تأملات في سورة المعارج

سورة المعارج
سورة المعارج من سور المُفصّل المكيَّة، وتقع في الجزء التاسع والعشرين من القرآن الكريم، وفي الحزب السابع والخمسين، نزلت سورة المعارج قبل سورة النبأ وبعد سورة عبس فقد قال تعالى: {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ* يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ}.[٣][٤]
فقد ذكر الله تعالى الأم فالأب فالصاحبة فالأبناء في النهاية، ويعود السبب في ذلك الترتيب إلى المقام في سورة عبس وهو مقام الهرب والفرار، والإنسان عندما يهرب من الأباعد عنه أولًا ثم ينتهي بمن هم أقرب إليه، وأقرب الناس ممن ذكرتهم الآية الكريمة هم الأبناء والزوجة، والأخ هو الأبعد من ضمن المذكور، فالإنسان يعيش حياته مع أبنائه أكثر من اخوته أو أهله، ولهذا كان الترتيب بهذا الشكل في آيات سورة عبس، مناسبًا لسياق الآيات ومعناها، أمّأ في سورة المعرج، فقد كان السياق يقتضي هذا الترتيب، وذلك لأن المفتدي مجرم وليس عاديًا وهو مستعدٌ ليفعل أي شيء لينجو بنفسه من العذاب، وإن اضطر أن يهرب من أبنائه وزوجته وأخوته، وأيضًا لأنّ عذابه شديد يجعله يفرّ من كل الناس، والله أعلم.[٤]
ومما جاء من تأملات في سورة المعارج أيضًا في قوله تعالى في سورة المعارج: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ}،[٥]وقال تعالى في ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- أنّ يوم الحسا هو يوم واحد ولكنّه بمقدار خمسين ألف سنة، وذلك كما جاء في قوله تعالى: { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}،[٨]والمعنى أنّ العذاب يقع على الكافرين في يوم مقداره خمسون ألف سنة، وإنّ التفكير الكثير في مثل هذه الأمور الغيبية يعد من التنطع الذي نهى عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "ألَا هلكَ الْمُتَنَطِّعونَ ألَا هلَكَ المتنطِّعونَ ، ألَا هلكَ المتنطِّعونَ"،[٩]والأصل أن الإنسان من الواجب عليه أن يأخذ الأمور الغيبية على ظاهر معناها دون أن يتعمق فيها أو يحاول قياسها على أمور الدنيا، واليوم الآخر هو يوم واحد يسير على المؤمنين، عسير على الكافرين، وكل ما ورد من وصف لما سيجري فيه من ثواب أو عقاب لا يمكن إدراك حقيقته في الدنيا، وإن كان أصل المعنى معلومًا في الدنيا، والله أعلم.[١٠]
المراجع[+]
- ↑ "التحرير والتنوير"، www.library.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 06-08-2019.
- ↑ سورة المعارج، آية: 11-12-13-14.
- ↑ سورة عبس، آية: 33-34-35-36.
- ^ أ ب فاضل صالح السامرائي (1432هـ-2003م)، لمسات بيانية في نصوص من التنزيل (الطبعة الثالثة)، عمان- الأردن: دار عمار، صفحة 193-194-195. بتصرّف.
- ↑ سورة المعارج، آية: 9.
- ↑ سورة القارعة، آية: 5.
- ↑ فاضل صالح السامرائي (1423هـ-2003م)، لمسات بيانية في نصوص من التنزيل (الطبعة الثالثة)، عمان- الأردن: دار عمار، صفحة 198-199. بتصرّف.
- ↑ سورة المعارج، آية: 4.
- ↑ رواه الألباني، في غاية المرام، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 7 ، صحيح.
- ↑ "هل يوم الحساب واحد"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 06-08-2019. بتصرّف.