سؤال وجواب

نظرية الاستخدامات والإشباعات


النظريات الإعلامية

تَلعب النظريات الإعلامية دورًا مهمًّا في تفسير وقياس العلاقة بين المرسِل المُتَمثل بالوسيلة الإعلامية، والمستقبِل أو ما يُعرف بالفرد المتلقي، ومن أهم النظريات وأكثرها دراسةً في المجتمع نظرية الاستخدامات والإشباعات، حيث بدأت النظرية أو الدراسات المتعلقة بها تقوم حول فكرة بأن جمهور الوسيلة الإعلامي ليس عنصرًا سلبيًا بل عنصرًا إيجابيًا، وكانت الدراسات الأولى حول أسباب استخدام الجمهور لوسائل الإعلام قد بدأت في العقد الرابع من القرن العشرين، وظهرت بشكل واضح خلال الحرب العالمية الثانية، ومنها اتفق العلماء بأن الجمهور هو من ينتقي وسائل الإعلام التي يتعرض لها، وهو من يختار المضمون وفقًا لحاجاته التي يرغب في إشباعها.[١]

نظرية الاستخدامات والإشباعات

اختلفت تسمية نظرية الاستخدامات والإشباعات، حيث منهم من أطلق عليها مسمى نموذج، ومنهم من اعتبرها نظرية، ويُعد أول من أظهر النظرية في كتاب متكامل كاتز وبلومر في عام 1974 في كتابهما استخدام وسائل الاتصال الجماهيري، حيث صَوّر الكتاب الوظائف التي تقوم عليها وسائل الإعلام، ودوافع اختيار الفرد أو المتلقي لها والمحتوى التي تقوم بعرضه، واستندت النظرية على مجموعة من الفروض وفقًا لكاتز وبلومر، وهي:[٢]

  • استخدام الأفراد لوسائل الإعلام يحقق لهم أهدافًا مقصودةً تلبي ما يطمحون إليه، وأن الجمهور هو عنصر فعال في عملية الاتصال.
  • تعود الرغبة في اختيار الوسيلة الإعلامية لإشباع حاجات محددة إلى الجمهور نفسه، وتختلف تلك الرغبات بين الأفراد وفقًا لاحتياجاتهم.
  • الأفراد هم من يختارون وسائل الإعلام التي تشبع رغباتهم، فالوسيلة الإعلامية لا تستخدم الجمهور بل الجمهور هو من يستخدمها.
  • يعلم الجمهور مدى الفائدة التي قد يجنيها نتيجة اختياره لوسائل الإعلام التي يتعرض لها، وهو أعلم أيضًا بدوافعه واحتياجاته.
  • يتم التعرف إلى القيم السائدة في المجتمع وفقًا للمحتوى الذي يتابعه الجمهور، وليس المحتوى الذي تقدمه وسائل الإعلام.


تسعى نظرية الاستخدامات والإشباعات إلى تحقيق أهداف محددة، في مقدمتها التعرف إلى كيفية استخدام الجمهور لوسائل الإعلام، وذلك بعد دراسة الجمهور الفاعل في متابعة الوسيلة الإعلامية، ويُمكن ذكر الأهداف وفقًا للآتي:[٣]

  • التعرف إلى سبب وكيفية استخدام الفرد لوسائل الإعلام.
  • التعرف إلى دوافع استخدام الفرد لوسيلة إعلامية محددة دون غيرها أو وراء تعرضه محتوى محدد دون غيره.
  • التعرف إلى نتائج استخدام الفرد لوسائل الإعلام، فذلك يقود إلى فهم عملية الاتصال الجماهيري.

دوافع تعرض الجمهور لوسائل الإعلام

اختلف المختصون في تصنيف الدوافع الكامنة وراء استخدام الفرد وسيلة إعلامية دون الأخرى، فمنهم من يرى بأن الدوافع ليست ظاهرة وأن الفرد لا يُدركها، فالحاجات تؤثر فيه بشكل مباشر دون أن يعلم ذلك، حيث ينتقي المحتوى أو الوسيلة الإعلامية من باب اللاوعي، فيما يرى آخرون بأن الدوافع يُمكن دراستها والتعرف إليها، وأن الفرد لديه القدرة على التعبير عن احتياجاته ودوافع تعرضه للمحتوى، وتُفسر فئة أخرى الدوافع بأنها حاجات لا يُمكن التعرف عليها بشكل مباشر، إنما يلزم دراسة سلوك الأفراد والتعرف عليهم من أجل ذلك، ويرى القسم الأخير عدم وجود دوافع محددة، بل بأن التعرض لوسيلة محدة هو عادة لدى الأفراد وليست وفقًا لحاجات معينة.[٢]، ويُعرف الدافع بأنه حالة نفسية توجه الفرد إلى القيام بسلوك محدد بهدف إشباع حاجة محددة، وتُصَنِف نظرية الاستخدامات والإشباعات دوافع تعرض الجمهور لوسائل الإعلام إلى دافعين رئيسيين، وهما:[٣]

