القرامطة وسرقة الحجر الأسود
محتويات
القرامطة
القرامطة أو الإسماعيليّة هم حركة باطنيّة، أسّسها حمدان بن الأشعث المعروف بقُرْمُط، منشقًّا عن الدولة الفاطمية، وقد اعتمدت هذه الحركة التنظيمَ العسكريّ السريّ للقيام بثورة اجتماعيّة دينية على الخلافة العباسيّة، كان ظاهرها التشيُّع لآل البيت والانتساب إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، واعتباره المهدي الغائب المنتظر، وحقيقتها الإلحاد والقضاء على الدولة الإسلامية. بدأت الحركة سريّة في جنوب فارس، ثم امتدت وانتشرت في العراق واليمن والمغرب والبحرين، وعندما أعلن عبيد الله المهدي الفاطمي في القرن التاسع الهجري بأنه الإمام الحادي عشر والمهدي المنتظر، ونادى بالإمامة لنفسه، رفضَ إسماعيلية العراق والبحرين وخراسان إمامته وثاروا عليه، وأسسوا لنفسهم دولة مستقلة في البحرين سمّيت بالقرامطة، وفي المقالة قصة القرامطة وسرقة الحجر الأسود.[١]
مكانة الحجر الأسود في الإسلام
وهو حجر من أحجار الجنة، نزل بلون أبيض، وسوّدته خطايا بني آدم، روى عبد الله بن عباس عن الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "نزل الحجرُ الأسودُ مِن الجنةِ وهو أشدُّ بياضًا مِن اللبنِ، فسوَّدَتْه خطايا بني آدمَ"[٢]، وظلّ الحجر الأسود موضعَ تكريمٍ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان يقبِّلهُ، لذلك فإنَّ تقبيل الحجر الأسود من السنة النبوية، شريطة ألا يكون سببًا في إيذاء الناس أثناء الزحام والاعتقاد الجازم بأنَّه مجرَّد حجر لا يضرُّ ولا ينفع.[٣]
وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد وضعه في مكانه عندما اختلفَ العرب على الشخص الذي سيضعه، فاحتكم الناس إلى الرسول في وضعه بيديه الشريفتين في مكانه على الكعبة في مكة المكرمة، ولذلك كانت حادثة القرامطة وسرقة الحجر الأسود حادثة عظيمة في التاريخ الإسلاميّ.[٣]
القرامطة وسرقة الحجر الأسود
هاجم قرامطة البحرين بقيادة أبو طاهر الجنابي الهجري مكة المكرمة في موسم الحج يوم التروية، وقتلوا الحجاج وهم يطوفون فقتلوا ما يزيد عن ثلاثين ألفا من أهل مكة ومن الحجاج، وألقي جزء كبير من القتلى في بئر زمزم، ودفن بقيتهم مكان قتلهم دون الصلاة عليهم. وقام القرامطة ذاك اليوم -يوم الهجوم على مكّة- بسبي النساء، وخلع باب الكعبة، وسلب كسوتها وتعريتها، واقتلع الهجري نفسه الحجر الأسود من مكانه، وحمله عائدًا إلى البحرين.[٤]
وبقي الحجر الأسود مسروقا محجوزا لدى القرامطة اثنتين وعشرين سنة تقريبًا، وقد أخفوه في عين اسمها عين الكعيبة كانت تسقي غابات النخيل القريبة والبعيدة غرب القطيف في المملكة العربية السعودية، ثم أعادوه إلى مكة، وهذا ملخص قصة القرامطة وسرقة الحجر الأسود.[٤]
وكان أبو الطاهر الجنابي قد نقل الحجر الأسود إلى هجر في الإحساء عام 318هـ، وطلب من أهل القطيف الحج إليه، وسن الحج في الأحساء ووَضْع الحجر الأسود في بيت كبير هناك، لكنّ أهل القطيف وما جاورها رفضوا ذلك، فقتل القرامطة من أهالي تلك المناطق أعدادًا كثيرة، لعد استجابتهم لسنة أبي الطاهر.[٥]
وأبو الطاهر القرمطي الذي هجم على الكعبة هو سليمان بن الحسن بن بهرام الجنابي الهجري رأس القرامطة وسرقة الحجر الأسود، عندما غار على مكة يوم التروية كان يصيح على عتبة الكعبة:
أنا بالله، وبالله أنا
- يخلق الخلق، وأفنيهم أنا
واقتلع الحجر الأسود وأرسله إلى هَجْر عشرين سنة، حتى أعاده أبو محمد شنبر بن الحسن إلى مكانه، بعدما بعث إليه أمير الدولة الفاطمية يأمره بإعادة الحجر الأسود إلى مكانه.[٦]
