سؤال وجواب

تأملات في سورة الروم


سورة الروم

سورة الروم من السّور التي أنزلها الله -جلّ وعلا- على الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بمكّة المكرّمة، وكان نزولها مع أمين الوحي جبريل -عليه السلام-، فهي سورةٌ مكيّةٌ بأكملها، عدد آياتها ستون آية، تأتي في المرتبة الثلاثين من الترتيب العثمانيّ للقرآن الكريم، وقد سميّت بسورة الرّوم نظرًا لاستفتاحها بآيةٍ خصصت لنقل حال الرّوم، قال تعالى: {غُلِبَتِ الرُّومُ}،[١] وقد نزلت السورة بالبشرى للمسلمين، بعد حزنهم لانهزام أهل الكتاب، ولشماتة المشركين بخسارة الروم، كما تمحورت السورة حول بيان سنن الله تعالى في الأمم السابقة، وعلى اختلاف مقاصدها سيتحدّث هذا المقال عن التأملات في سورة الرّوم، وعن اللمسات البيانية في هذه السورة.[٢]

تأملات في سورة الروم

التركيز في دراسة التأملات في سورة الروم، يوجبُ البحث فيما ركّز عليه الدكتور فاضل السامرائي في اللمسات البيانية لبديع كلام الله، فالإعجاز البياني يطغى على جميع سور القرآن الكريم، وفيما يأتي بعضٌ من التأملات في سورة الروم:

  • في قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ}،[٣] فقد جاءت هذه الآية توضيحًا للسبيل إلى الخروج من الفريق الخاسر إلى الفريق الفائز في الآخرة، وهذا السبيل هو تنزيه الله -سبحانه وتعالى-، والتسبيح باسمه وبحمده بالغداة والعشي.[٤]
  • استخدام أسلوب إطلاق الصواب والابتعاد عن التخصيص، في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ}،[٥] فقد جعل الله آية النوم بالليل والنهار معًا، ولم يخصص وقتًا مُلزِمًا لأمّة سيدنا محمد تنام فيه، وكذلك الابتغاء من فضل الله قد يكون في الليل أو في النهار.[٦]
  • الاختلاف في تخصيص إرسال الرياح في الآيتين، في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}،[٧] ثم قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ۖ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}،[٨] والفرق هنا يأتي من مضمون تتابع الآيات، فقبل الآية الأولى كان الله قد ذكر عاقبة الأمم الكافرة، ثم ذكر فضله على الذين آمنوا، فكانت الرياح هنا عامّة، وبعد ذلك حذّر من الإجحاد بنعم الله، وعدم شكرها، ثم جاء ذكرها في الآية الثانية مخصوصةً ومقرونةً بالمطر.[٩]

نفحات قرآنية في سورة الروم

الإعجاز الأدبي في كلام الله عظيم، لا ينصفه قولٌ أو كتابة، وبديع إعجازه لا يتوقف عند سرد عددٍ قليلٍ من التأملات في سورة الروم، وفي كلّ سورةٍ من سور القرآن لا بدّ أن يطغى إعجازه وبديع صنعه -سبحانه وتعالى- عليها، ونزلًا عند ذلك، سيعرض هذا المقال عددًا من النفحات القرآنية، التي نزلت في سورة الروم:[١٠]

  • في قوله تعالى: {فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ}،[١١] قوله لكلمة بضع وليس بعض، ولا حتّى تحديدًا معيّنًا لعدد السنين، والبضع هو عددٌ من السنوات لا تكمل العقد، بين الثلاثة والتسعِ سنين.
  • في قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}،[١٢] وهنا يخصّ الله فريقًا من المؤمنين يبتليهم الله بضرٍّ على اختلاف مصادره، وما إن يزيل عنهم ما نزل بهم، حتّى نسبوا ذلك لغير الله، ولم يشكروه على نعمائه وإحسانه لهم.
  • في قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ}،[١٣] الريح تختلف اختلافًا كبيرًا عن الرياح، فالرياح هي من صور رحمة الله الواسعة، والريح هي التي تكون غضبًا من الله تتلف الزرع، وتهدم المنازل والأثاث، ولكنّ الغافلين يبادرون إلى تبرير ذلك بإسناده إلى الظواهر الطبيعية، متجاهلين كونها غضبًا من الله.

المراجع[+]

  1. سورة الروم، آية: 02.
  2. "مقاصد سورة الروم"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-07-2019. بتصرّف.
  3. سورة الروم، آية: 17.
  4. "لمسات بيانية – قال الله تعالى فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ"، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-07-2019. بتصرّف.
  5. سورة الروم، آية: 23.
  6. "ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله"، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-07-2019. بتصرّف.
  7. سورة الروم، آية: 46.
  8. سورة الروم، آية: 48.
  9. "إرسال الرّياح والرّسل في سورة الرّوم الآيات 46 إلى 49"، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-07-2019. بتصرّف.
  10. "نفحات قرآنية .. في سورة الروم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-07-2019. بتصرّف.
  11. سورة الروم، آية: 04.
  12. سورة الروم، آية: 33.
  13. سورة الروم، آية: 51.