دمشق عاصمة الخلافة الأموية
محتويات
مدينة دمشق عبر التاريخ
تعدّ مدينة دمشق أجمل مدينة من مدن بلاد الشّام، حيث تقع في أرض مستوية، مكوّنة من سهل خصب يرويه نهر بردى الذي يقطعها، مشكلاً بذلك غوطة دمشق، ويحاذيها جبل قاسيون، وهي إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم, حيث حلّ فيها تاريخ غير منقطع منذ أحد عشر ألف عام تقريبًا، وأصبحت عاصمة لمنطقة سوريا منذ عام 635 ق.م، فتعاقبت عليها الأمم والحضارات حتّى جاء المسلمون سنة 634م لتتحوّل لاحقًا عاصمة الخلافة الأمويّة، ثمّ مدينة من مدن العبّاسيين فالصّليبيين والفاطميين والمماليك والأيّوبيين والمغول والعثمانيين؛ ومن ثمّ الاحتلال الفرنسيّ الأخير واستقلالها عام 1946م،[١] وبعد هذه المقدّمة لابدّ من زيارة دمشق عاصمة الخلافة الأموية.
دمشق عاصمة الخلافة الأموية
كما سبق الحديث عنه، فإنّ دمشق أقدم مدينة مأهولة وأقدم عاصمة في العالم، وقد تعدّدت الرّوايات التّاريخيّة حول معانى اسمها، وأرجح الأقوال: أنّ دمشق كلمة ذات أصول أشوريّة قديمة، تعني الأرض العامرة أو الزّاهرة، وسميّت الشّام نسبة إلى سام بن نوح -عليه السلام-، وقد تمّ فتح مدينة دمشق على يد الصّحابيّ الجليل أبي عبيدة بن الجرّاح سنة 14هـ و635م، وأصبحت من أهمّ المدن الإسلاميّة، ومنارة للدّعوة والعلم والأدب، ومقصدًا للقادة والمفكّرين والعلماء.[٢]
وقد ولّي عليها معاوية بن أبي سفيان بتكليف من الخليفة عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- وبقي واليًا عليها حتّى آلت إليه الخلافة سنة661م، فاتّخذها عاصمةً لدولته، وحاضرة الدّولة الأمويّة، فأصبحت دمشق عاصمة الدّولة الأمويّة، وتحوّلت مدينة دمشق من مجرّد ولاية من الولايات الإسلاميّة إلى عاصمة أكبر إمبراطوريّة إسلاميّة، وهي الدّولة الأمويّة، التي امتدّت من حدود الصّين شرقًا وإلى المحيط الأطلسي غربًا.[٢]
وقد شيّدت فيها المباني والقصور، واتّسع فيها العمران، وكان المسجد الأمويّ من أجمل وأهمّ المباني فيها والذي يعدّ آية في الجمال إلى يومنا هذا، وقد بناه الخليفة الوليد بن عبد الملك، واهتمّ الأمويّون بعمارتها وتشييد المساجد فيها، ونشر الإسلام في آيا وأفريقيا والأندلس من أوربا، وقد وصلت الدّولة الأمويّة إلى أوج ازدهارها واتّساعها، وخصوصًا في عهد الخليفتين عبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك، وهكذا فقد تمّ التّعرف على دمشق عاصمة الخلافة الأموية، وستكون الفقرة التالية: عن دمشق المعاصرة.[٢]
دمشق المعاصرة
لقد انتقلت دمشق عاصمة الخلافة الأمويّة إلى دمشق المعاصرة، فتوسّعت مدينة دمشق وامتدت بجميع الاتّجاهات، وتزايدت حولها الأحياء السّكنيّة الملاصقة لها من جميع أطرافها، وارتفع فيها البنيان والعمارات والأبراج كما في المزّة والصّالحية والعدويّ العبّاسيّين والقصور والتّجارة وغيرها، وقد توقّفت شيئًا ما بسبب أحداث الرّبيع العربيّ، الذي كان له انعكاساته وتأثيره عليها وعلى مدن وبلدات سوريا قاطبة، كما أنّ المدينة تسلّقت سفوح جبل قاسيون -المستندة عليه من جهة الشّمال- لضيق المكان فيها، وما زال نهر بردى يزيّنها بمياهه الرّقراقة التي تفيض في الرّبيع وتجفّ صيفًا.[٣]
وترتبط مدينة دمشق مع المدن السّوريّة والدّول المجاورة من خلال شبكة من الطّرق وسكك الحديد والمطارات، حيث يوجد فيها مطار دمشق الدّولي الذي يربط دمشق مع المطارات السّورية الدّاخلية، ومطارات دول العالم الخارجيّ، ولكنّ أحداث الرّبيع العربيّ أضرّ بها كثيرًا من خلال ما لحق بالأحياء السّكنية المجاورة والتّابعة لها، وكذلك قطع العلاقات مع معظم دول العالم العربيّ والأجنبيّ والإضرار بالعملة السّوريّة وغلاء المعيشة، وهجرة معظم الكوادر الفاعلة إلى الخارج.[٣]
