قصة سرقة الحجر الأسود
محتويات
القرامطة
يُنسب القرامطة إلى الدولة القرمطيَّة التي نشأت نتيجة ثورة شعبيّة خلال العصر العباسي، ويمكن القول بأنّها ثورة اجتماعيّة طغى عليها الطابع الدينيّ، وتعدُّ ثورة القرامطة من أوائل الثورات التي نادت بالاشتراكية في جميع أنحاء العالم، حيثُ اعتمدَ القرامطة في النظام الاقتصادي للدولة على رأسمالية الدولة بشكل كامل كما اعتمَدت الدول الاشتراكية ذلك في العصر الحديث، ويعتقدُ البعض أنَّ القرامطة إحدى الطوائف الدينية التي انبثَقت من طائفة المباركية إحدى الفرق التابعة للطائفة الإسماعيلية ولكنها تختلف عنها، أمَّا أتباع تلك الدعوة فقد كانوا يطلقون عليها اسمَ الدعوة الهادية، وفي هذا المقال سيتمُّ التعرُّف على تاريخ دولة القرامطة وعلى قصة سرقة الحجر الأسود.[١]
قيام دولة القرامطة
يعدُّ حمدان بن الأشعث المؤسس الأول لمذهب القرامطة وقد أطلقَ عليه لقب قرمط، جاء إلى الكوفة من الأهواز في عام 891م واستقرَّ بها، وفي أواخر القرن التاسع الميلادي قام مع أتباعه بثورة ضدَّ خلافة الدولة العباسية في بغداد، وقد أدت هذه الثورة إلى كثير من الاضطرابات في الدولة العباسية ومنها قصة سرقة الحجر الأسود، أطلق على الكوفة اسم دار الهجرة وبدأ بدعوته مدَّعيًا أنها لأحد أئمة آل البيت وبعد أن لاقت دعوته تأييدًا من العلويين أفصحَ عن دعوته المنحرفة والبعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي.[١]
تمدّدت دولة القرامطة حتى كانت في الكوفة والبصرة وواسط في العراق، ثمَّ توسَّعت لتشمل القطيف، وفي عهد زعيمها أبي سعيد الجنابي امتدَّت أكثر لتشمل البحرين وهجر والطائف والأحساء وجعل من البحرين قاعدةً له، ويمكن القول بأنَّ المناطق الأساسية التي انتشرت فيها هي حاليًا قطر والكويت والإمارات العربية المتحدة والبحرين وشرق المملكة العربية السعودية، ولم ينجح الخليفة المعتضد من التخلص من هذه الحركة لأنه كان يعدّها أقل خطرًا من غيرها فتممدت وانتشرت أكثر.[١]
مكانة الحجر الأسود
الحجر الأسود هو حجر وضعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكانه الذي هو فيه الآن عندما اختلفَ العرب على الشخص الذي سيضعه، فكان رسول الله أوَّل القادمين فحكَّموه في ذلك ووضعه بيديه الشريفتين في مكانه، ويعدُّ الحجر الأسود أحد أحجار الجنَّة كما ورد في الحديث الصحيح وقد نزلَ من الجنة بلونٍ أبيض لكنَّ خطايا بني آدم قد سوَّدته، عن عبد الله بن عباس أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "نزل الحجرُ الأسودُ مِن الجنةِ وهو أشدُّ بياضًا مِن اللبنِ، فسوَّدَتْه خطايا بني آدمَ"[٢] ، وبقيَ الحجر موضعَ تكريمٍ لأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان يقبِّلهُ.[٣]
وفي حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنَّهُ جَاءَ إلى الحَجَرِ الأسْوَدِ فَقَبَّلَهُ، فَقالَ: "إنِّي أعْلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ، لا تَضُرُّ ولَا تَنْفَعُ، ولَوْلَا أنِّي رَأَيْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُقَبِّلُكَ ما قَبَّلْتُكَ"،[٤] ولذلك فإنَّ تقبيل الحجر الأسود سنَّة من سنن النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن دون أن يكون ذلك سببًا في إيذاء الناس أثناء الزحام والاعتقاد الجازم بأنَّه مجرَّد حجر لا يضرُّ ولا ينفع.[٣]
قصة سرقة الحجر الأسود
تعدُّ قصة سرقة الحجر الأسود من أصعب وأفظع الحوادث التي مرَّت على الحجر الأسود عبر التاريخ، حيثُ أغار على مكة المكرمة في عام 317 للهجرة جيش من جيوش القرامطة بقيادة أبي طاهر القرمطي، وقد كان زعيم القرامطة وملك البحرين في تلك الفترة، فقام القرامطة بمهاجمة بيت الله الحرام وكان ذلك في يوم التروية والناس محرمون في الحج، فقتلوا عددًا كبيرًا من حجاج بيت الله وسرقوا أموالهم واقتلعوا الحجر الأسود من مكانه وظهر في ذلك اليوم كفرهم وزندقتهم لجميع الناس.[٥]
وفي قصة سرقة الحجر الأسود يتبيَّن أنَّ القرامطة كانوا قد حاولوا أن يسرقوا مقام سيدنا إبراهيم -عليه السلام- لكنَّ القائمين على الحرم في ذلك الوقت أخفوه خشيةً عليه، وقام القرامطة بإرسال الحجر الأسود إلى هجر في الأحساء حاليًا، وقامَ أبو طاهر القرمطي في عام 318 للهجرة بسنِّ الحجِّ في الأحساء ووَضْع الحجر الأسود في بيت كبير هناك وبقي عندهم مدّة 22 سنةً تقريبًا، وطلبَ القرامطة من سكان القطيف بأداء فريضة الحج إليه، لكنَّ معظم الناس رفضوا ذلك، فقتل القرامطة من أهالي تلك المناطق أعدادًا كثيرة، ويذكرُ البعض أنَّ عدد القتلى الذين قتلهم القرامطة في مكة المكرمة ثلاثين ألفًا من المسلمين.[٦]
استعادة الحجر الأسود
بعد الحديث عن قصة سرقة الحجر الأسود سيُشار إلى إعادة الحجر الأسود إلى مكانه بعد تلك الحادثة المشؤومة، ففي عام 339 للهجرة أي بعد مضيِّ أكثر من 22 سنةٍ على سرقة الحجر الأسود من قبل القرامطة، عمل الخليفة المقتدر بالله على إعادة الحجر الأسود، فدفع للقرامطة ثلاثين ألفَ دينار مقابل ردِّ الحجر الأسود إلى مكة، فوافق القرامطة على ذلك، وقد ورد في في كتاب تحفة الراكع والسّاجد بأحكام المساجد للإمام أبي بكر الجراعي قوله:[٦]
المراجع[+]
- ^ أ ب ت "قرامطة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 25-07-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 877، حسن صحيح.
- ^ أ ب "مكانة الحجر الأسود"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-07-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1597، صحيح.
- ↑ "خبر سرقة الحجر الأسود"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "الحجر الأسود"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 25-07-2019. بتصرّف.
