نبذة عن عبيد بن الأبرص
محتويات
الشعر الجاهلي
يُطلق مصطلح الشعر الجاهلي على الشعر العربي الذي كتبه شعراء العرب قبل الإسلام، أي قبل بعثة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وفي تلك الفترة كان الشعراء المتحدّثين الرسميّين باسم القبائل، لهم مكانة مرموقة ومنزلة رفيعة، حتَّى أنَّ قبائل كانت تفخر بكثرة شعرائها وفحولتهم، ويُعدُّ الشعر الجاهلي أقدم ما وصل من شعر العرب، فقبل الجاهليين لم يصلْ أي نصِّ أدبي شعري ممن سبقهم، ومتى ذُكر الشعر الجاهلي ذُكرتِ المعلقات العشر التي تعدُّ أفضل قصائد العرب في الجاهلية وما بعدها، ومن شعراء المعلقات العشر الشاعر عبيد بن الأبرص الذي سيتم الاطلاع على حياته، وأخذ نبذة عن عبيد بن الأبرص الشاعر الجاهلي المعروف.
نبذة عن عبيد بن الأبرص
في نبذة عن عبيد بن الأبرص، هو عبيد بن الأبرص بن جُشَم بن عامر الأسدي، كان يُكنَّى بأبي دودان وأبي زياد، وهو من بني دودان بن أسد بن خُزيمة، شاعر جاهلي ومن خيرة الشعراء الجاهليين، وصاحب معلَّقة من المعلَّقات العشر، كان أبوه مصابًا بمرض الأبرص، لذلك سُمِّي بابن الأبرص، وهو شاعر بني أسد، كان أحد المشاركين في المعارك التي خاضها بنو أسد ضد حجر بن الحارث الكنديّ والد امرئ القيس الشاعر المعروف، كما شارك عبيد في حروب قبيلته ضد الغساسنة وضد قبيلة طيء أيضًا، وبسبب عمره الطويل شهد عبيد أحداثًا كثيرة في الجاهلية، فهو من الشعراء المعمرين.[١]
تذكر الروايات أنّ حجر بن الحارث الكندي والد امرئ القيس حَكَم بني أسد فساءت معاملته لهم، ففرض عليهم دفع المال الكثير، وأسر رجالهم، وكان من الأسرى عبيد بن الأبرص شاعر بني أسد، وبعد هذه المذلة الكبيرة التي سببها حجر الكندي والد امرئ القيس، ثار بنو أسد عليه وقتلوه، فهب امرؤ القيس للثأر من بني أسد، وبدأ يهدد بني أسد ويتوعدهم، فردَّ عليه شاعرهم عبيد بن الأبرص بقوله:
يا ذا المخوفُنا بقتـ
- ـلِ أبيه إذلالًاوحَينا
أزعمتَ أنَّكَ قد قتلـ
- ـتَ سراتنا كذِبًا ومَيْنا
وجدير بالذكر أيضًا إنَّ عبيد بن الأبرص صُنِّف مع شعراء الطبقة الرابعة حسب تصنيف ابن سلام، وهو شاعر فحل من الجاهليين، قال عنه الأصفهاني: "شاعر فحل فصيح من شعراء الجاهلية"، وقد ورد عن بني أسد قولهم إنَّ عبيد بن الأبرص هو أول من سرى على لسانه الشعر في الجاهلية، وقد مات عبيد بحسب الروايات في عام 598م، والله أعلم.[١]
قصة موت عبيد بن الأبرص
بعد ما جاء في نبذة عن عبيد بن الأبرص، ثمَّة قصة تُسرد عن حادثة موت هذا الشاعر الجاهلي الذي مات مقتولًا على يد الملك المنذر بن ماء السماء والد النعمان، يروي القصة الشرقي بن القطامي، يقول: "إنَّ المنذر بن ماء السماء جعل لنفسِهِ يومين في السَّنة يجلس فيهما عند الغريين، يسمِّي أحدهما يوم نعيم، والآخر يوم بؤس، فأوَّل من يطلع عليه يوم نعيمِهِ يعطيهِ مائة من الأبل شومًا أي: سودا، وأول من يطلعُ عليه يوم بؤسِهِ يعطيه رأس ظربان أسود، ثم يأمر به، فيُذبح ويغرى بدمِهِ الغريان، فلبثَ بذلك برهة من دهره.
