سؤال وجواب

قضايا الشعر المعاصر


الشعر المعاصر

يُعرّف الشعر المعاصر أنّه الشعر المكتوب في عصره والمعبَّر عنه، والمُجدّد في قضاياه وظواهره الفنية، بما يتفق وفَهم الشعراء لمفهوم العصرية، وتفهّمهم لروح العصر فيه، وهذه المقالة ستتناول قضايا الشعر المعاصر العربي، الذي ظهرت عصريته من خلال فلسفته الجمالية المتأثرة بحساسية العصر والناتجة من صميم النص الفني شكلًا ومضمونًا، وليس من مبادئ خارجية مفروضة، ومن ارتباط الشاعر بقضايا عصره وتفاعله معها، ومحاولة استكناه الحياة فيها بكل ما يمكله من ثقافة وخبرات فنيّة، ويكون قادرًا على أن يشارك من خلالها خبراته الشعورية مشاركة جماعية.[١]

قضايا الشعر المعاصر

شَهِدَ القرن العشرون محاولات عدّة لتجديد الشعر العربيّ، وكانت مدرسة العقاد ومن فيها من مدرسة أبولو، ولكن لم تكن تجديداتهم جوهرية بما يمكن القول عنه مذهبًا، فاستمرت عملية التجديد إلى أن صار التجديد الدرامي والتشكيلي للقصيدة قضية من قضايا الشعر المعاصر، وفيما يأتي عرض موجز لقضيتين من قضايا الشعر المعاصر المتعلقة بالظواهر الفنية.[٢]

التشكيل الموسيقي

جاء التجديد في التشكيل الموسيقي في قضايا الشعر المعاصر حاجة ملحّة، دافعها الأساسي إخضاعه للحالة النفسية للشاعر، بحيث تلتقي الأنغام وتفترق، بنوع من الإيقاع الموسيقي الخاص الذي يساعد الشاعر على تنسيق مشاعره، ومن هنا ظهر التجديد في الوزن والقافية، التجديد لا الإلغاء، وكان سبيله تحطيم الوحدة الموسيقية للبيت الشعري.[٣]

أصبحت الأسطر الشعرية في القصيدة العصرية، سريعة وبطيئة حسب الذبذبات النفسية للشاعر، وتطول وتقصر ولا يستطيع أحد أن يحدد متى ينتهي السطر الشعري إلا الشاعر نفسه، وأصبحت التفعيلة بديلًا عن الإيقاع المتزن والثابت للبحر الشعري، فخرج الشعراء عن الأوزان الشعرية التقليدية، كما تحرروا من القافية، والتحرر كان تحرر الرويّ اللازم للقصيدة من أولها إلى آخرها، وأصبحت الكلمة المستخدمة في القافية، هي أي كلمة تعبّر عن الحالة الشعورية للشاعر، ولا تلزم حصيلة لغوية واسعة منه، وكل ذلك نجده في قصيدة الشعر الحر، التي اختلف كثير في رائدها في الوطن العربي، والتي يتجاوز فيها التجديد الشكل المرسوم على الورق.[٤]

الإطار الموسيقي

إن الحديث عن الإطار الشعري في قضايا الشعر المعاصر، يجد أنه مرّ في ثلاث مراحل أساسية، تمثل التطوّر الموسيقي، وهذه المراحل هي:

  • البيت الشعري: وكان التجديد في كسر نظام البيت الشعري التقليدي، وجاءت القصيدة الجديدة بنظام داخلي، من الصعب معرفة كيف سيكون شكله في قصيدة الشاعر، لذلك ما عاد من الممكن تسميته بالبيت، وإنما قيل سطر شعري.[٥]
  • السطر الشعري: ويأخذ السطر الشعري، الشكل الذي رتاح له الشاعر، وذلك بأن يقوم السطر الشعري على تفعيلة عروضية واحدة تشكّل بذاتها بنية موسيقية منظمة، ومن الممكن أن يقوم السطر الشعري على أكثر من تفعيلة، على ألا يستخدم الشاعر هذه التفعيلات بما يختلف عن التفعيلة الأولى، فيغير نظام الإيقاع في القصيدة، كما في قصيدة جيكور أمي نزار قباني من أبرز من جدد في قضايا الشعر المعاصر في موضوع المدينة، ولكن دون إنكار الهوية، ونبذ التراث. وكان من الموضوعات التي عُرضت في الشعر عن الدينة: وجه المدينة، وتجربة الحياة في المدينة، العلاقات بين الناس في المدينة، وتأثير السياسة في المدينة، ومن القصائد التي تناولت المدينة، قصيدة الشاعر ممدوح العدوان "وتمر المدينة برقا":[٩]

    وأنا لم أهاجرْ:
    ركضتُ وراء المدينة، وَهْي تهرولُ مثل الضبابِ
    فأوصلني الركضُ للغربة العربيةِ
    فيها غرقنا معًا
    فاغتربت بها، هاجَرتْ بي لموتي الحنونْ
    حملتْ ضوء مستقبلي ومضتْ
    رحتُ أصرخُ أنْ أوقفوها
    إلى الحربِ تمضي وتخبطُ عشواءَ
    عمريَ بين يديها
    وما الحرب إلا الذي تعرفونْ
    أودعتني فجائعها

    ظاهرة الموت

    لقد كانت فكرة الموت غامضة في الأشعار العربية القديمة، وهي إن وردت كانت تَرِدُ رفضا أو تسليما نظرة الراثي لا أكثر، أو على أنها صراع ايديولوجي حتمي للذات، ولكن في قضايا الشعر المعاصر بات الشاعر المعاصر أكثر فهما ووعيًا لهذا الموضوع، خصوصا مع ما يدور حوله من أحداث سياسية دفعت بالموت إلى أبشع صوره، وكان محمود درويش من أكثر الشعراء المعاصرين الذين تحدثوا عن الموت في أشعارهم، بعد أن عايش الموت بأكثر من صورة، ففي جداريته فقط، ترد لفظة الموت 48 مرة، بدلالات مختلفة، إشارة إلى الموت الذين يسكن محمود درويش، ومما ذكره فيه أنه رثى نفسه قبل موتها، فقال:[١٠]

    أَيُّها الموتُ انتظرني خارج الأرض،
    انتظرني في بلادِكَ، ريثما أُنهي
    حديثاً عابراً مَعَ ما تبقَّى من حياتي

    المراجع[+]

    1. عز الدين اسماعيل، الشعر العربي المعاصر:قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية، بيروت- لبنان: دار الثقافة، صفحة 13-14. بتصرّف.
    2. "جماعة الديوان: تعريفها وخصائصها وشعراؤها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 05-07-2019. بتصرّف.
    3. "باكثير وريادة الشعر الحر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 05-07-2019. بتصرّف.
    4. "جماليات التشكيل الإيقاعي في شعر السياب"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 05-07-2019. بتصرّف.
    5. عز الدين اسماعيل، الشعر العربي المعاصر، صفحة 82-83. بتصرّف.
    6. "جيكور أمي"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 05-07-2019. بتصرّف.
    7. "أحبيني"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 05-07-2019.
    8. عز الدين اسماعيل، الشعر العربي المعاصر، صفحة 111. بتصرّف.
    9. "وتمر المدينة برقًا"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 05-07-2019.
    10. "جدارية"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 05-07-2019.