حكم الغناء في المذاهب الأربعة

محتويات
الغناء في العصر الجاهلي
إن الانتباه إلى الأصوات الخارجية ومحاكاة أصوات الطبيعة من الفطرة الإنسانية فالإنسان يجذبه حفيف الشجر وهدير الماء وتغريد الطيور، وقد تطور هذا الأمر إلى أن اخترع البشر الآلات الموسيقية وظهر الغناء، ولم يكن العرب قبل الإسلام بمنأى عن هذا الأمر حيث يذكر المؤرخون أن الموسيقى والغناء من الفنون التي وجدت لدى العرب في العصر الجاهلي، إلا أن مفهوم الغناء والموسيقى لدى العرب يختلف عما هو عليه لدى الإغريق واليونان فقد كانت الموسيقى تعني عندهم الشعر والرقص والفلسفة والبلاغة وغيرها، أما العرب فقد كانت الموسيقى لديهم لا تعدو الترنّم في الشعر أما العزف على الآلات فلم تكن ذات أهمية لديهم وكانوا يفضّلون سماع الغناء الصوتي على العزف، وسيتناول هذا المقال حكم الغناء في المذاهب الأربعة.[١]
حكم الغناء في المذاهب الأربعة
إن مسألة حكم الغناء في المذاهب الأربعة تنقسم إلى شقين الأول كون هذا الغناء غير مصحوب بموسيقا وهذا النوع من الغناء جائز بشروط وهي عدم اشتماله على كلام فاحش أو يدعو إلى الرذيلة والفسق وأن لا يكون المغني امرأة والسامعون رجال فهذا مما يدعو إلى الفتنة، أما إذا كان الغناء خالي من الموسيقى والمنكرات الشرعية السابقة فالذي يظهر -والله أعلم- إباحة سماع وترديد مثل هذا الغناء،[٢] ولكن الغناء غالبًا ما تصاحبه الموسيقى وآلات الطرب والعزف ولذلك فإن فقهاء الإسلام قد ناقشوا هذه المسألة وبينوا حكم الغناء في المذاهب الأربعة وفقًا لما يأتي:[٣]
المذهب الحنفي
يمكن اعتبار المذهب الحنفي من أشد المذاهب في تحريم الغناء فقد صرّح أصحاب أبي حنيفة بتحريم سماع الآلات الموسيقية جميعها كالمزمار والدف واعتبروا هذا الفعل معصية توجب رد شهادة فاعلها، وقد قال أبو يوسف صاحب أبي حنيفة في الدور التي يُسمع منها صوت الغناء والمعازف: "ادخل عليهم بغير إذنهم لأن النهي عن المنكر فرض، فلو لم يجز الدخول بغير إذن لامتنع الناس من إقامة الفرض".
المذهب المالكي
سُئل الإمام مالك -رحمه الله-، أنتم تُرخصون في الغناء؟ فقال: معاذ الله، ما يفعل هذا عندنا إلا الفساق"، كما قال ابن عبد البر أحد محققي المذهب المالكي أن المال الذي يُكسب من الغناء حرام شأنه شأن الربا وأخذ المال على السحر والعرافة والتنجيم.
المذهب الشافعي
بيّن أصحاب الإمام الشافعي -رحمه الله- أن الغناء في مذهبهم حرام ونفوا الخبر القائل بجوازه في المذهب الشافعي، كما اعتبروا جميع أنواع الغناء والمعازف محرمة ومنكرة بغض النظر عن الجهة التي تقوم بها والسبب الداعي لها ويقصدون بهذا ما يفعله الصوفيون من الطقوس المشتملة على الغناء وغيره.
المذهب الحنبلي
قال عبدالله ابن الإمام أحمد -رحمه الله- سألت أبي عن الغناء فقال: الغناء ينبت النفاق بالقلب، كما قال ابن قدامة الحنبلي -رحمه الله- أن الذي يديم سماع الآلات الموسيقية ترد شهادته وقال أيضًا: "وإذا دعي إلى وليمة فيها منكر، كالخمر والزمر فأمكنه الإنكار حضر وأنكر لأنه يجمع بين واجبين وإن لم يمكنه لا يحضر".
أقوال العلماء في حكم الغناء
تم الحديث عن حكم الغناء في المذاهب الأربعة وسرد بعض الأقوال في هذا الشأن، ولا بدّ من الإشارة إلى وجود آراء مخالفة لحكم الغناء في المذاهب الأربعة مثل رأي الإمام ابن حزم الظاهري -رحمه الله- حيث رأى جوازه، ولكن غالبية العلماء قديمًا وحديثًا قد وافقوا المذاهب الأربعة، وفيما يأتي بعض من أقوالهم:[٣]
- قال الطبري -رحمه الله-: فقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه.
- قال ابن تيمية -رحمه الله-: مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام، ثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أنه سيكون من أمته من يستحل الحُرّ والحرير والخمر والمعازف.
- قال ابن باز -رحمه الله-: والمعازف هي الأغاني وآلات الملاهي أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يأتي آخر الزمان قوم يستحلونها كما يستحلون الخمر والزنا والحرير وهذا من علامات نبوته -صلى الله عليه وسلم- فإن ذلك وقع كله والحديث يدل على تحريمها وذم من استحلها كما يذم من استحل الخمر والزنا والآيات والأحاديث في التحذير من الأغاني وآلات اللهو كثيرة جدًا.
- قال الألباني -رحمه الله-: اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها.
المراجع[+]
- ↑ "الغناء و أنواعه عند العرب قبل الإسلام"، www.al-hakawati.la.utexas.edu، اطّلع عليه بتاريخ 16-08-2019. بتصرّف.
- ↑ "أنواع الغناء وحكم كل نوع"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-08-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب " اجماع الإئمة واصحاب المذاهب الاربعة على تحريم الغناء !"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-08-2019. بتصرّف.