سؤال وجواب

قصص عن رحمة الله بخلقه


الرحمة

الرحمة خلق عظيم فطر الله العباد عليها، ليس العباد فقط بل حتى الحيوانات، وبهذا الخلق تبقى الأرض مستمرة في طريق حياتها، ولكن عند غياب الرحمة يصبح الإنسان وحش كاسر لا يهمه منظر الدماء والأشلاء، وعويل الآباء والأبناء، لا يهمه إلا السلطة، وفي ناكزاكي والحروب الدامية العبرة أن هذه الرحمة خُلق يجب التمثّل به، لأنها من صفات الباري -سبحانه وتعالى- فرحمته وسعت كل شيء، ومن خلال هذا المقال سيتم التطرق إلى عدة قصص عن رحمة الله بخلقه.[١]

أسباب الرحمة

من أسباب نيل رحمة الله -عز وجل- التقوى وحسن الظن به، ولا ينبغي للمؤمن أن يأمل رحمة الله مع إصراره على المعصية، فإن الله تعالى يقول: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}،[٢]أما أن يسيء الإنسان الأعمال ويتكل على سعة رحمة ربه، فإنه يُخشى عليه من مكر الله، قال الحسن البصري: إنّ المؤمن جمع إيمانًا وخشية، والمنافق جمع إساءة وأمنًا، واللهُ -عزَّ وجلَّ- يقول: "وعزَّتي لا أَجْمَعُ على عَبدي خَوْفَيْنِ ولا أَجْمَعُ لهُ أَمْنَيْنِ، إذا أَمِنَنِي في الدنيا أَخَفْتُهُ يومَ القيامةِ، وإذا خَافَنِي في الدنيا أَمَّنْتُهُ يومَ القيامةِ".[٣][٤]

وفي الحديث "أقَدِمَ علَى النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ قدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي، إذَا وجَدَتْ صَبِيًّا في السَّبْيِ أخَذَتْهُ، فألْصَقَتْهُ ببَطْنِهَا وأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: أتُرَوْنَ هذِه طَارِحَةً ولَدَهَا في النَّارِ، قُلْنَا: لَا، وهي تَقْدِرُ علَى أنْ لا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ: لَلَّهُ أرْحَمُ بعِبَادِهِ مِن هذِه بوَلَدِهَا"[٥] فتوجه الأحاديث إلى إحسان العمل لله -عز وجل- مع حسن الظن به، فيجب على العبد أن يحسن العمل والظن بالله، حتى تناله الرحمة.[٤]

قصص عن رحمة الله بخلقه

ما ورد في الحديث حول قصص عن رحمة الله بخلقه، قال الألباني: "أرأيتَ مَن عمل الذنوبَ كلَّها ولم يتركْ منها شيئًا، وهو في ذلك لم يترك حاجةً ولا داجةً إلا أتاها، فهل لذلك من توبةٍ؟ قال: فهل أسلمتَ؟ قال: أما أنا فأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأنك رسولُ اللهِ، قال: تفعل الخيراتِ، وتترك السيئاتِ، فيجعلهنَّ اللهُ لك خيراتٍ كلِّهنَّ، قال: وغَدَراتي وفَجَراتي؟ قال: نعم، قال: اللهُ أكبرُ، فما زال يُكبِّرُ حتى تَوارَى"،[٦]هذا رجل أتى إلى الرسول مثقلًا بالذنوب وقد أفلت شمس حياته، وإذا بالرسول يبشره بسعة رحمة الله فيذهب مكبرًا وتكون قصته منارًا للأجيال بعده إلى قيام الساعة -إنها سماحة الإسلام- أما الهندوس يجعلون أنفسهم تحت أقدام الأبقار يدوسونهم حتى يتطهروا من الذنوب.[٧]

ومن قصص عن رحمة الله بخلقه أيضًا ما روي في بعض سكك المدينة أن بابًا فُتِح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي، وأمُّه خلفه تطرده فأغلقت الباب في وجهه ودخلت، فذهب الصبي ثم رجع حزينًا، فوجد الباب مغلقًا، فوضع خدَّه على عتبة الباب وعيناه مغرورقتان بالدموع، ونام، فخرجت أمُّه، فلمَّا رأته رمت بنفسها عليه، وهي تبكي، وتقول: يا ولدي، أين تذهب عنِّي؟ مَن يُؤويك سواي؟ ألم أقل لك: لا تخالفني، ولا تحملني بمعصيتك على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك، والشفقة عليك، وإرادة الخير لك؟ ثم ضمته إلى صدرها، ودخلت به بيتها، فتأمل قولها: لا تحملني بمعصيتك على خلاف ما جُبِلت عليه من الرحمة بك، والشفقة عليك.[٧]

