سؤال وجواب

شعر امرئ القيس


امرؤ القيس

يعدّ الشاعر الجاهلي امرؤ القيس من أشهر شعراء العصر الجاهلي، وهو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي، ولد في عام 496م، وتوفّي في عام 544م، وهو من أصول يمانيّة عريقة، فوالده كان مَلِكَ أسد وغطفان، أما أمه فهي شقيقة الشاعر المهلهل، ومِن المُفارقات في حياةِ الشّاعر امرِئ القيس أنّ والدَه كان قد نهاه عن كتابه الشعر، فأرسلَه إلى مدينة حَضْرَموت اليمنيّة، إلى حينِ أن بلغَه مقتل أبيه على يدِ رجالٍ من بني أسد، ويعد شعر امرئ القيس من أجود ما كُتب في الشعر العربي، وقد كان له التأثير الكبير على خارطة الشعر العربي، وفي هذا المقال سيتم تناول بعض شعر امرئ القيس.

شعر امرئ القيس

كان شعر امرئ القيس شديد التأثير في عصره، وذلك بفضل براعة امرئ القيس في النسج والصياغة والتصوير، ومتانة لغته وجزالة ألفاظه الشعرية، مما جعل له مكانة خاصة بين شعراء العصر الجاهلي، ومن أشهر ما يُقال عن امرئ القيس بأنه أوَّلُ من وقفَ واستوقَفَ، وبكى واستبكى، وفيما يأتي بعض شعر امرئ القيس:

  • يقول في إحدى قصائده:

أَلا عِمْ صَباحًا أَيُّها الطَلَلُ البالِي

وَهَلْ يَعِمَن مَنْ كانَ فِي العُصُرِ الخَالي؟

وَهَل يَعِمَنْ إِلّا سَعيدٌ مُخَلَّدٌ

قَليلُ الهُمومِ ما يَبيتُ بِأَوجالِ؟

وَهَل يَعِمَن مَنْ كانَ أَحدَثُ عَهدِهِ

ثَلاثينَ شَهرًا في ثَلاثَةِ أَحوالِ؟

دِيارٌ لِسَلمَى عافِياتٌ بِذي خالِ

أَلَحَّ عَلَيها كُلُّ أَسحَمَ هَطّالِ

وَتَحسِبُ سَلمى لا نَزالُ كَعَهدِنا

بِوادي الخُزامى أَو عَلى رَسِ أَوعالِ

لَيالِيَ سَلمى إِذ تُريكَ مُنَصَّبًا

وَجِيدًا كَجيدِ الرِئمِ لَيسَ بِمِعطالِ

أَلا زَعَمَتْ بَسباسَةُ اليَومَ أَنَّني

كَبِرتُ وَأَنْ لا يُحسِنَ اللَهوَ أَمثالي

كَذَبتِ لَقَد أَصبى عَلى المَرءِ عِرسُهُ

وَأَمنَعُ عِرسي أَن يُزَنَّ بِها الخالي

وَيا رُبَّ يَومٍ قَد لَهَوتُ وَلَيلَةٍ

بِآنِسَةٍ كَأَنَّها خَطُّ تِمثالِ

يُضيءُ الفِراشُ وَجهَها لِضَجيعِهِ

كَمِصباحِ زَيتٍ في قَناديلِ ذَبّالِ
  • ويقول أيضًا:

لِمَنْ طَلَلٌ أبْصَرتُهُ فَشَجَاني

كخط زبور في عسيب يمانِ

دِيَارٌ لهِنْدٍ وَالرَّبَابِ وَفَرْتَني

ليالينا بالنعفِ من بدلان

ليالي يدعوني الهوى فأجيبهُ

وأعينُ من أهوى إليّ رواني

فإن أمس مكروبًا فيا ربّ بهمة

كشَفتُ إذا ما اسْوَدّ وَجْهُ الجَبانِ
  • كما يقول:

أرانا موضعين لأمر غيب

وَنُسْحَرُ بالطَّعامِ، وَبالشَّرابِ

عَصافيرٌ، وَذُبَّانٌ، وَدودٌ

وأجْرأُ مِنْ مُجَلِّحَة ِ الذِّئابِ

فبعضَ اللوم عاذلتي فإني

ستكفيني التجاربُ وانتسابي

إلى عرقِ الثرى وشجت عروقي

وهذا الموت يسلبني شبابي

ونفسي، سَوفَ يَسْلُبُها، وجِرْمي

فيلحِقني وشيكا بالتراب
  • ويقول أيضًا:

