丨夭丕賲 丕賱毓賮丞 賮賷 丕賱賯乇賵賳 丕賱賵
محتويات
مفهوم العفة
تُعرف العفّة أنّها ابتعاد النفس عما لا ينبغي فعله وعن غلبة الشَّهوة، ويُوصف ممارسها بالعفيف الذي يقيم الأمور على القيم المجتمعيّة والتعاليم الدينيّة، والعفّة أنواع، منها: حفظ الفرج عنِ الحَرام، وحفظ النفسِ عن النظر لأموال الناس، وحفظ الجوارح عن الآثام. وقد عَرضَ القرآن الكريم صورًا من عفّة الفرج عن الحرام، منها قِصةُ يوسف عليه السلام مع زوجة العزيز، عندما جهّزت للفاحشة، وسهَّلت أسباب الوصولِ إليها، إلا أنَّها قُوبِلَت بامتناع العفيف، قال تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ الله إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}[١]، وعفّة الفرج هي ما سيتناوله المقال في قصة حزام العفّة في القرون الوسطى.[٢]
القرون الوسطى
تعرف القرون الوُسطَى بأنها واحدة من الحُقَب الثلاث التي يُقسّم إليها التاريخ الأوروبي، وهي: القرن الكلاسيكي القديم، والقرون الوسطى، والقرن الحديث، وكانَ ليوناردو بروني أوّل مُؤرّخ استخدم هذا التَقسيم الزمني الثلاثي لتلك الحقبة عام 1442م، في كتابه تاريخ الشعب المزدهر، وظل في تغيّر مستمر، إلى أن ظهر باصطلاحه الحالي عام 1604م.[٣]
وقد بدأت تؤرخ نهاية هذه القرون بمجموعة من الأحداث التاريخية وما أحدثته من أثر على مرّ التاريخ، مثل: فَتحُ القُسطَنطينِيَّة عام 1453م على يَد الدولَة العُثمانيّة، ومعركة بوسوورث عام 1485م، ورحلَة كريستوفر كولومبوس للأمريكتين عام 1492م ووقوع أسباب سقوط غرناطة في العام ذاته، وحركة الإصلاح البروتستانتي عام 1517م، وخلال كل تلك الأحداث التاريخية لسبب متعلّق بالأحداث التاريخية والحروب ظهر ما يعرف بحزام العفّة في القرون الوسطى.[٣]
المرأة في أوروبا في القرون الوسطى
عَرفت المرأة الأوروبية في القرون الوسطى وما سبقها وتلاها منزلةً دونيّة؛ لهيمنة الفكر الذكوري والنظام الأبوي اجتماعيًا وسياسيًا وثقافيًا، ولم تختلف النظرة إلى المرأة في الحضارات القديمة كافّة التي احتل فيها الرجل مرتبة أعلى من المرأة. وبالتالي فإنّ المجتمع الأوروبي كان لزمن طويل يعبر عن ازدرائه للمرأة بما ورثه من تاريخ المجتمع الأثيني وما حفظه من عادات ومما رسات تعمّق دونية المرأة، كان من بينها استخدام حزام العفّة في القرون الوسطى مع المرأة.[٤]
حزام العفة في القرون الوسطى
حزام العفة في القرون الوسطى Ceinture de chasteté، هي أداة صنعت من الجلد أو الحديد، استخدمت لمنع حدوث اللقاء الجنسي أو الاغتصاب، وكانت تأتي على شكل طوق له قفل ويلتف حول خصر المرأة فيغلق الفرج باستثناء فتحات ضيقة لقضاء الحاجة. وكان حزام العفة في القرون الوسطى أداة يستخدما الرجل لزوجته متى غادر بيته لعمله أو حروبه لسنوات طويلة، واحتفظ بمفتاحه معه، وقد اخترع في إيطاليا عام 1400، وكان أوّل ظهور للاسم عام 1405 في كتاب يسمى "Bellifortis"، ولكن العديد من المؤرخين شكّكوا فيه على أنه من الأوهام المستوحاة من أدب العصور الوسطى.[٥]
ويقال إنّه كان معروفًا في الحضارات القديمة، وأنّ أول من استخدم حزام العفة هي ملكة الآشوريين سميراميس 900 ق/م لمنع انتشار الفاحشة في بلادها، وكان المتحف البريطاني في فترات سابقة قد عرض حزامًا حديديًا كأحد موروثات القرون الوسطى وللدلالة على بربريتها إذ أدّى إلى وفاة الكثير من النساء نتيجة غياب الزوج ومعه المفتاح لسنوات، وكان يعرف الحزام بحزام العفة في القرون الوسطى.[٥]
ورغم قلّة المصادر التي تناولت موضوع حزام العفة في القرون الوسطى، إلا أن النظر إلى المرأة في تلك القرون على أنها كائن الدنس والهوان لا تجعل من البعيد كثيرًا استخدامه معها، عدا أنهم لم ينظروا إلا إلى وظيفتها داخل البيت، فالمرأة عند أرسطو "تعرّف بوظيفتها الإنجابية وواجباتها داخل المنزل"،[٦] وبالتالي على المرأة أن تكون من المحكومين على الدوام.
