شعر عن جمال الربيع
شعر الطبيعة
قبل عرض مقاطع شعر عن جمال الربيع، لا بُدّ من وقفة عند شعر الطبيعة، وفصل الربيع في الشعر بشكلٍ عامّ، حيث يُقصد بشعر الطبيعة الشعر الذي وصفت كلماته جمال الطبيعة التي خلقها الله -عزّ وجلّ- من أنهار وبحار وبُحيرات، وجبال وسهول ووديان، وفصول مختلفة كالشتاء والربيع والصيف والخريف، وقد اختلَفَ وَصفُ الشّعراء للطبيعة، فهناك من وصفها كما هي، كأنّه ينقل واقعًا أمامَه ليس أكثر، وهناك من جعل جمالَها حيًّا فيّاضًا ناطقًا، فجعلها تُحاور وتَشعُر، أمّا النظرة الفلسفية للطبيعة فقد اختُلِف فيها، فهناك من عَدّها جميلة بالمُطلق، وهناك من رأى أنّها تَحمل الجمال والقبح معًا! وهناك من رأى بأن الطبيعة قبيحة صرفة كالكاتب والشاعر الفرنسي بودلير، وعلى اختلاف الآرآء فقد كُتب شعر عن جمال الربيع خاصة وجمال الطبيعة، وتغنّى الشعراء بالجمال بأنواعه.[١]
فصل الربيع في الشعر
عند كتابة موضوع عن شعر عن جمال الربيع لا بُدّ من وصف عام لحضور فصل الربيع في الشعر، ففصل الربيع هو الفصل الثاني من فصول السنة، ويأتي بعد الشتاء، ويبدأ من الحادي العشرين من آذآر وينتهي في العشرين من حزيران، ويتميز فصل الربيع بتفتّح الأزهار واخضرار الأرض، وهو فصل الجمال بلا منازع، ففيه يكون الطقس معتدلًا، والشمس ساطعة، وله تأثير نفسي مريح على الإنسان، وتكثر فيه الرحلات، وقد حظي فصل الربيع بمكانة خاصة في الشعر وتغنّى بجماله وحسنه كثيرٌ من الشعراء، خاصًة شعراء الطبيعة والمذهب الرومانسي الذين وجدوا في الطبيعة حضنًا وملاذًا آمنًا لهم من الأحزان والمشكلات في حياتهم، وقد كُتب شعر عن جمال الربيع وجمال الطبيعة، ولاقى استحسانًا من القراء لعذوبته ومعانيه المتفائلة.[٢]
شعر عن جمال الربيع
سبقت الإشارة إلى تغنّي الشعراء بفصل الربيع وجماله، وإلى ميل الكثيرين منهم إلى كتابة شعر عن جمال الربيع، وقد كان لهذا الفصل خصوصيّة؛ لارتباطه أكثر من غيره من الفصول بعنصر الجمال والبهجة والفرح، وفيما يأتي أبيات شعر عن جمال الربيع:[٣]
- يقول البحتري:
أكَانَ الصّبا إلاّ خَيالاً مُسَلِّما
- أقَامَ كَرَجْعِ الطّرْفِ، ثمّ تَصَرّما
أرَى أقصَرَ الأيّامِ أحْمَدَ في الصِّبا
- وأطْوَلَهَا مَا كَانَ فيهِ مُذَمَّمَا
تَلَوّمْتُ في غَيّ التّصَابي، فَلَمْ أُرِدْ
- بَدِيلاً بهِ، لَوْ أنّ غَيّاً تُلُوِّمَا
وَيَوْمَ تَلاقٍ، في فِرَاقٍ، شَهِدْتُه
- بِعَيْنٍ، إذا نَهنَهْتُها دَمَعََتْ دَمَا
لحِقْنا الفَرِيقَ المُستَقِلّ ضُحَى وَقدْ
- تَيَمّمَ مِنْ قَصْدِ الحِمَى مَا تَيَمّما
فقُلتُ: انْعِمُوا مِنّا صَبَاحاً، وإنّما
- أرَدْتُ بِما قُلتُ الغَزَالَ المُنَعَّمَا
سَلامٌ، وَإنْ كَانَ السّلامُ تَحِيَّةً
- فوَجْهُكَ دونَ الرّدّ يكفي المُسَلِّمَا
ألَستَ تَرَى مَدّ الفُراتِ كأنّهُ
- جبالُ شَرَوْرَى جِئْنَ في البَحرِعُوَّمَا
وَلَمْ يَكُ مِنْ عاداتِهِ غَيرَ أنّهُ
- رَأى شِيمَةً مِنْ جَارِهِ، فَتَعَلَّما
