الشعر الاجتماعي في العصر العباسي
محتويات
نبذة عن العصر العباسي
تركّز هذه المقالة الحديث حول الشعر الاجتماعي في العصر العباسي، حيث نشأت الدولة العباسية بعد انهيار دولة الأمويين، وبدأ حكم العباسيّين بقيادة أبي العباس السفاح، وانتهى بخلافة المستعصم بالله، وقد دام حكم دولة بني العباس خمسة قرون، وحَكَمَ الدولة العباسية سبعٌ وثلاثون خليفة، ويُقسّم الباحثون العصر العباسي إلى قسمين رئيسين: عصر الازدهار والتطور وعصر التدهور، الذي تزامن مع خلافة المتوكل وانتهى بسقوط دولة بني العباس على يد التتار سنة 656 هـ، وقد طغت صفة الانفتاح والاختلاط بالحضارات والأجناس المختلفة على الحياة في العصر العباسي بشكل عام.[١]
الأغراض الشعرية في العصر العباسي
تنوّعت الأغراض الشعرية في العصر العباسي، كما ظهر عددٌ من الشعراء مثل شعراء الصّنعة كأبي تمام، وشعراء السياسة كمروان بن أبي حفصة، وشعراء الغزل كالعباس بن الأحنف، وشعراء المُجون والزندقة كحمّاد عجرد، وشعراء الزّهد كعبد الله بن المبارك، وشعراء الاعتزال كالعتابي، وشعراء النّزعات الشّعبية كأبي الشمقمق، وقد شاع في العصر العباسي الثاني شعر التصوّف ومن أبرز الشعراء في هذا الغرض الحلّاج، وشعراء الطّرد كأبي العباس الأكبر، وكل هذه الأغراض انعكاسٌ للحياة الاجتماعية في العصر العباسي، وكل ما يحيط بها من بيئات متنوّعة وتيارات دينية مختلفة كان لها الدور الأكبر في نشأة الشعر الاجتماعي في العصر العباسي.
الشعر الاجتماعي في العصر العباسي
عند الكتابة عن الشعر الاجتماعي في العصر العباسي لا بدّ من الإشارة إلى أنّ كل مظاهر الشعر التي شاعت في العصر العباسي كانت انعكاسًا للبيئة الاجتماعية آنذآك، فشعر التصوّف يمثل جانبًا من الحياة الاجتماعية الدينية التي كان يعيشها العباسيون، ومثله شعر الغزل واللهو والمجون وشعر الخمريات، فهذان النوعان من الشعر يمثلان جانبًا من الحياة الاجتماعية التي عاكست حياة المحافظين، ومثل هذه الأغراض شعر الاعتزال والطراد والنزعات الشعبية فهي جميعها تمثل حالات اجتماعية وُجدت في العصر العباسي.[٢]
ويُقصد بالشعر الاجتماعي في العصر العباسي الشعر الذي جسّد مظاهر الحياة الاجتماعية في وقت العباسيين، وداخل كلّ غرض من أغراض الشعر في العصر العباسي إشارات إلى الحياة الاجتماعية السائدة آنذآك، وبيان الاختلافات بين الشعر الاجتماعي في العصر العباسي وغيره من العصور التي سبقته، فالغزل في العصر العباسي بقي يجري في تياري العصر الأموي وهما: الغزل العُذري والغزل الصّريح، ولكن الاختلاف الذي طرأ وعكس الحياة الاجتماعية في العصر العباسي هو خروج الشعراء كانوا من الزنادقة الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الإلحاد، وقد ظهر التشتت والاضطراب العقدي في شعرهم، لكثرة النحل الدينية وشيوع الفلسفات، التي جعلت كثيرًا من الشعراء يستخفّون بقيم المجتمع الإسلامي، ووصَل الغزل بالغلمان عند أبي نواس وأشباهه إلى انحطاط خُلقي فظيع.[٣]
أما الجانب المُشرق في الحياة الاجتماعية في العصر العباسي، فقد تجلّى في شعر الزهد، الذي تميّز بالتعبير عن حياة زاهدة لا تَكَسُّب فيها على أبواب الخلفاء، ومن هؤلاء الشعراء الذين عكسوا هذا الملمح في الشعر واضع علم العروض الخليل بن أحمد الفراهيدي، وإلى جانب الزهد ظهر التصوّف على لسان شعراء فرّغوا أنفسهم للتنسك والتصوف وهو ما عُرف بالحب الإلهي، ومنهم رابعة العدوية، التي عبّرت عن حب الله في شعرها بحبين حب الشاكرة على النعم، وحب الجمال والجلال القُدسي، ومن خصائص شعر التصوّف في العصر العباسي التركيز على فكرتي التوبة والندم، إضافة إلى أن كمال الحب الصوفي كان في أن يجاهد المُتصوّف نفسه بكثرة الذكر حتى يصل إلى النّشوة.[٤]
أما الشعر الشعوبي فقد كان موصولًا بالشعب، حيث كان الشاعر يفخر بمحيطه الاجتماعي ومنزلته الاجتماعية، وكان شعره انعكاسًا له ولقبيلته، وهو ما حاربه الإسلام منذ بزوغ فجره، أما شعر الطرد والصّيد فقد برز في العصر العباسي الثاني ليجسد جانبًا من الحياة الاجتماعية عند من يحب الخروج والصيد وهو شعر يصف شغف عِلية القوم بالصيد والطرد، ومن شعراء الصيد أبو نواس الذي برع في الطرديات وصوّر الكلاب والصقور صورًا بديعة في شعره.[٥]
نموذج من الشعر الاجتماعي في العصر العباسي
شاعت قصائد متعددة في أغراض متنوعة للشعر الاجتماعي في العصر العباسي كما سبق، ومن الأمثلة على القصائد التي تعكس جانبًا من الحياة الاجتماعية في العصر العباسي، قصائد الخمريات التي برع فيها أبو نواس وعكس فيها جانب الحكمة تارة والمجون تارة أخرى، ومن هذه القصائد قصيدة بعنوان دع عنك لومي يقول في أبيات منها:[٦]
دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ
- ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ
صَفراءُ لا تَنْزلُ الأحزانُ سَاحَتها
- لَوْ مَسّها حَجَرٌ مَسّتْهُ سَرّاءُ
مِنْ كف ذات حِرٍ في زيّ ذي ذكرٍ
- لَها مُحِبّانِ لُوطيٌّ وَزَنّاءُ
المراجع[+]
- ↑ "خلفاء العصر العباسي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-08-07. بتصرّف.
- ^ أ ب شوقي ضيف، العصر العباسي الأول (الطبعة السادسة)، مصر: دار المعارف ، صفحة 370. بتصرّف.
- ↑ شوقي ضيف، العصر العباسي الأول (الطبعة السادسة)، مصر: دار المعارف، صفحة 382. بتصرّف.
- ↑ شوقي ضيف (1996)، العصر العباسي الثاني (الطبعة العاشرة)، مصر: دار المعارف، صفحة 374. بتصرّف.
- ↑ شوقي ضيف (1996)، العصر العباسي الثاني (الطبعة العاشرة)، مصر: دار المعارف، صفحة 499. بتصرّف.
- ↑ "دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-08-07.