سؤال وجواب

مقاصد سورة الرعد


سورة الرعد

هي السورة الثالثة عشرة في القرآن، وعدد آياتها ثلاث وأربعون آية، وذهب بعضهم إلى أن السورة مكية، وإن افتتاح السورة، وطبيعة الموضوعات التي تعالجها، كل أولئك يدل دلالةً واضحةً على أن السورة مكية، وليست مدنية، كما جاء في بعض الروايات والمصاحف، وأنها نزلت في فترة اشتد فيها الشرك والإعراض والتكذيب والتحدي من المشركين.، وسيتحدث هذا المقال عن مقاصد سورة الرعد ويناقش بعضًا من جوانبها.[١]

سبب تسمية سورة الرعد

قبل البدء بسرد مقاصد سورة الرعد، وجب التطرق أولًا إلى سبب تسميتها بهذا الاسم، فورد تسمية هذه السورة في كلام السلف، وذلك يدل على أنها مسماة بذلك من عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ لم يختلفوا في اسمها، وإنما سميت بإضافتها إلى الرعد لورود ذكره فيها بقوله تعالى: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ}.[٢][١]

مقاصد سورة الرعد

الملاحظ في هذه السورة العرض للمشاهد الهائلة في آفاق الكون، وفي أعماق الغيب وفي أغوار النفس، قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى}[٣]وقوله: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ}[٤]وقوله: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ}[٥]فهذه الآيات تتحدث عن الكون وما فيه من الدلائل التي تدل على وجود خالقه ومدبِّره.[١]

ومن مقاصد سورة الرعد أيضًا ذكر آيات أُخر عن علم الله بالغيب، فالتلاؤم ظاهر في جو الآيات، فإنه -سبحانه- لما أجمل آيات الكون وبسطها، أتبعها بآياته الدالة على علمه المحيط بكل شيء، ولذا تلى تلك الآيات قوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَاد}[٦]الآية إلى قوله تعالى: {مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ}[٧]ويظل السياق مستمرًا في لمسات تحرك كوامن النفس من أمن وخوف، ويأس ورجاء، نلحظ ذلك في ثنايا الآيات من قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ* إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[٨]،إلى قوله تعالى: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ}.[٢][١]

الجمال البياني في سورة الرعد

تم إظهار الجمال البياني في الآيات القرآنية في التصوير البديع الذي يكشف عن نعيم المؤمنين، ووصف عذاب الكافرين، وفيما يتعلق بوصف الجنة والنار، وأحوال السعداء والأشقياء وعلم الله بالغيب، وإحاطته بالكون ومَن عليه، مثل قوله -عز وجل-: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}[٣]والأسلوب القرآني يمتاز على غيره بالتعبير عن المشاهد الحسية واستثارة العقول، والاحتكام إلى العواطف، وهنا يقف الإنسان أمام هذا المشهد الهائل ويدرك أنه ما من أحد يقدر على رفع السماء بلا عمد إلا الله، وقصارى ما يرفعه الناس بعمد أو بغير عمد تلك البنيان الصغيرة.[٩]

ومن الجمال البياني في سورة الرعد، أن الله سبحانه لفت النظر إلى حديث الناس عما في تلك البنيان من عظمة وإتقان، غافلين عما يعلوهم من سماوات مرفوعة بغير عمد، وما فوقها من القدرة الحق، والإتقان الذي لا يتطاول إليه خيال إنسان، ومن هذا المنظور الهائل الذي يراه الناس، إلى المغيب الهائل الذي تتقاصر دونه المدارك والأبصار، {ثم استوى على العرش}[٣]وهو العلو المطلق، يرسمه في صورة على طريقة القرآن المذهلة، ومن العلو المطلق إلى التسخير، تسخير الشمس والقمر، والمتأمل في هذا المشهد العظيم يرى الشمس والقمر يتقابلان في الجنس: نجم وكوكب، ويتقابلان في الأوان، بالليل والنهار.[٩]