قصة واقعية عن رحمة الله بخلقه

إنها قصة واقعية من قصص عن رحمة الله بخلقه، عن امرأة اسمها توني من أبوين مسيحيين إنجيليين، ويحملان الحقد على الإسلام وفي هذا الجو المسموم الموبوء ولدت توني، ولكن كان عندها أسئلة لم يستطع أحد الإجابة عليها، وخاصة بعد أن ابتلاها الله بالسرطان، فقال لها أحد الأطباء بعد التحاليل: أنها مصابة بسرطان المبيض، وتوجهت إلى خمسة عشر طبيبًا فكانت النتيجة نفسها، وسوف تموت بعد أربع سنوات على أحسن تقدير، فضاقت عليها الأرض بما رحبت لكنها لم تستطيع التوجه للرب المصلوب الذي لم يستطيع أن يدافع عن نفسه، وكيف تستطيع أن تتوجه إلى إله لم تقتنع به أصلًا.

وفي أحد الأيام توجهت إلى المكتبة جانب بيتها علها تجد ضالتها، فوجدت كتابًا لعبد الله يوسف بترجمة القرآن الكريم فاعجبها كثيرًا ولاءم فطرتها، إنه الله الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، فتوجهت إلى أقرب مسجد واعتنقت الدين الإسلامي، والمفاجأة بعدها أنها حملت وبعد ثلاث سنوات دمرت الخلايا السرطانية كاملةً، فتفاجأ الأطباء وعاشت بعدها 15 عامًا بخدمة والديها المسنين الذين تخلى عنهم أبناؤهم، راجيةً من الله أن يجازيها خير الجزاء.

القنوط من رحمة الله

إن القنوط من رحمة الله من الكبائر، والشيطان لا يبالي إذا أوقع المسلم بأحد خصلتين: الأمن من مكر الله، أو القنوط من رحمة الله -عز وجل- فإن رحمة الله واسعة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لو لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لهمْ" وفي الذنب والعود منه تفعيل لصفة المغفرة عند الله -سبحانه وتعالى- ومن كيد الشيطان وتزيينه أن يوسوس للمسلم حالة وقوعه بالذنب أنه من أهل النار وأن الله لن يغفر له، ليسوقه في بعض الأحيان إلى الانتحار، لأن الشيطان قد أغلق على العبد الأبواب كلها، قال تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.[٨][١]

ويؤخذ من قصص عن رحمة الله بخلقه أن الله هو التواب الرحيم، و باب التوبة مفتوح ما دامت الروح في الجسد، فإن أخطأ الإنسان ثم عاد واستغفر، ثم أخطأ ثم عاد واستغفر، فإنها تسمى النفس اللوامة التي أقسم الله بها، ويقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: "لئن أمسي مذنبًا وأبات ندمان، خير لي من أمسي طائعًا وأصبح معجبًا" فما دام الإنسان يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله، فقد أتى بهذه الكلمة الطيبة التي تنجي من النار بإذن العزيز الغفار.[١]

المراجع[+]

  1. ^ أ ب ت "الرحمة خلق النجاة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-07-10. بتصرّف.
  2. سورة الأعراف، آية: 156
  3. رواه الألباني ، في السلسلة الصحيحة ، عن الحسن البصري، الصفحة أو الرقم: 2666، إسناده صحيح لولا الإرسال, ثم ذكر له طرقا أخرى ..
  4. ^ أ ب "من حديث: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي فإذا امرأة من السبي تسعى..)"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2019-07-10. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 5999، صحيح.
  6. رواه الألباني ، في صحيح الترغيب، عن شطب الممدود أبو الطويل، الصفحة أو الرقم: 3164 ، صحيح .
  7. ^ أ ب "سعة رحمة الله تعالى بعبادة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-07-11. بتصرّف.
  8. سورة التوبة، آية: 101.