بحث عن الاستشراق
الحضارات الشرقية
يرى كثيرٌ من الباحثين أنَّ الحضارة هي أسلوب حياة معيَّن يمكن للفرد أن يعتاد عليه في جميع تفاصيل وشؤون المجتمع الكبيرة والصغيرة، ولا يدلُّ هذا المفهوم على الوصول إلى وسائل حديثة يتعامل معها الإنسان بل على طريقة تعامل الإنسان لجميع الماديات التي تحيط به وكيف يشعرُ تجاهها، ويوجد تعريف آخر للحضارة يُشير إلى أنَّها فنون وتقاليد وميراث تاريخي وثقافي ومقدار تقدم علمي لشعب من الشعوب، والحضارات الشرقية هي التي انتشرت في المناطق الواقعة في الشرق الأوسط ومناطق آسيا شرق أوروبّا بمفهوم الحضارة الشامل أي العادات وأسلوب المعيشة والتقاليد واللباس والالتزام بقيم الدين والأخلاق ومقدار تقدم الإنسان في جميع العلوم، وهذا المقال سيدور حول بحث عن الاستشراق.[١]
بحث عن الاستشراق
في بداية الحديث حول بحث عن الاستشراق لا بدَّ من الإشارة إلى تعريف مفهوم الاستشراق، حيثُ يدلُّ هذا المفهوم حسب آراء العديد من النقَّاد على الدراسات الغربية لجميع البُنى الثقافية والحضارات الشرقية من وجهة نظر الغرب، وتشملُ تلك الدراسة دراسة أحوال الشرق كلها من تاريخ ولغات وآداب وعادات وعلوم ومعتقدات دينية وأساطير وشعوب الشرق.[٢]
كما يشيرُ مفهوم الاستشراق ذاته على تصوير بعض من جوانب الحضارات الشرقية بمختلف أشكالها وأنواعها، خصوصًا في الشرق الأوسط، حيثُ يقوم بهذا العمل مصممون وفنانون وكتَّاب ورواة في الغرب رغم أنَّ هذا المعنى أقلُّ استخدامًا من سابقه؛ لأنَّ التعريف الذي انتشر عن الاستشراق هو دراسة البنيات الثقافية للشرق خلال القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر في مرحلة الاستعمار لذلك أُحيطَ هذا المصطلح بنظرةٍ سلبية في كثير من الأحيان.[٢]
وفي بحث عن الاستشراق يجدر بالذكرأنَّه من الصعب عند دراسة تاريخ الاستشراق تحديد الحدِّ الذي يفصل الحضارة الغربية عن الحضارة الشرقية عند تاريخ زمني أو نقطة فاصلة تحديدًا، لأنَّ ازدهار كلا الحضارتين وخصوصًا الذي نهضَ به الإسلام والدين المسيحي أحدثَ شقًّا حضاريًّا كبيرًا بين حضارتين كبيرتين في ذلك العصر، الحضارة الأوروبيّة التي تسكن أوروبّا وتعتنق المسيحية، والحضارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث ينتشر الإسلام، لذلك كان ينظرُ الغربيون إلى المسلمين نظرة عداء ويرونَ فيهم أعداءً يتربَّصون بهم من كل جانب.[٣]
وقد أخذوا تلك الصورة غالبًا من خيالات لا وجود لها، فكانت معرفتهم بالشرق الأوسط قليلة ولهم معرفة أقل منها بالحضارات في الهند والصين وذلك عن طريق التواصل التجاري والقوافل التجارية، لكن بعد أن ازدادت الحملات الغربية الاستعمارية لاستكشاف العالم وزيادة مساحة السيطرة والنفوذ لاحظَ الغرب الفرق بين الحضارات الكاتبة والمثقفة في الشرق والحضارات الغير كاتبة في أفريقيا والأمريكيتين الشمالية والجنوبية.[٣]