هل الرعد ملك

"أقبلَتْ يَهودُ إلى النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ-، فقالوا: يا أبا القاسمِ أخبِرنا عنِ الرَّعدِ ما هوَ؟ قالَ: ملَكٌ منَ الملائكةِ موَكَّلٌ بالسَّحابِ، معَهُ مَخاريقُ مِن نارٍ يسوقُ بِها السَّحابَ حَيثُ شاءَ اللَّهُ، فقالوا: فما هذا الصَّوتُ الَّذي نسمعُ؟ قالَ: زَجْرُهُ بالسَّحابِ إذا زَجرَهُ حتَّى ينتَهيَ إلى حَيثُ أُمِرَ، قالوا: صدَقتَ"،[١٠]وقال ابن عبد البر -رحمه الله-: جمهور أهل العلم مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ يَقُولُونَ: الرَّعْدُ مَلَكٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ، من كتاب "الاستذكار"(8/ 588)، وقال -شيخ الإسلام- ابن تيمية -رحمه الله-: "وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ اصْطِكَاكُ أَجْرَامِ السَّحَابِ بِسَبَبِ انْضِغَاطِ الْهَوَاءِ فِيهِ، فَإِنَّ هَذَا لَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الرَّعْدَ مَصْدَرُ رَعَدَ يَرْعَدُ رَعْدًا، وَكَذَلِكَ: الرَّاعِدُ يُسَمَّى رَعْدًا، كَمَا يُسَمَّى الْعَادِلُ عَدْلًا، وَالْحَرَكَةُ تُوجِبُ الصَّوْتَ، وَالْمَلَائِكَةُ هِيَ الَّتِي تُحَرِّكُ السَّحَابَ وَتَنْقُلُهُ مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ، وَكُلُّ حَرَكَةٍ فِي الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ فَهِيَ عَنْ الْمَلَائِكَةِ، فَالرَّعْدُ: صَوْتٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ.[١١]

دعاء الرعد

في حديثٍ ضعيف وجب الإشارة إليه لوضوح المعلومة، كانَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سَمِعَ صوت الرعدِ والصواعقِ قالَ: "اللهُمَّ لا تَقتلنا بغَضبِك، ولَا تُهلِكْنَا بعَذابِك، وعَافِنا قبلَ ذلكَ"،[١٢]وعن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- أنَّه كان إذا سمع صوتَ الرعد ترك الحديث، وقال: "سبحانَ من يسبِّحُ الرعدُ بحمدِه، والملائكَةُ من خِيفَته، ويقولُ: "إنَّ هذا الوعيدَ لأهلِ الأرضِ شديدٌ"،[١٣]كما أن التسبيحَ عند سماعِ صوت الرعد مستحب عند جمهور الفقهاء، فعن ابن عباس ـرضي الله عنهماـ قال: كنا مع عمر -رضي الله عنه ـ في سفر فأصابنا رعد وبرق وبرد، فقال لنا كعب -رضي الله عنه-: من قال حين يسمع الرعد: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثلاثًا، عوفي من ذلك الرعد، فقلنا فعوفينا.[١]

المراجع[+]

  1. ^ أ ب ت ث ج "مقاصد سورة الرعد"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-3. بتصرّف.
  2. ^ أ ب سورة الرعد، آية: 13.
  3. ^ أ ب ت سورة الرعد، آية: 2.
  4. سورة الرعد، آية: 3.
  5. سورة الرعد، آية: 4.
  6. سورة الرعد، آية: 8.
  7. سورة الرعد، آية: 10.
  8. سورة الرعد، آية: 11.
  9. ^ أ ب "التصوير البياني في سورة الرعد (1)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-3. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن عباس ، الصفحة أو الرقم: 3117، صحيح.
  11. "هل يُعدّ قولها : " شعرك كالرعدة " استهزاء بالدين ؟! "، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-4. بتصرّف.
  12. رواه الألباني، في ضعيف الجامع، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 4421، ضعيف.
  13. رواه الألباني، في صحيح الأدب المفرد، عن عبد الله بن الزبير، الصفحة أو الرقم: 556، صحيح.