سؤال وجواب

أحاديث عن العفو والتسامح


العفو والتسامح

العفو: هو التّجاوز عن المذنب مع وجود القدرة على النّيل منه، والتّسامح: هو خُلُقٌ مبنيّ على التّساهل واليسر في شتّى أنواع المعاملات المالية والاجتماعية، وهدفه زرع المحبة والتّعاون في نفوس الأفراد والجماعات، والعفو صفة من صفاته تعالى، واسم من أسماء الله، الدّال على سعة صفحه عن ذنوب عباده مهما كان شأنها إذا ثابوا وأنابوا، والأحاديث عن العفو والتسامح كثيرة، لذلك سيتم ذكر بعض أحاديث عن العفو والتسامح خلال هذا المقال.

أحاديث عن العفو والتسامح

قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو}،[١] فالعفو والتّسامح خلق رفيع، بني على نسيان ما قد مضى، والتنازل عمّا للنّفس من حقوق عند الآخرين، لا عن ضعف أو خوف أو هوان، بل رغبة خالصة فيما عند الله، وإيثارًا للآخرة ، ومن آثار العفو والتّسامح على الفرد: العزة والانتصار على النّفس والشّيطان، وعلى المجتمع: الأمن والاستقرار والتّعايش بين جميع أفراد المجتمع، فما أعظم العفو والتّسامح، وما أعظم أن يتصف العبد بهكذا صفات، كان النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- قد اتصّف بها، وقصص عفوه وتسامحه مع من آذوه تعجّ بها كتب السّيرة، ومن الأحاديث عن العفو والتسامح :

  • عن عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنها-: أنّها قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "هلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كانَ أشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ، "قالَ: لقَدْ لَقِيتُ مِن قَوْمِكِ ما لَقِيتُ، وكانَ أشَدَّ ما لَقِيتُ منهمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي علَى ابْنِ عبدِ يالِيلَ بنِ عبدِ كُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلى ما أرَدْتُ، فانْطَلَقْتُ وأنا مَهْمُومٌ علَى وجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إلَّا وأنا بقَرْنِ الثَّعالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا أنا بسَحابَةٍ قدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فإذا فيها جِبْرِيلُ، فَنادانِي فقالَ: إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وما رَدُّوا عَلَيْكَ، وقدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، فَنادانِي مَلَكُ الجِبالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، فقالَ، ذلكَ فِيما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ؟ فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وحْدَهُ، لا يُشْرِكُ به شيئًا".[٢]
  • عن ابن مسعود -رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ-: قال: "كَأَنِّي أنْظُرُ إلى النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فأدْمَوْهُ، وهو يَمْسَحُ الدَّمَ عن وجْهِهِ ويقولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فإنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ".[٣]
  • عن عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنها-: قالت: "ما ضَرَبَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- شيئًا قَطُّ بيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبيلِ اللهِ، وَما نِيلَ منه شيءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِن صَاحِبِهِ، إلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شيءٌ مِن مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-".[٤]
  • عن أنس -رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ-: قال: "كُنْتُ أمْشِي مع رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وعليه بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فأدْرَكَهُ أعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ برِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حتَّى نَظَرْتُ إلى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قدْ أثَّرَتْ بهَا حَاشِيَةُ البُرْدِ مِن شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ مُرْ لي مِن مَالِ اللَّهِ الذي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إلَيْهِ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ضَحِكَ، ثُمَّ أمَرَ له بعَطَاءٍ".[٥]
  • عن أبي هريرة –رضي الله عنه-: قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تَحاسَدُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هاهُنا ويُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ".[٦]
  • أنَّ رجلًا جاء إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: فقال يا رسولَ اللهِ: "أيُّ الناسِ أحبُّ إلى اللهِ؟ وأيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى اللهِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، ولأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، و مَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، و مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، ولَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ، وإِنَّ سُوءَ الخُلُقِ يُفْسِدُ العَمَلَ، كما يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ"،[٧]فهذا غيض من فيض، فهذه بعض أحاديث عن العفو والتسامح نُقلت عن رسول الله.

المراجع[+]

  1. سورة الشورى، آية: 25.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري ، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم: 3231، صحيح.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود ، الصفحة أو الرقم: 3477، صحيح.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2328، صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم: 5809، صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 2564، صحيح.
  7. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 906، صحيح.