سكان مدينة دمشق
مدينة كدمشق لها عراقتها وأصالتها وقدمها التّاريخيّ، لا بدّ وأن يكون قد توافد عليها أقوام كثر، سواء عن طريق الحروب أو الهجرة أو التّجارة أو غير ذلك، ولذلك من الصّعب تحديد الأصول التّاريخيّة والعرقيّة والبشريّة لغالبيّة هؤلاء النّاس المتواجدين في مدينة دمشق، فقد توافدت على بلاد الشّام ودمشق هجرات قادمة من سائر جهات العالم، واجتاحتها حروب وغزوات كثيرة طمعًا بأصالتها وموقعها الاستراتيجيّ الهام، الذي كان وما زال محطّ أنظار الطّامعين من الغزاة والمستعمرين.[٤]
ومن الأقوام الذين قدموا إليها كالآراميّين والآموريّين والآشوريّين والبيزنطيّين، ثمّ الفتح الإسلاميّ، ثمّ المماليك والأيوبيّين والعثمانيّين والفرنسيّين، فكلّ هذه الأمم قد تركت خلفها من شعبها ممن أعجبه المكان، ولم يرغب بالعودة من حيث أتى، ولكن هيمنة اللّغة العربيّة، جعلت الجميع يتكلّم بها، فجهلنا أصول وعروق غالبيّة الغرباء ممّن استوطنوا في دمشق وبلاد الشّام، ولكن هناك بعض اللّغات والمسمّيات التي تدلُّ على أصول وعروق أصحابها.[٣]
وصف الشعراء لدمشق
دمشق شّام الشّموخ، دمشق دار العروبة، دمشق العزّة والسّلام، دمشق الإسلام، مهما قيل فيها من مدح وثناء، فإنّ الكلمات تبقى عاجزة عن الوفاء لها بحقّها، فهي التّراث والحضارة، وهي الأصالة والعراقة، وهي البهاء والجمال، فقد أحبّها وتعلّق بها كلّ من وطأ ثراها، ورأى رونقها وبهاءها! ومن جميل ما قاله الشّعراء في دمشق الشّام:
- الشّاعر البحتري:[٥]
ألْعَيْشُ في لَيْلِ دارَيّا، إذا بَرَدَا
- والرّاحُ نَمزُجُهَا بالمَاءِ مِنْ بَرَدَى
أمّا دِمَشْقُ، فقَدْ أبدَتْ مَحَاسِنَها
- وَقَدْ وَفَى لكَ مُطْرِيها بِمَا وَعَدا
يُمسِي السّحابُ على أجبالِها فِرَقاً
- ويُصْبِحُ النّبْتُ في صَحَرائِهَا بَدَدا
- رائعة أحمد شوقي في دمشق:[٦]
بالأمس قُمتُ على الزهراءِ أَندُبُهم
- واليومَ دمعي على الفَيْحاءِ هَتَّان
لولا دِمَشْقُ لما كانت طُلَيْطِلةٌ
- ولا زهت ببني العباس بغدان
مرَرتُ بالمسجدِ المَحْزونِ أَسأَله
- هل في المُصَلَّى أَو المِحْرابِ مَرْوان؟
تَغَيَّرَ المسجدُ الْمحزون، واختلفَت
- على المَنابرِ أَحرارٌ وعِبدان
يا فتيةَ الشام ، شُكراً لا انقضاءَ له
- لو أَن إِحسانَكم يَجزيه شُكرانُ
- الشّاعر نزار قبّاني:
قُـل للّذيـنَ بأرضِ الشّـامِ قد نزلـوا
- قتيلُكُـم لمْ يَـزَلْ بالعشـقِ مـقتـولا
يا شـامُ، يا شـامَةَ الدُّنيا، ووَردَتَها
- يا مَـنْ بحُسـنِكِ أوجعـتِ الأزاميلا
ودَدْتُ لو زَرَعُـوني فيـكِ مِئـذَنَـةً
- أو علَّقـونـي على الأبـوابِ قِنديـلا
يا شـامُ إنْ كنتُ أُخفـي ما أُكابِـدُهُ
- فأجمَـلُ الحُـــبِّ حبٌّ- بَـعْدَ ما قيلا
المراجع[+]
- ↑ "دمشق القديمة"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 06-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "دمشق بني أميّة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 06-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "دمشق"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 06-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "دمشق-السكان"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 06-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "ألعيش في ليل داريا إذا بردا"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 06-07-2019.
- ↑ "كلمة عن قصيدة شوقي الدّمشقيّة"، www.books.google.com، اطّلع عليه بتاريخ 06-07-2019.