سؤال وجواب

أشهر علماء الأندلس المسلمين


الحضارة الإسلامية في الأندلس

شهدت الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس حركةً ثقافيّة واسعة، تجلّت فيما تركه عُلماؤها من آثار علمية وأدبية وفلسفية، ومصنفات التراجم والأعلام والسير الأندلسية، وما احتوته هذه المصنفات من فوائد تاريخية وفكرية وأدبية وسياسية واجتماعية، وكان لها أكبر الأثر في التعريف بأشهر علماء الأندلس المسلمين ومفكريها، والذين تركزوا في المرحلة الأولى في قرطبة حاضرة الأندلس والخلافة الأموية في الأندلس، وانتشر بقيتهم في باقي المدن الأندلسيّة حيث قامت دول الطوائف، ثم انتقل عدد منهم إلى المغرب بعد ضم المرابطين للأندلس. وقد حرص خلفاء الأندلس على تقريب العلماء وتوليتهم خطط القضاء لكسب تأييد السكان والتصدي للثائرين، وفي هذا المقال عرض لأشهر علماء الأندلس المسلمين.

أشهر علماء الأندلس المسلمين

في الوقت الذي تخبّطت فيه أوروبّا في الجهل والتخلّف، كانت الحركة العلمية في الأندلس تقوم على يد مجموعة من أشهر علماء الأندلس المسلمين وفق أسس إسلامية ومنهج تجريبي في العلوم، فقدموا للأندلس نهضة شاملة في العلوم النظرية والعملية، ونقلوا الحضارة الإسلامية إلى أوروبا من خلال الترجمة، ومن أشهر علماء الأندلس المسلمين ما يأتي.

الإمام القرطبي

وهو محمّد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرْح كنيته أبو عبد الله، ولد في قرطبة في عصر الموحدين، وفيها تعلم القرآن الكريم وقواعد اللغة العربية والفقه والقراءات والبلاغة وعلوم القرآن والشعر. انتقل إلى مصر بعد تاريخ سقوط الأندلس واستقر في منية بني خصيب شمال أسيوط حتى وفاته عام 671 هـ، ويلقّب بإمام المفسرين.[١]

تلقّى الإمام القرطبي أشهر علماء الأندلس المسلمين في التفسير علمه في الأندلس على يد ابن أبي حجّة، وابن أُبيّ، والقاضي أبو الحسن علي بن قطرال. ولمّا كانت مصر عصر الأيوبيين والمماليك، محطًّا لعلماء المسلمين على اختلاف أقطارهم وأجناسهم؛ إذ وجدوا فيها أمنًا فقدوه في ديارهم، قصدها الإمام القرطبي مباشرةً بعد سقوط قرطبة؛ ليلتقي بهؤلاء العلماء ويأخذ عنهم، فتنقل بين الإسكندرية، والقاهرة، والفيوم، أخذ علمه عن عدد من الشيوخ منهم أبو العباس القرطبي، وأبو محمد عبد الزهاب بن رواج، وابن الجميزي، والحسن البكري.[١]

وبِوَصْف القرطبيّ -أحد أشهر علماء الأندلس المسلمين- في التفسير، فقد وضع عددًا من المؤلفات، أشهرها كتاب التفسير: الجامع لأحكام القرآن، والمبين لما تضمَّنه من السنة وآي الفرقان. وهو موسوعة علميّة؛ فقد جمع فيه مؤلفه علوم القرآن، واللغة والفقه، والنكت والفوائد، مسندًا الأقوال إلى قائليها، والأحاديث إلى مصنِّفيها؛ ووازن بين تلك الأقوال والنُّقول التي أوردها، وذكر أدلتها وناقشها مناقشة علمية رصينة، وقد ابتعد القرطبيّ في تفسيره هذا عن الإسرائيليّات.[١]

الشيخ ابن أبي حجة

وهو الشيخ القرطبيّ أبو جعفر أحمد بن محمد القيسي المعروف بابن أبي حجة، عمل في حياته على لتحفيظ القرآن وتعليم العربية، وانتقل إلى إشبيلية بعد سقوط قرطبة، وأسَرَه الروم في البحر وعذّبوه، وتوفي إثر تعذيبه بميورقة عام 643هـ، ومن مؤلفاته: تسديد اللسان لذكر أنواع البيان، وتفهيم القلوب آيات علام الغيوب، ومختصر التبصرة في القراءات، وقد كان عالِمًا في علم القراءات السبع، وكان أوّل من أخذ عنه القرطبيّ.[١]

الأديب ابن عبد ربه

وهو أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن سالم، ولد في قرطبة عام 246هـ وتفى عام 328هـ. وهو من أشهر علماء الأندلس المسلمين في الرواية التي أخذها عن بقي بن مخلد وابن وضاح والشعر، وقد كتب الشعر في الصب والغزل والمواعظ والزهد سماها "الممحصات"، ويعدّ من الأدباء الذين أثروا بشعرهم بعد الفقر لتكسبه من الشعر بمدحه للأمراء. كان من رواد نشر فن الموشحات التي أخذها عن مخترعها مقدم بن معافى القبري، إلّا أن أعظم أعماله هو كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه الذي كان بمثابة موسوعة ثقافية تبين أحوال الحضارة الإسلامية في عصره.[٢]

