قصة الحمار الذي صار حصانًا
قصة الحمار الذي صار حصاناً
يُروى في قديمِ الزمان قصة الحمار الذي صار حصانًا، كان هذا الحمار ثريًّا جدًا، وقد ضاق ذرعًا بتسمية الناس له بالحمار، فهو لا ينقصه المال أو الشهرة، وقرّر أن يغير نفسه ويتحول إلى حصان، ولكن! لم يكن يعرف كيف يفعل هذا أو من يساعده، وهو يسير في الطريق مهمومًا حزينًا وإذ بثعلب يستوقفه في الطريق، ويقول له: مالي أراك مهمومًا حزينًا، قص الحمار مأساته للثعلب وعن حلمه بأن يصبح حصانًا.
فكّر الثعلب كثيرًا كي يساعدَ صديقه الحمار، فقال الثعلب للحمار: تستطيع بالمال الذي تملكه أن تقوم بعمليات تجميل عند أشهر الأطباء وبهذا يتغيّر شكلك، فردّ عليه الحمارُ قائلًا: ومن قال لك إنّي أريد أنْ أبقى حمار، أنا أريد أن أصبح حصانًا، فقال الثعلب للحمار: إذًا لم يبقَ أمامك إلا حلًا وحيدًا، فاستفسر الحمار باستغراب من الثعلب سائلًا إيّاه عن هذا الحلّ، فقال له ما عليك إلا أن تشتري الحيوانات بأموالك، استغرب الحمار من قول الثعلب وقال له: أرجوك أن تشرح ما تقول لأني لم أفهم ما قلته لي.
بدأ الثعلب بشرح الفكرة للحمار الثري، فقال له: ما عليك إلا أن تشتري بأموالك طعامًا لبعض الحيوانات، أو تشتري لهم بيوتًا بشرط أن يقولوا عنك أنّ سلالتك هي سلالة نادرة من سلالات الأحصنة، وتتميّز بقصر قوامها وذيلها، فكّر الحمار كثيرًا بقول الثعلب، وبالفعل قرّر أن يتبع نصيحته، وبدأ الحديث بالغابة عن الحمار الذي صار حصانًا، وأُقيمت الاجتماعات والمؤتمرات من أجل أن تُثبَت صحة هذه المقولة، جلس الثعلب إلى جانب الحمار الذي صار حصانًا وحولهما بقية الحيوانات، والتي كانت تنعم بما لذ وطاب من الطعام والشعير والقمح والجوز الذي اشتراه لهم الحمار الثري، ليشهدوا جميعًا أن هذا الحمار من السلالة النادرة التي تتصف بقصر قوامها وذيلها.
وانتشر الخبر سريعًا بين الجميع عن هذا الحمار الذي صار حصانًا والذي يشتري هذه الشهادة بأمواله، وأصبحت الحيوانات المبتزّة تذهب للحمار وتقول له: يا لكَ من حصانٍ جميلٍ -طمعًا بالمال وبما سيدره عليهم هذا الحمار من العطايا-، وفي أحد الأيام أُقيمت مسابقة بين الأحصنة، فقرّر الحمار الاشتراك فيها، نصحه الثعلب بالعدول عن رأيه وأخبره بأنّه حمار ولن يستطيع مجاراتهم بالسرعة، فغضب الحمار كثيرًا من قول الثعلب؛ لأنّه مقتنع بأنه الحمار الذي صار حصانًا بأمواله، وقام بطرد الثعلب من عنده.
شارك الحمار الذي صار حصانًا بالمسابقة، ووقف بين الأحصنة التي تصهل بصوت مرتفع، وظن الجميع أنه مُهرٌ صغير لم يكبر بعد، وما إن سمع الحمار صهيل الأحصنة والأعلام الملونة وتصفيق الجميع لهم، أخذته الغبطة والسرور فبدأ بالنهيق بين الأحصنة عندها أدرك الجميع أنه حمار، وبدأوا بالسخرية منه وهم يقولون له هيا أيها السريع فلتهزم جميع الأحصنة، بدأ السباق وركضت جميع الأحصنة وخلفت ورائها الحمار الذي صار حصانًا على حد زعمه مخذولًا مهزومًا، وبعد هذا السباق خسر الحمار جميع أمواله وابتعدت عنه الحيوانات التي كانت ترافقه طمعًا بماله.
رجَعَ حمارًا فقيرًا منبوذًا؛ لأنّه رفض واقعَه وأراد أن يعيش حُلمًا من المستحيل تحقيقه أو استمراره، وتعلّمَ بعد هذا الدرس أن يتقبل نفسه ويعمل على تطويرها لا أن يرفض كونَه حمارًا، وتعلّم أيضًا أن يبتعد عن أصدقاء المصلحة؛ لأنهم سرعان ما سيتخلّون عنه.