سؤال وجواب

الرمز في الشعر العربي الحديث


المذهب الرمزي

الرمزيّة مذهب أدبيّ فلسفيّ، يُعبّر فيه الأديب عن تجاربه وأفكاره ومشاعره ومواقفه بوساطة وأمل دنقل وغيرهم.[١]

الرمز في الشعر العربي الحديث

إنّ اللغة الشعرية هي لغة الشعر، هي لغة الإشارة والرمز والتلميح ، فهي ببساطة اللغة التي ينبغي أن يكون عليها نمط كتابة الشعر؛ إذ إنه لا شعر من دون لغة الشعر العربي الحديث.[٢]

وإن هذا المذهب الرمزيّ الذي تجلّى من خلال استخدام الرمز في الشعر العربي الحديث وإن كان فرنسيّ النشأة، لاقى رواجًا في العالم العربيّ ولا سيما بين الشعراء الشبّان، ومنهم في لبنان الشاعر أديب مظهر وسعيد عقل وبشر فارس وغيرهم، وكان للشاعر سعيد عقل راي عن ذلك الغموض في الرموز الشعرية وهو أن الشعر يصدر عن اللاوعي، وهذا برأيه أعلى درجات الوعي، كما يؤكد أن الشاعر المبدع في شعره هو الذي ينظم في حالة لاوعيه؛ إذ إنه لا يطلب من القرّاء أن يفهموا الشعر تفصيليًّا، إنما يريد أن يحسّوا به، وأن ينتشوا ويتلذّذوا بهذا الإحساس.[٣]

غموض الرمز في الشعر الرمزي

المذهب الرمزي هو من فَتَح باب الغموض في الشعر، إلا أن هذا الحكم على المذهب الرمزي عمومًا، وعلى الرمز في الشعر العربي الحديث خصوصًا ليس مطلقًا ولا يشمل الشعراء الرمزيين كلهم، إذ إنّ الرمزيين قاربوه ومارسوه دون مبالغة أو شَطَط أو تعمُّد، وكانت أشعارهم تتراوح بين الوضوح والشفافية والغموض والإبهام، وهم في ذلك على درجات، فَهُم وإن كانت نزعتهم الرمزية ردة فعل على الرومانسية والبرناسية، إلّا أنهم احتفظوا ببعض ملامح المدرستين، وليس المقصود بالوضوح المباشرة المرفوضة نهائيًّا، إنّما يُعنى به الابتعاد عن تعقيد الفكرة والإغراب في الصورة، بحيث يتمكن المتلقي من التقاط المعنى بسهولة، والتلذذ بالأحاسيس التي يولّدها هذا الرمز في نفسه، وهذا الغموض -وهو غير الإبهام المحيّر- فله أسبابٌ عديدة أبرزها:[٤]

  • استعمال مفردات اللغة وتراكيبها استعمالًا خارجًا عن المألوف.
  • الرمز الذي يعتمد على خيال القارئ وتأويلاته، فلا يوضح إلى ماذا يرمز بل يترك المجال مفتوحًا.
  • التعبير عن طريق تراسل الحواس وتقاطعاتها والتي تجعل القارئ يعيش عالمًا من الخيال، ويغرق في تخيلات هذه التراسلات.
  • استخدام بعض الإِشارات والتلميحات التي تحتاج معرفة كبيرة واطلاعًا واسعًا.
  • التكثيف في استخدام اللغة والإيجاز الشديد الذي يتطلب قراءة معمقة لفهم الرموز.
  • التواصل بالاعتماد على الانطباع الذي يتركه الرمز في نفس المتلقي، وهو بذلك يشبه الموسيقا والفنون التشكيليّة.

قصائد الرمز في الشعر الحديث

لمّا كان للرمز في الشعر العربي الحديث هذا الصّدى كان لا بُدّ أن يظهر أكثر ما يظهر في التطبيق العملي؛ إذ إنّ التطبيق هو المحك والفيصل لمعرفة كيفية استغلال الرمز وتوظيفه توظيفًا إبداعيًّا في قصائد الشعراء الرمزيّين، ومن الشواهد على ذلك ما يأتي:

  • قصيدة بدر شاكر السياب "قافلة الضياع"، وفيها يستخدم الشاعر شخصيّتَيْ قابيل وهابيل رمزًا للصّراع بين الخير والشرّ، حيث يقول:[٥]
أرأيتَ قافلةَ الضّياع؟ أما رأيتَ النّازحين
الحاملينَ على الكواهلِ من مجاعاتِ السنين
آثامَ كلِّ الخاطئين
النازفين بِلا دماء
السائرين إلى وراء
كي يدفِنوا هابيلَ وهو على الصليبِ ركام طين
قابيل أين أخوك، أين أخوك.
  • قصيدة بشر فارس: حرص الشاعر بشر فارس على جعل الكلام خفيّ اللمحات، فهو من روّاد الرمز في الشعر العربي الحديث، وقد ألقى حول معانيه ضبابًا كثيفًا من اللفظ الذي يجهد الفكر لفهم ما وراءه، ولم يستطع النقّاد التوصل إلى معرفة المعاني الحقيقيّة لقصائده الرمزية، ومنها قصيدته "إلى زائرة" التي يقول فيها:[٦]
لو كنتِ ناصعةَ الجبين
هيهاتَ تنفضني الزيـارهْ
ما روعةُ اللفظِ المبينْ
السحرُ من وحيِ العبـارهْ
ظلٌ على وهجِ الحنينْ
رسمتْه معجزةُ الإشــارهْ
خطٌ تساقطَ كالحزينْ
أرخى على العزمِ انكسارهْ

المراجع[+]

  1. "المذهب الرمزي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 05-07-2019. بتصرّف.
  2. "الشعر الحر - الشعر الغامض"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 05-07-2019. بتصرّف.
  3. "اتجاهات الأدب العربي الحديث: المحاكاة والأفق المسدود"، www.ida2at.com، اطّلع عليه بتاريخ 05-07-2019. بتصرّف.
  4. " خصائص المدرسة الرمزية"، almerja.net، اطّلع عليه بتاريخ 05-07-2019. بتصرّف.
  5. "قافلة الضياع"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-07-2019.
  6. "بشر فارس"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 10-07-2019.