وخلال القرن الثامن عشر عمِلَ العديد من الباحثين الغربيين على إعلاء شأن كثير من جوانب حضارات الشرق، وصاروا يصفون بعضًا منها بأنها متفوِّقة على ما يقابلها في الغرب، ومن أشهر هؤلاء الباحثين: الأديب الشهير والفيلسوف والمفكر الفرنسي فولتير الذي كان يمدحُ الديانة الزرادشتية كثيرًا ويشجعُ على دراستها، وكان يعتبرُ أنَّها ربوبية عقلانية أكثر من الدين المسيحي، والكثير منهم مدحوا ما كان ينتشر في أوساط مناطق الشرق المسلم من تعايش ديني بعكس الغرب الذي تنتشر فيه المسيحية، كما مدحوا مراتب العلم التي وصل إليها الشرق وخصوصًا في الصين، ولم يتَّضح التواصل العميق بين تاريخ الشرق وتاريخ الغرب القديم إلا بعدَ أن تُرجمَ كتاب الرسول زرادشت والذي يُدعى كتاب الأفستا ويعدُّ كتاب الديانة الزرادشتية المقدَّس، وبعد أن اكتشفت اللغات الهندو أوروبية وهي أسرة من أكبر أسر اللغات عبر التاريخ، بعد ذلك صار استكشاف العالم الشرقي محطَّ أنظار فرنسا وبريطانيا يتنافسون عليه، وبشكل خاص بعد السيطرة على الهند.[٣]
وقد رآى البعض أن اكتشاف تلك المناطق الشرقية كان حاجة ضرورية لفهم طبيعة الشعوب فيها وتسهيل السيطرة عليها، لكن بالمقابل وفي بحث عن الاستشراق يجب أن يُشار إلى أنه وُجدَ بعض الباحثين الاقتصاديين الذين ذمُّوا الحضارات في الشرق مثل جيمس ميل، كما كان المبشِّرون المسيحيون ينظرون إلى جميع الأديان والمعتقدات الموجودة في الشرق على أنّها مجرد أكاذيب وهرطقات، ولكن بشكل مؤكّد لم يبدأ الاستشراق فعلًّا وبشكل رسمي إلا بعدَ أن صدرَ في مجمع فيينا الكنسي القرار الرسمي عام 1312م الذي ينصُّ على إنشاء عدد من الكراسي المخصّصة لدراسة اللغة العربية في عدد من جامعات أوروبّا، وفي نهاية القرن الثامن عشر بدأ ظهور الاستشراق كمفهوم مستقل في أوروبّا، أولًا في إنكلترا عام 1779م ثمَّ في فرنسا عام 1799م.[٣]
وفي نهاية بحث عن الاستشراق من الضروري ذكر بعض الأسماء اللامعة في فضاء الاستشراق، فالمستشرقون هم الباحثون والمفكرون الذين قاموا بدراسة الحضارات الشرقية وجميع ما يتعلّق بالشرق، وكان لهم خبرة كبيرة وباع طويل في محاكاة وتصوير كثير من جوانب تلك الحضارات بمختلف اختصاصاتهم من رواة وفنانين ومصممين وكتاب ومؤرخين، وقد ظهر كثير من المستشرقين في مختلف مناطق أوروبّا، وقد كانت فرنسا في مقدمة الدول التي دعمت الاستشراق كثيرًا، وتعدُّ من أهم وأكبر مدارس الاستشراق منذ مدرسة اللغات الحية عام 1795م، وقد ترأسها المستشرق سلفستر دي ساسي الذي يعدُّ عميد المستشرقين في أول نصف من القرن التاسع عشر، وفي إيطاليا ظهر الأمير كايتياني الذي ألف كتابًا سمَّاه حوليات الإسلامي.[٤]
المراجع[+]
- ↑ "حضارة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 14-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "مفهوم الاستشراق والمستشرقين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث "تاريخ الاستشراق"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 14-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "استشراق"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-07-2019. بتصرّف.