شرح نظرية الانعكاس في الأدب
مفهوم نظرية الأدب
تُعرف النقد الحديث، وتتصل اتصالًا مباشرًا بأطروحات الاتجاه الماركسي، ويظهر من تسميتها أنها تنظر إلى الأدب بأنه يعكس القضايا في المجتمع الذي يتحدث عنه، فتجعل الأدب مرآة للواقع وللمجتمع، وتعتمد نظرية الانعكاس الفكر المادي الماركسي متمثلةً بأن الأدب انعكاس للواقع الاجتماعي، ولكن هذا الانعكاس ليس آليًّا ولا متوازيًا ولا بسيطًا، وإنما هو عملية معقدة، فقد تكون الأعمال الأدبية الممثلة للواقع ممتثلة لهذا الواقع وتصالحية معه، أو تكون رؤية تجاوزية تسعى لتغيير العلاقات المجتمعية وهدمها؛ لبناء مجتمع أفضل.[٢]
وتنظر نظرية الانعكاس إلى الأدب على أنه فعالية اجتماعية، فهو تجربة إنسانية، ويكون الهدف من الأدب -في هذه النظرية- هو مشاركة الأديب بهذه التجربة التي يعرضها في عمله الأدبي، بحيث يؤثر في المتلقي، وشعوره؛ لكي يسهم في تغيير واقعه الاجتماعي نحو الأفضل.[٣]
ومن أشهر الذين تبنوا رؤية ماركس عن الانعكاس هو "جورج لوكاتش"، الذي تعمق في العديد من المصطلحات والمفاهيم الماركسية مثل: البنية الفوقية، والبنية التحتية، بالإضافة إلى أنه تحدث عن الوحدة الشاملة التي تعني أن الأدب لا يعكس الانطباعات الأولية للحس، ولا يكتفي بتصوير مظاهر الواقع، إنّما يصور عمقه وعلاقاته التي تُظهر وحدته الشاملة.[٤]
ويهتمّ لوكاتش بمفهوم "النموذج" الذي حاول من خلاله أن يطور دلالة الانعكاس، والنموذج يعني شخصية من الشخصيات التي تعد رمزًا بصفة أو بأخرى مثل: سيزيف، والسندباد، وهاملت، وغيرها بحيث يستخدمها الأدباء بطرق مختلفة في الأدب فتصبح الشخصية رمزًا في الإطار العالمي.[٥]
ويهتمّ لوكاتش أيضًا بمبدأ الالتزام الذي يعد أحد المعرفات الأساسية في نظرية الانعكاس عنده، وهو علامة دالة على الفن الواقعي الاشتراكي الذي يتبناه، ويمثل مفهوم الالتزام موقفًا إيجابيًّا أو سلبيًّا من الوقائع في زمن الكاتب.[٦]
ويعدّ الالتزام مفهومًا حديثًا في حقلي الأدب والنقد؛ إذ ظهر في العقود الأولى من القرن العشرين، التي شهدت تغيرات اجتماعية، وسياسية، واقتصادية بارزة ،ومنعطفات حادة مثل:ا لحرب الكونية، والثورة الاشتراكية، فقد تركت آثارًا مهمة في نظرية الأدب والنقد، ويشكل الالتزام فلسفة جديدة للأدب، ويتصل بالواقع وعلاقاته المختلفة.[٧]
علاقة نظرية الانعكاس بالمنهج الاجتماعي
يمكن تعريف المنهج الاجتماعي في النقد الأدبي الحديث بأنه منهج نقدي دعت إليه الفلسفة الاشتراكية، ويهتم المنهج بدراسة المجتمع، كما يهتم بتتبع الأعمال الأدبية التي تصور المجتمع بخيره وشره، وتدعو إلى تقدمه.[٨]
ويمكن القول إنّ النقد الاجتماعي تأسس على المقولات الماركسية التي تفسر العلاقة بين الواقع الاجتماعي والأدب، وهي ليست محددة تمامًا، فيمكن أن ينظر النقد إلى النص الأدبي بوصفه وثيقة تحاكي المجتمع، ويمكن أن ينظر في طبيعة العلاقات الاجتماعية؛ ليرى إذا كان العمل الأدبي يعكس هذه البنية أو يشوهها، ويمكن أن يأخذ مفهومًا عن الأدب وينتقل منه إلى النص، ثمّ إلى مجمل نصوص الكاتب، ومن ثم إلى المجتمع.[٩]
ويمكن أن يربط بين الأديب وعمله الاجتماعي، والمضمون الاجتماعي للأعمال ذاتها، وتأثير الأدب في المجتمع، ومن هذا يمكن الملاحظة بأن الناقد الأدبي قد يحلل النص الأدبي بطرق متعدّدة، وهذا يفتح مجالات واسعة في التحليل النقدي للأدب، وقد يجمع بعضها في تحليله للنص الأدبي للوصول إلى غايته منه.[٩]المراجع[+]
- ↑ شكري الماضي (1993)، في نظرية الأدب (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المنتخب العربي للدراسات والنشر والتوزيع، صفحة 12.
- ↑ شكري الماضي (2005)، في نظرية الأدب (الطبعة الأولى)، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، صفحة 73. بتصرّف.
- ↑ شكري الماضي (2005)، في نظرية الأدب (الطبعة الأولى)، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، صفحة 77. بتصرّف.
- ↑ صالح زياد (2016)، آفاق النظرية الأدبية: من المحاكاة إلى التفكيكية (الطبعة الأولى)، تونس: دار التنوير للطبعة والنشر، صفحة 65، 67. بتصرّف.
- ↑ صالح زياد (2016)، فاق النظرية الأدبية: من المحاكاة إلى التفكيكية (الطبعة الأولى)، تونس: دار التنوير للطبعة والنشر، صفحة 67. بتصرّف.
- ↑ صالح زياد (2016)، فاق النظرية الأدبية: من المحاكاة إلى التفكيكية (الطبعة الأولى)، تونس : دار التنوير للطباعة والنشر، صفحة 69. بتصرّف.
- ↑ شكري الماضي (2011)، مقاييس الأدب: مقالات في النقد الحديث والمعاصر (الطبعة الأولى)، دبي: دار العالم العربي للنشر والتوزيع، صفحة 119. بتصرّف.
- ↑ "أشهر المناهج النقدية الحديثة في الغرب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب خالد الأعرج (1999)، في تأويل النقد الأدبي الاجتماعي: دراسة في نقد النقد (الطبعة الأولى)، سوريا: عبد المنعم ناشرون، صفحة 28-29. بتصرّف.