وقد أوردت كتب التاريخ الكثير عن القرامطة وسرقة الحجر الأسود، وأفعالهم الشنيعة وقت هجومهم على مكة، فأورد ابن الجوزي بسند إلى أبي الحسين عبد الله بن أحمد بن عياش القاضي، رجلًا قد صعد البيت وقد هجوم القرامطة؛ ليقلع الميزاب،وصله سقط، واندقت عنقه، فرفض أبو الطاهر القرمطي أن يصعد إليه أحد، فترك الميزاب، ولم يقلع، وبعد يومين كان قرمطي سكران، يركب فرسه داخل المسجد، وصفر له ليبول في الطواف، وجرّد القرمطي سيفه ليقتل من يلحقه ليمنعه، وقتل واحدًا وهي يصيح: يا حمير، أليس قلتم في هذا البيت من دخله كان آمنًا، وقد قتلته الساعة بحضرتكم؟. وقد أور ابن الجوزي روايات عن القرامطة بسند، تدلّ على أنّ القوم زنادقة لا يؤمنون بالله، ولا يُفَكِّرُون في أحد من الصحابة، ويسكرون ويعربدون، ويسومون الناس بالعذاب.[٤]
نهاية القرامطة
أثارت حركة القرامطة وسرقة الحجر الأسود سخط الخلافة العباسية والسلاجقة، وكان أن قامت العديد من المعارك مع القرامطة، ومنها أن وقعت بعض المناوشات العسكرية بين عبد الله بن علي العيوني والقرامطة، فأرسل العيوني سنة 465هـ، وقيل سنة 466هـ، وفدًا إلى الخليفة العباسي القائم بأمر الله والسلطان السلجوقي ملك شاه ووزيره نظام الملك يطلب منهم مددًا لمواجهة القرامطة، فلبّى السلطان ملك شاه ما طلبه، وكانت فرصة له لفرض سيادته على الإحساء وباقي إقليم البحرين، ولينتقم من يحيى بن عايش جراء ما فعله بقائده كجكينا وبجيشه من قبل.[٧]
وبالفعل ساند السلطان السلجوقي العيوني، فتمكن من القضاء على القرامطة. ومن أبرز شخصيات القرامطة تاريخيًّا: حمدان بن الأشعث مؤسس الحركة، وأبو سعيد الحسن بن بهرام الجنابي في إقليم البحرين ووالد أبي الطاهر زعيم القرامطة عند غزو مكّة، وعبدان الداعية، وأبو طاهر سليمان بن الحسن الهجري، أبو يعقوب يوسف بن الحسن الجنابي، ويحيى بن زكرويه، وأبو هارون الخطي.[٧]
القرامطة والقبائل العربية
أهملت الدولة العباسية القبائل العربية والجزيرة العربية سياسيًّا، ومن هنا اتبعت هذه القبائل القرامطة سياسيًّا فقط وليس دينيًّا، فانضمت للقرامطة قبائل بني هلال وبنو سليم وبنو معقل، وبنو كلب وفزارة وأشجع وغيرهم، وكانوا هم عماد جيش القرامطة الذي غزو به أنحاء الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر، إلى أن بدأ الفاطميون في استقدام بني هلال وسليم وفزارة وأشجع وبنو معقل للاستقرار بمصر، واستقروا فيها لمدة تزيد على القرن، ثم شجعها الخليفة الفاطمي المستنصر بمشورة وزيره اليازوري للاستقرار بشمال أفريقيا للقضاء على الحركة الاستقلالية التي قادها عامل الفاطميين في أفريقيا.[٦]
فنزحت بنو هلال وبنو سليم وفزارة وأشجع وبنو معقل من صعيد مصر إلى شمال أفريقيا فيما عرف بتغريبة بني هلال، على اسم أكبر قبائل التغريبة، على إنه بقيت بقية لتلك القبائل في مصر. ولقد أثّرت التبعيّة السياسيّة -لا الدينية- في قصة القرامطة وسرقة الحجر الأسود، فلم يتمكّن القرامطة من السيطرة على القبائل دينيًّا عندما سنّ أبو الطاهر الحجَّ إلى الحجر الأسود بعد سرقتِه، ورفَضوا فعلتَه.[٦]المراجع[+]
- ↑ "القرامطة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 877.
- ^ أ ب "مكانة الحجر الأسود"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرف.
- ^ أ ب ت "القرامطة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.
- ↑ "الحجر الأسود"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "أبو طاهر الجنابي"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "قرامطة"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.