ثمَّ إنَّ عبيد بن الأبرص كان أول من أشرف عليه في يوم بؤسه، فقال: هلا كان الذبح لغيرك يا عبيد؟ فقال: أتتك بحائن رجلاه، فأرسلها مثلًا، فقال له المنذر: أو أجلٌ بلغ إناه، فقال له المنذر: أنشدني، فقد كان شعرك يعجبني، فقال عبيد: حال الجريض دون القريض، وبلغ الحزام الطبيين، فأرسلها مثلًا، فقال له المنذر: أسمعني، فقال: المنايا على الحوايا، فأرسلها مثلًا، فقال له آخر: ما أشدَّ جزعك من الموت، فقال: لا يرحل رحلك من ليس معك فأرسلها مثلًا، فقال له المنذر: قد أمللتني، فأرحني قبل أن آمر بك، فقال عبيد: من عزَّ بزَّ فأرسلها مثلًا، فقال المنذر: أنشدني قولك: أقفر من أهله ملحوب، فقال عبيد:
أقفر من أهلهِ عبـيدُ
- فليس يبدي ولا يعيد
عنت له عنة نكـودُ
- وحان منها له ورود
فقال له المنذر: يا عبيد، ويحك، أنشدني قبل أن أذبحك، فقال عبيد:
والله إنْ متُّ مـا ضـرَّنِي
- وإن أعشْ ما عشتُ في واحدهْ
- وإن أعشْ ما عشتُ في واحدهْ
فقال المنذر: إنَّه لا بدَّ من الموت، ولو أنَّ النعمان عرض لي في يوم بؤس لذبحته، فاختر إن شئت الأكحل، وإن شئت الأبجل، وإن شئت الوريد، فقال عبيد: ثلاث خصال كسحاباتِ عاد واردُها شرُّ وراد، وحاديها شرُّ حاد، ومعادُها شرُّ معاد، ولا خير فيه لمرتاد، وإن كنتَ لا محالة قاتلي فاسقني الخمر، حتى إذا ماتَتْ مفاصلي، وذهلتْ لها ذواهلي فشأنُكَ وما تريد، فأمر المنذر بحاجته من الخمر، حتَّى إذا أخذتْ منه، وطابتْ نفسُه، دعا به المنذر، ليقتله، فلما مثل بين يديه أنشأَ يقول:
وخيرني ذو البؤسِ في يوم بـؤسِـهِ
- خصالًا أرى في كلِّها الموتَ قد بَرَقْ
كما خُيِّرتْ عادٌ من الـدَّهـر مـرَّةً
- سحائبَ ما فيها لـذي خـيرةٍ أنـَقْ
سحائب ريح لـم تـوكَّـلْ بـبـلـدةٍ
- فتتركُها إلا كمـا لـيلة الـطَّـلـقْ
- فتتركُها إلا كمـا لـيلة الـطَّـلـقْ
فأمرَ به المنذر، فقصدَ، فلما ماتَ غري بدمه الغريان"، والله أعلم.[٢]
قصة معلقة عبيد بن الأبرص
جاء في قصة معلقة عبيد بن الأبرص، إن عبيد كان فقيرًا بحاجة إلى المال، فنزل ذات اليوم مع غنمه وأخته ماوية إلى الغدير ليورد غنمه، فاعترضه رجل من بني مالك بن ثعلبة، فحزن لما فعله به الرجل المالكي، فمشى واستظلّ بظل شجرة هو وأخته ماوية، فأخذهما النوم، فيقول عبيد إنَّ المالكي نظر إليه وهو نائم وقال:
ذَاكَ عَبِيدٌ قَدْ أَصَابَ مَيَّا
- يَا لَيْتَهُ أَلْقَحَهَا صَبِيَّا
- يَا لَيْتَهُ أَلْقَحَهَا صَبِيَّا
فسمع عبيد قول المالكي، فرفع يديه ودعا قائلًا: "اللهم أن كان هذا ظلمني ورماني بالبُهتان فأدلني منه"، ثمَّ نام فرأى في نومه أن أحدًا جاءه في المنام بكبة من شعر وألقاها في فيهِ، فقام وأصبح يقول الشعر ويرتجز هاجيًا بني مالك، وكان يقول:
يا بَنِي الزَِّنْيَةِ مَا غَرَّكُمُ
- لَكُمُ الوَيْلُ بِسِرْبَالٍ حَجَر
- لَكُمُ الوَيْلُ بِسِرْبَالٍ حَجَر
ومن هنا اندفع يقول الشعر وكان من جملة ما قال معلَّقته التي اعتبرها النقاد أفضل ما قال عبيد على الاطلاق.[٣]
معلقة عبيد بن الأبرص
في تكملةِ ما جاء من نبذة عن عبيد بن الأبرص، إنَّ لعبيد معلقة من المعلقات العشر، كتبها في خمسة وأربعين بيتًا من بحر مُخَلّع البسيط، وهي أشهر قصائد عبيد بن الأبرص على الاطلاق، بدأ عبيد معلقته بذكر المنازل التي أقفرت من أهلها، كما يفعل الشعراء الجاهليون، ثمَّ يتحدث فيها عن واقع الحياة ونهاية الإنسان المحتمة عليه ثمَّ يصف سفره وترحاله بالناقة وبالخيل، كما يمر في نهايتها على المعركة التي قامت بين العقاب والثعلب، وفيما يأتي بعض أبيات معلقة عبيد بن الأبرص:[٣]
أَقفَرَ مِن أَهلِهِ مَلحوبُ
- فَالقُطَبِيّاتُ فَالذُّنوبُ
فَراكِسٌ فَثُعَيلِباتٌ
- فَذاتُ فِرقَينِ فَالقَليبُ
فَعَردَةٌ فَقَفا حِبِرٍّ
- لَيسَ بِها مِنهُمُ عَريبُ
إِن بُدِّلَت أَهلُها وُحوشًا
- وَغَيَّرَت حالَها الخُطوبُ
أَرضٌ تَوارَثَها الجُدودُ
- فَكُلُّ مَن حَلَّها مَحروبُ
المراجع[+]
- ^ أ ب "عبيد بن الأبرص"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 29-07-2019. بتصرّف.
- ↑ "عبيد بن الأبرص"، www.al-hakawati.la.utexas.edu، اطّلع عليه بتاريخ 29-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "معلقة عبيد بن الأبرص"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-07-2019. بتصرّف.