جزعتُ ولم أجزع من البين مجزعًا

وَعزَّيْتُ قلْباً بالكَوَاعِبِ مُولَعا

وَأصْبَحْتُ وَدَّعْتُ الصِّبا غَيْرَ أنّني

أراقب خلات من العيش أربعا

فَمِنْهُنَّ: قَوْلي للنَّدَامى تَرَفَّقُوا

يداجون نشاجًا من الخمر مترعا

وَمنهُنَّ: رَكْضُ الخَيْلِ تَرْجُمُ

بِالقَنا يُبادُرْنَ سِرْباً آمِناً أنْ يُفَزَّعا
  • ويقول:

غشيتُ ديارَ الحي بالبكراتِ

فَعَارِمَة ٍ فَبُرْقَة ِ العِيَرَاتِ

فغُوْلٍ فحِلّيتٍ فأكنَافِ مُنْعِجٍ

إلى عاقل فالجبّ ذي الأمرات

ظَلِلْتُ، رِدائي فَوْقَ رَأسيَ، قاعدًا

أعُدّ الحَصَى ما تَنقَضي عَبَرَاتي

أعِنّي على التَّهْمامِ وَالذِّكَرَاتِ

يبتنَ على ذي الهمِّ معتكراتِ

بليلِ التمام أو وصلنَ بمثله

مقايسةً أيامها نكرات

معلقة امرؤ القيس

إنّ من أهم ما زاد شعر امرئ القيس شهرة إلى شهرته أنه كان من أصحاب المعلقات الشعرية الشهيرة التي عُلِّقت في الكعبة، بل إن كان صاحب أول معلقَّة منها، وكان امرؤ القيس قد افتتح معلَّقته واقفًا على الطلل، مُستذكرًا رحيل الأحبة عنه، وقد كُتبت معلقته الشهيرة على البحر الطويل، الذي أكسبها إيقاعًا شعريًا جاهلَّيًا خالصًا، لتكون فيما بعد من أشهر القصائد التي كُتبت في تاريخ الشعر العربي بأكمله، والتي تعانق معه فيها العديد من الشعراء الذي أتوا بعده، بالإضافة إلى بعض الشعراء المعاصرين الذين فاوَضُوه وعارَضُوه في العديد من القصائد، وفيما يأتي بعض أبيات معلقة امرئ القيس:

  • يقول في إحدى قصائده:

قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ

بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ

فَتوضِحَ فَالمِقراةِ لَم يَعفُ رَسمُها

لِما نَسَجَتها مِن جَنوبٍ وَشَمأَلِ

تَرى بَعَرَ الآرامِ في عَرَصاتِها

وَقيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ

كَأَنّي غَداةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلوا

لَدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ

وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطِيّهُم

يَقولونَ لا تَهلِكْ أَسىً وَتَجَمَّلِ

وَإِنَّ شِفائِي عَبرَةٌ مَهَراقَةٌ

فَهَل عِندَ رَسمٍ دارِسٍ مِن مُعَوَّلِ

كَدَأبِكَ مِن أُمِّ الحُوَيرِثِ قَبلَهُ

وَجارَتِها أُمِّ الرَبابِ بِمَأسَلِ

فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً

عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي

أَلا رُبَّ يَومٍ لَكَ مِنهُنَّ صالِحٌ

وَلا سِيَّما يَومٍ بِدارَةِ جُلجُلِ

وَيَومَ عَقَرتُ لِلعَذارى مَطِيَّتي

فَيا عَجَبًا مِن كورِها المُتَحَمَّلِ

فَظَلَّ العَذارى يَرتَمينَ بِلَحمِهِ

وَشَحمٍ كَهُدّابِ الدِمَقسِ المُفَتَّلِ

وَيَومَ دَخَلتُ الخِدرَ، خِدرَ عُنَيزَةٍ

فَقالَتْ لَكَ الوَيلاتُ إِنَّكَ مُرجِلي

تَقولُ وَقَد مالَ الغَبيطُ بِنا مَعًا

عَقَرتَ بَعيري يا اِمرَأَ القَيسِ فَاِنزُلِ