سؤال وجواب

قصة النعجتين


قصة النعجتين

في أرضٍ بعيدة جَرَت أحداث قصة النعجتين، كان هناك مزرعةٌ ضخمةٌ وفيها الخراف والنعاج والكثير من الدجاج، وكان من بين الخراف نعجتان صديقتان، ولكن كانت إحدى تلك النعجتين سمينة قوية ومكتنزة اللحم، بالإضافة لصوفها النظيف والكثيف، في حين كانت النعجة الثانية نحيفة هزيلة لا تملك الكثير من اللحم ليغطي عظمها، ودائمًا ما تراها في الحظيرة مريضةً طريحة الفراش وصوفها قليل متسخ، بالكاد يغطّي جسمها.


كان الفلاح كلّما أخرج الحيوانات من الحظيرة للحقل اقترب من النعجتين، واضعًا العشب أمام الهزيلة مقتربًا من النعجة السمينة ليداعب لها صوفها ويمسح على رأسها، فتغتاظ النعجة النحيلة وتبدأ بالأكل علّها تكسب شيئًا من اللحم، ثم تأتي النعجة السمينة وهي تسير مفتخرةً بوزنها وصوفها الجميل، وتقول للنعجة السمينة: أرأيتي كيف أن الفلاح يحبني أكثر ويباهي أصدقاءه بوزني وصوفي الجميل وسمعته يقول لصاحبه: إنّ ثمني أغلى من ثمنك بكثير ولا أحد يرغب بشرائك أوامتلاكك، ومنذ قليل كان يقول لصاحبه: هل ترى هاتين النعجتين كم هي جميلةٌ نعجتي السمينة، أما الأخرى النحيفة فلا أعلم لها دواءً لوزنِها الخفيف، ثمّ انصرفت النعجة السمينة ضاحكةً مستهزئةً منها، في حين بقيت النعجة النحيلة تأكل وتأكل لتصبح سمينة يتباهى بها صاحبها.


وفي أحد الأيام جاء جزارٌ إلى الفلّاح يريد شراء نعجة من عنده وبيده السكين، أخرج الفلاح النعجتين من الحظيرة وعرضهما على الجزار الذي بدأ يفحصهما بعناية واهتمام بالغين، فبدأ بالنعحة النحيفة وقلبها جيدًا ولكنه لم يبدي أي اهتمام أو رغبةٍ بها، وعندما حان دور النعجة السمينة بدا الاهتمام والإعجاب ظاهرًا على وجهه بشكل واضح فقلبها وفحصها، ثم أبدى القبول بشراء النعجة السمينة واتفق مع الفلاح على شرائها وأعطاه الكثير من النقود ثمنًا لها، فركضت النعجة السمينة وهي خائفةٌ وتبكي لصديقتها النعجة النحيلة وتقول لها: أنجديني من هذا الذي جاء ومعه سكينٌ كبيرة وقد دفع ثمني للفلاح، فردت النعحة النحيلة إنه جزار حيِّنا ألا تعرفينه لطالما كنت تفخرين بنظرات الإعجاب التي ينظر بها إليك، وكنت تتعالين علينا بلمساته الحانية لك، فردت النعجة السمينة: هل تقصدين أنه سيذبحني ويبيعني لحمًا للجوار، أرجوك ساعديني، فأنا لا أريد أن أبقى مجرد لحم وعظم.


فنظرت إليها النعجة النحيفة نظرة ملؤها الأسى عليها، وقالت لها: لقد هزئتي من نحولي، ونعتِّني بالصفات القبيحة المُزرية، وكنت تناديني بالمريضة وبالهزيلة وأحيانًا كثيرة تناديني بالممقوتة، تُرى، هل ستفيدك الآن صحتك ومنظرك الجذاب وصوفك الجميل، هل سينجيك كل هذا من سكين الجزار المشحوذة، بل هذا ما أغرى جزار الحيّ بكِ، وقد دفع مقابلك الكثير من المال الذي كنت تتباهين فيه، وأنا سعيدة بنحولي ووزني الخفيف إن كان سينجيني من سكين الجزار، والعبرة التي تؤخذ من هذي القصة أن يكون الإنسان سعيدٌ بحياته راضيًا بما قُسم له فسيجد فيه الخير الكثير لاحقًا، وإن لم يعرف ما هو الخير منه في البداية.