المهندس عباس بن فرناس

من أشهر علماء الأندلس المسلمين في مجال الهندسة العالم أبو القاسم عباس بن فرناس، عاصر ثلاثة من خلفاء بني أميّة في الأندلس: الخليفة الأموي الحكم الأول ثم عبد الرحمن بن الحكم ثم محمد بن عبد الرحمن بن الحكم في القرن التاسع للميلاد، وكان شاعرً لبلاط الأمويين في إمارة قرطبة. اهتمّ هذا العالِم بالرياضيات والفلك والفيزياء والكيمياء والفلسفة، حتى لُقّب بحكيم الأندلس، واشتهر بمحاولته الطيران، وهو بذاك أوّل طيّار في التاريخ.[٣]

لابن فرناس إنجازات علمية كثيرة تاريخيًّا، منها صنعة الميقاتة وهي آلة لقياس الوقت، والقبة السماوية. ولأهمية هذا العالم الفذّ التاريخية، أطلق اسم فرناس على إحدى فوهات القمر، فسمّيت بفوهة ابن فرناس.[٣]

ابن البيطار

وهو عبد الله بن أحمد المالقي، أبو محمد، ضياء الدِّين، المعروف بابن البيطار، من أشهر علماء الأندلس المسلمين في الصيدلة، وإمام النباتيِّين وعلماء الأعشاب، ترحّل كثيرًا لتحصيل علمه وبحثه عن الأعشاب، فاتجه إلى اليونان وأقصى بلاد الروم، حتى أصبح حُجَّة في معرفة أنواع النبات وتحقيقه وصفاته وأسمائه وأماكنه. عيّنه الملك الكامل الأيوبي رئيسًا للعَشَّابين وأصحاب البسطات في الديار المصرية، ولما توفِّي الكامل، خدَم ابن البيطار ولده الملك الصالح نجم الدِّين أيوب.[٤]

توفِّي ابن البيطار بدِمَشق عام 646هـ، وكان قد وضع كتاب "كتاب الجامع في الأدوية المفرَدة" المعروف بـ"مفردات ابن البيطار"، وقد جمع فيه أسماء الأدوية المفرَدة، وتحريرها وقوتها، ومنافعها ومضارِّها، وإصلاح ضَررها، والمِقدار المستعمَل مِن جرمها أو عُصارتها أو طَبيخها، والبدل منها عند عدمها، مصنفًا بذلك لأكثر مِن 1400 عقار بين نباتيٍّ وحيوانيٍّ ومعدنيٍّ، منها 300 عقار جديد، لم يذكرها أحد قبله.[٤]

الفيلسوف الإدريسي

وهو أبو عبد الله محمد بن محمد الإدريسي الهاشمي القرشي، من أشهر علماء الأندلس المسلمين في الفلسفة والجغرافيا، فهو مؤسس علم الجغرافيا ومصنّفا فيه حتى استخدمت مصوراته وخرائطه للبحيرات والمرتفعات وحدود الول والمدن الرئيسة في سائر كشوف عصر النهضة الأوربية، كما صنّف في الأدب والشعر والنبات ودرس الفلسفة والطب والنجوم في قرطبة.[٥]

لقب الإدريسي بالصقلي؛ لاتخاذه جزيرة صقلية مكانًا له بعد سقوط الدولة الإسلامية، كما لقب بسطرابون العرب نسبة للجغرافي الإغريقي الكبير سطرابون، وقد كان من أبرز الدارسين في علم الرياضيات. وقد ألف الإدريسي كتابًا مشهورًا سماه: نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، وهو الذي طوّر فيه رسم الخرائط بطريقة أكثر دقة من الخرائط التي كانت معروفة من قبل، واستخدم خطوط العرض أو الخطوط الأفقية على الخريطة والكرة الأرضية التي صنعها، وكانت خطوط الطول قد استخدمت قبل الإسلام. ومن مؤلّفاته المهمّة في الجغرافيا كتابه روض الأنس ونزهة النفس، وله كتاب في المفردات سمّاه الجامع لصفات أشتات النبات، وغيرهم كثير.[٥]

المهندس ابن السمح

وهو أبو القاسم أصبغ بن محمد بن السمح وهو من أشهر علماء الأندلس المسلمين المختصين في علم العدد والهندسة، زمن الخليفة الحكم، وكان متقدمًا في علم الفلك، وله اهتمام في الطبّ، وله عدّة مؤلفات، منها: المدخل إلى الهندسة في تفسير كتاب أقليدس، وكتاب ثمار العدد المعروف بالمعاملات، وكتاب طبيعة العدد، وكتابه الكبير في الهندسة.[٦]

ابن رشد

وهو أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد الأندلسي "الحفيد" 520- 595 هـ، ولد في قرطبة في أسرة عرفت بالعلم والجاه، وتوفّي في مراكش. ابن رضد شخصيّة متعدّدة التخصّصات، فهو فقيه مالكيّ، وهو قاضي القضاة في زمانه، وهو ذاته طبيب نطاسي تفوق على أساتذته أستاذه ابن زهر. وابن رشد كذلك فلكي فيلسوف عقلاني ومترجم لأعمال أرسطو المرجعية للعرب والغرب فيما بعد، وهو نفسه المتكلم الذي تصدّى لنقد المتكلّمين باسم توافق المعقول والمنقول، وعلى رأسهم الإمام أبو حامد الغزالي.‏[٧]

المراجع[+]

  1. ^ أ ب ت ث "ترجمة الإمام القرطبي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.
  2. "ابن عبد ربه"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "عباس بن فرناس"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019.
  4. ^ أ ب "من مشاهير علماء الصيدلة المسلمين: ابن البيطار "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "الإدريسي"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.
  6. "ابن السمح"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.
  7. "ابن رشد"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.