعين آية قرآنية، ولمعرفة مقاصد سورة الطور يمكن ترتيب مقاصدها وفقًا لتسلسل آياتها على الشكل الآتي:[٤]
- مقاصد سورة الطور من الآية 1 حتَّى 14: يُقسم الله تعالى في مطلع سورة الطور بالجبل الذي كلَّم الله عنده نبيه موسى -عليه السَّلام- وبالكتاب والبيت أنَّ عذاب الله تعالى لا شكَّ واقع، وأنَّ يوم القيامة آتٍ لا محالة، هذا اليوم الذي تضطرب فيه السماء وتنسف الجبال بأمر الله تعالى، ويومئذ سيكون العذاب مجهزًا للذي كانوا في الحياة الدنيا يلهون ويلعبون.
- مقاصد سورة الطور من الآية 15 حتَّى 31: تظهر هذه الآيات أيضًا حال الكافرين في جهنم، الكافرون الذين يكذبون وجود جهنم، ثمَّ تنتقل لسرد أحوال المؤمنين في نعيم الله -سبحانه وتعالى- فتعرض ككثير من سور الكتاب حال المؤمنين وما في الجنان من نعيم أعدَّه الله -سبحانه وتعالى- للمؤمنين من عباده الذين أحسنوا عملًا في الحياة الدنيا، ثمَّ توجه الآيات الخطاب إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وتأمره أن يذكَّرَ أهله ويعظهم برم سوء أدبهم معه، ثمَّ ترد الآيات على ادعاءات قريش التي تقول إنَّ محمد بن عبد الله شاعر كغيره وسيموت وينتهي أمره.
- مقاصد سورة الطور من الآية 32 حتَّى 49: ثمَّ تواصل الآيات القرآنية الرد على من أنكر رسالة محمد من المشركين، فتسخر منهم وتسرد لهم الأدلة على وحدانية الله -سبحانه وتعالى- ولكنَّهم صمٌّ بكمٌ لا يسمعون، ثمَّ تخاطب الآيات الكريمة رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- وتأمره أن يصبر لحكم الله تعالى، وأن يترك قومه في عنادهم، وأن يستعين بالله تعالى على أمر الرسالة ونشر الدعوة الإسلامية العظيمة.
أحاديث نبوية عن سورة الطور
بعد التفصيل في مقاصد سورة الطور، جدير بالإشارة إنَّ هذه السورة المباركة جاءت في السُّنَّة النبوية الشريفة في غير موضعٍ واحد، وإنَّما ورودها في صحيح السنة دليل على فضل هذه السورة المباركة، وفيما يأتي بعض مواضع ورود سورة الطور في السنة:
- روت أم سلمة هند بنت أبي أمية -رضي الله عنها- قالتْ:[٥] "شَكَوْتُ إلى رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أَنِّي أَشْتَكِي، فَقالَ: طُوفي مِن ورَاءِ النَّاسِ وأَنْتِ رَاكِبَةٌ، فَطُفْتُ ورَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُصَلِّي إلى جَنْبِ البَيْتِ، وهو يَقْرَأُ بالطُّورِ وكِتَابٍ مَسْطُورٍ".[٦]
- وعن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: [٧] "قدِمْتُ في فِداءِ أهلِ بَدْرٍ فسمِعْتُ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وهو يُصلِّي بالنَّاسِ المغرِبَ وهو يقرَأُ: {وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ}".[٨]
بيان تسمية سورة الطور
في ختام ما جاء من حديث عن مقاصد سورة الطور وسبب تسميتها، لا بدَّ من تسليط الضوء على بيان تسمية هذه السورة المباركة، فهذه السورة سُمِّيت عند السلف الصالح بسورة الطور دون ذكر واو القسم قبلها، وجاءت باسم "الطور وكتاب مسطور" في حديث أم سلمة هند بنت أبي أمية -رضي الله عنه- في صحيح الإمام البخاري الذي قالت فيه: "شَكَوْتُ إلى رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أَنِّي أَشْتَكِي، فَقالَ: طُوفي مِن ورَاءِ النَّاسِ وأَنْتِ رَاكِبَةٌ، فَطُفْتُ ورَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُصَلِّي إلى جَنْبِ البَيْتِ، وهو يَقْرَأُ بالطُّورِ وكِتَابٍ مَسْطُورٍ"،[٦]وهنا لم تُثبَّتْ واو القسم في التسمية، وفي حديث جبير بن مطعم -رضي الله عنه- أيضًا دون تثبيت حرف الواو حيث قال: "سَمِعْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: يَقْرَأُ في المَغْرِبِ بالطُّورِ، وذلكَ أوَّلَ ما وقَرَ الإيمَانُ في قَلْبِي"،[٩]وهكذا أوردها المفسرون وهكذا جاءت في المصاحف، والله تعالى أعلم.[١٠]المراجع[+]
- ↑ سورة الطور، آية: 1.
- ↑ سورة الطور، آية: 30-31.
- ↑ "سورة الطور"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 04-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "تفسير سورة الطور"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 04-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "سنة النساء أن يكنَّ وراء الرجال حين الطواف"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 04-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم سلمة هند بنت أبي أمية، الصفحة أو الرقم: 1619، صحيح.
- ↑ "شرح أحاديث عمدة الأحكام"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 04-07-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 1834، أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم: 4023، صحيح.
- ↑ "سورة الطور"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 04-07-2019. بتصرّف.