وقد قدّم جون جاك روسو وصفًا لوظيفة المرأة، تجعل من استخدام حزام العفّة في القرون الوسطى أمرًا واردًا بقوة، رغم قلة المصادر عنه، فوظيفة المرأة خدمة الزوج، والجمع بين الإثارة والإغراء من جهة والاحتشام والعفة من جهة ثانية، وفي هذا يؤكد على حرص الأوروبيين على عفّة المرأة لفرجها، وخضوعها لزوجها فقط داخل جدران مغلقة، ذلك أنها في الخارج عورة، ومصدر للفتنة والغواية.[٧]
وقد رأى روسو كالكثير من التقاليد الدينية والمجتمعية في تلك القرون أن على الرجال أن يكونوا "أقوى من النساء وهن يعتمدن عليهم في قوتهن فتلك ببساطة حقائق الحياة التي ينبغي أن تتعلمها النساء"[٧]، بل آمن بأن "سلطة الأزواج على زوجاتهم، إنما هو نظام طبيعي... وذلك لأن قانون الطبيعة يلزم المرأة أن تطيع الرجل".[٨]
استخدم حزام العفة في القرون الوسطى في أوروبّا، فلم يرد الذكر بأنه تم استخدامه لدى العرب والمسلمين، ذلك أنّ منزلة الأنثى في الواقع العربيّ في عصر النهضة كانت متراوحة بين العائلات، فبعض العائلات كانت "لا تخرج من بينهم امرأة إلا للمقبرة"[٩]، وبالتالي توزّعت مراتب النساء في مجتمع عصر النهضة حسب أوضاعهن من الحرية والجاه، فعرفت الكثير من العائلات المرأة المتحررة التي ترمي وراء ظهرها تاريخًا ثقيلا من التبعية والاستعباد للتقاليد الدينية والأعراف الذكورية،[١٠]
لكنّ وضع المرأة في القرون الوسطى كان أفضل حالا من أوروبا، فقد اكتسبت بعض السيدات -خاصة في تاريخ الدولة العثمانية- منزلة من وراء جاه مادي أو سياسي "فإن بعض بنات وأخوات سلاطين القرن الثامن عشر المتزوجات، كن قادرات على خلق شخصية عامة لأنفسهن، وقد شمل ذلك ظهورهن في الاحتفالات المنظمة بواسطة ومن أجل نساء النخبة. وكان منهن راعيات للفنون، لذلك فقد أهدى الشاعر المولوي، الشيخ غالب، بعضا من أعماله إلى بيهان سلطان (1765-1824) وهي من أخوات سليم الثالث التي شاركت أخاها اهتمامه بالموسيقى".[١١]المراجع[+]
- ↑ سورة يوسف، آية: 23.
- ↑ "العفة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-08-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "العصور الوسطى"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 16-08-2019. بتصرّف.
- ↑ هيجل، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام (2009)، أصول فلسفة الحق، بيروت: دار التنوير، صفحة 116. بتصرّف.
- ^ أ ب "حزام العفة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 16-08-2019. بتصرّف.
- ↑ سوزان موللر أوكين ترجمة إمام عبد الفتاح إمام (2009)، النساء في الفكر السياسي الغربي (الطبعة 1)، بيروت: دار التنوير، صفحة 115.
- ^ أ ب سوزان موللر أوكين، النساء في الفكر السياسي الغربي، صفحة 182.
- ↑ سوزان موللر أوكين، النساء في الفكر السياسي الغربي، صفحة 183.
- ↑ الجبرتي (1998)، عجائب الآثار في التراجم والأخبار، القاهرة: دار الكتب المصرية، صفحة 248، جزء المجلد الأول.
- ↑ زكي نجيب محمود ، في مفترق الطرق، القاهرة: دار الشروق، صفحة 139-140. بتصرّف.
- ↑ الترجمة العربية (2006)، موسوعة النساء والثقافات الإسلامية، القاهرة: دار بريل بالتعاون مع مؤسسة المرأة والذاكرة، صفحة 247.