  • دوافع نفعية: تتمثل الدوافع النفعية وفقًا لنموذج نظرية الاستخدامات والإشباعات بأنها دوافع اكتساب المعرفة، والتعرف إلى المعلومات وكسب الخبرات في مجالات الحياة، مثل التعرض لنشرات الأخبار على التلفاز.
  • دوافع طقوسية: تتمثل الدوافع الطقوسية بكسر الملل، والتهرب من واقع الحياة ومشكلاتها، إضافة إلى أسباب ترفيهية، ومن أبرز الأمثلة على ذلك التعرض للأفلام والمسلسلات والبرامج الكوميدية.

أنواع الإشباعات التي يبحث عنها الجمهور

تقوم نظرية الاستخدامات والإشباعات على وجود حاجات تدفع الجمهور إلى اختيار نوع الوسيلة والمحتوى الإعلامي الذي يرغب به، حيث يسعى إلى إشباع تلك الحاجات من خلال التعرض لذلك المحتوى، ووفقًا للعلماء والمختصون في الدراسات الإعلامية فإن الإشباعات تنقسم على النحو التالي:[٣]

  • إشباعات المحتوى: ترتبط إشباعات المحتوى بالمحتوى الذي تقدمه الوسيلة الإعلامية، وتنقسم إشباعات المحتوى إلى قسمين، حيث يُعد النوع الأول إشباعات توجيهية، تتمثل في مراقبة البيئة المحيطة بالفرد والحصول على المعلومات، بينما يُعد النوع الثاني إشباعات اجتماعية، تتمثل في ربط المتلقي للمعلومات التي يحصل عليها بعلاقاته الاجتماعية.
  • إشباعات العملية: ترتبط إشباعات العملية بالوسيلة الإعلامية ذاتها، وتنقسم إلى إشباعات شبه توجيهية مثل الحد من الخوف والقلق، وتعزيز الشعور بالذات والدفاع عنها، أما النوع الثاني فهو إشباعات شبه اجتماعية، حيث وتتمثل بزيادة علاقة الفرد المتلقي بالشخصيات الإعلامية، وترتبط ارتباطًا وثيقًا لضعف العلاقات الاجتماعية لدى الأفراد، حيث تزداد عزلتهم غالبًا.

الانتقادات الموجهة إلى نظرية الاستخدامات والإشباعات

حالها كحال باقي النظريات، فقد واجهت نظرية الاستخدامات والإشباعات انتقادات وإشكاليات من وجهة نظر مختصين في الدراسات الإعلامية، وفي بداية الانتقادات كانت صعوبة تفسير العلاقة بين الجمهور ووسائل الاتصال الجماهيري بسبب اختلاف القدرات العقلية لدى الأفراد، واختلاف الظروف الاجتماعية لديهم، ومن أهم تلك الظروف القدرات الاقتصادية، لذا؛ كان من الأجدر وضع تصنيفات اجتماعية إلى جانب الحاجات والإشباعات.[٤]


وفي انتقاد موجه إلى النظرية يرى دينيس ماكويل بأن بعض الحاجات قد تكون ذريعة لبعض الوسائل الإعلامية لتقديم المحتوى الهابط أخلاقيًا، وذلك لا يُعد مبررًا لإنتاج مثل هذا النوع من المحتوى، ويرى آخرون بأن النظرية قائمة على مصطلحات مرنة، مثل الدوافع والحاجات والإشباعات، ما يُشكل صعوبة في تحديد ناتج ثابت يفسر العلاقة بين الجمهور ووسائل الإعلام.[٢]

المراجع[+]

  1. صالح أبو إصبع (2006)، الاتصال والإعلام في المجتمعات المعاصرة (الطبعة الخامسة)، عمّان: دار المجدلاوي، صفحة 140. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت محمود اسماعيل (2003)، مبادئ علم الاتصال ونظريات التأثير (الطبعة الأولى)، القاهرة: الدار العالمية للنشر والتوزيع، صفحة 254. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت حسن مكاوي، ليلى السيد (1998)، الاتصال ونظرياته المعاصرة (الطبعة الأولى)، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، صفحة 241. بتصرّف.
  4. محمد عبد الحميد (2004)، نظريات الإعلام واتجاهات التأثير (الطبعة الثالثة)، القاهرة: عالم الكتب، صفحة 291. بتصرّف.