وَمَا نَوّرَ الرّوْضُ الشآميُّ بَلْ فَتًى
- تَبَسّمَ مِنْ شعرْقِيّهِ، فَتَبَسّما
أتَاكَ الرّبيعُ الطّلقُ يَختالُ ضَاحِكاً
- منَ الحُسنِ حتّى كادَ أنْ يَتَكَلّمَا
وَقَد نَبّهَ النّوْرُوزُ في غَلَسِ الدّجَى
- أوائِلَ وَرْدٍ كُنّ بالأمْسِ نُوَّمَا
يُفَتّقُهَا بَرْدُ النّدَى، فكَأنّهُ
- يَنِثُّ حَديثاً كانَ قَبلُ مُكَتَّمَا
وَمِنْ شَجَرٍ رَدّ الرّبيعُ لِبَاسَهُ
- عَلَيْهِ، كَمَا نَشَّرْتَ وَشْياً مُنَمْنَما
أحَلَّ، فأبْدَى لِلْعُيونِ بَشَاشَةً
- وَكَانَ قَذًى لِلْعَينِ، إذْ كانَ مُحْرِما
وَرَقّ نَسيمُ الرّيحِ، حتّى حَسِبْتُهُ
- يَجىءُ بأنْفَاسِ الأحِبّةِ، نُعَّمَا
فَما يَحبِسُ الرّاحَ التي أنتَ خِلُّهَا
- وَمَا يَمْنَعُ الأوْتَارَ أنْ تَتَرَنّما
وَمَا زِلْتَ خِلاًّ للنّدَامى إذا انتَشُوا
- وَرَاحُوا بُدوراً يَستَحِثّونَ أنْجُمَا
تَكَرّمتَ من قَبلِ الكؤوسِ عَلَيهِمِ
- فَما اسطَعنَ أنْ يُحدِثنَ فيكَ تَكَرُّمَا
- يقول صبري الصبري:
فصـلُ الربيـع بــه الـروضـاتُ تـزدهـرُ
- بعبـقـه الــورد فــي السـاحـات ينتـشـرُ
بحسنـه الزهـر فـي الدوحـات عطَّرهـا
- جمالهـا العـذب فيـه المرتـقـى العَـطِـرُ
ويبـسـط الـفــلَّ والـريـحـان يسـطـرهـا
- بـدائــع الـعـطــر بــالألــوان تُـسْـتَـطـرُ
براعم الروض في الأغصان نضرتهـا
- بهـا ثـوى الطيـر والألــوانُ والـصـورُ
وأشـرق الـكـون فــي فـصـل بفطـرتـه
- تـألــق الـغــرس والتـيـجـان والـثـمــرُ
ألا لــه الـحـمـد رب الـعــرش خالـقـنـا
- تــــبـــــارك الله ذو الآلاء مـــقـــتــــدرُ
تـفـتَّـح الـزهــر فـــي أكـمــام قــدرتــه
- يعـانـق الـجـو فـيـه الـــودق والـمـطـرُ
وينشـر الطـيـب فــي أرجــاء عيشتـنـا
- يصـافـح الــروحَ إغـــداقٌ لـــه نـضــرُ
تـــبـــارك الله ذو الآيــــــات يـبـعـثـهــا
- علـى مـدى الدهـر فــي آلاءهــا عـبـرُ
بها اجتلـى النـاسُ فـي الإنبـات قدرتـه
- كـسـى بــه الأرض إنـبـات لــه خَـضِـرُ
إذا أتــى الفـصـل بالتفـصـيـل يسـعـدنـا
- ربـيـعـه الـعــذب بـالإزهــار مــزدهــرُ
وتصطـفـي العـيـنُ فــي آثـــار طلـعـتـه
- مـبـاهـج الـخـيـر بالـخـيـرات تـنـهـمـرُ
كأنـمـا الأرض فــي أفــراح زهـوتـهـا
- عـرائـس الحـسـن بالإحـسـان تنفـطـرُ
بـجـيـدهـا الــــورد بــاقــات بـبـهـجـتـه
- تتابع الـسـعـد والآلآء والــــدررُ
ربـيـعـنـا الـحــلــو تـأتـيـنــا حــلاوتـــه
- بهـا انتشـى الـجـو والآفــاق والبَـشَـرُ
وغــــرد الـطـيــرُ ألـحــانــا يـقـسـمـهـا
- بـعـوده الـغـض يشجـيـنـا بـــه الـوتــرُ.
المراجع[+]
- ↑ "الكون أو الطبيعة والجمال"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-08-18. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى الربيع في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-08-18. بتصرّف.
- ↑ "أكان الصبا إلّا خيالا مُسلِّما"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-08-18. بتصرّف.