تفسير حلم موت الأخت والبكاء عليها
صلة الرحم
"الصّلة" هي "العَطيّة"، ومن معانيها في اللّغة "الجائزة والبرّ، الّترابط والعلاقة"، ويُقصد بصلة الرّحم "زيارة الأهل والأقارب والسّؤال عنهم، والإحسان إليهم، والإنفاق عليهم، ونصحهم وإرشادهم، ومؤازرتهم في أفراحهم وأحزانهم"،[١] فقد حثّ الإسلام على صلة الرّحم والاهتمام بها ترغيبًا في فضلها، وتحذيرًا من قطيعتها، وعظيم دورها في بناء المجتمع وترابطه، قال تعالى في الوالدين، صِلة الأخ بأخته والإحسان إليها والقيام بحقوقها وواجبتها على أتمّ وجه، ومن صورها:[٥]
- الإحسان إلى الأخت بالإعالة والنّفقة: لما ورد في فضلها من حديث الزّوج الصّالح لها: وذلك: "بنصيحتها عند اختيار شريكها، تزويجها والتّأكد من حفظ حقوقها الشّرعية لدى زوجها، الدّوام على زيارتها للاطمئنان على حالها وأحوالها، الحفاظ على كرامتها ودفع الظّلمٍ عنها وفق شرعِ الله تعالى".
- الإحسان إلى الأخت بتفضيلها على نفسه: ومن صوره: "الاهتمام بها أكثر ممّا يهتمّ بنفسه، حثُّ الزّوجة والأبناء على صلتها وبرّها، القيام على راحتها وإفساح المنزل لها، إدخال البهجة والسّرور إلى قلبها، مؤازرتها في أفراحها وأحزانها، ...".
- الإحسان إلى الأخت في ميراثها الشّرعيّ: وذلك بحفظ حقّها في الميراث وأدائه لها كما أمر الشّرع، فعن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: "اشتَكَيتُ وعِندي سَبعُ أخَواتٍ لي، فدخَلَ علَيَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فنفَخَ في وَجهي ماءً، فأفَقتُ، فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، أُوصي لِأخَواتي بالثلُثَيْنِ؟ قال: أحسِنْ. قُلتُ: الشَّطرُ؟ قال: أحسِنْ. ثم خرَجَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وترَكَني، ثم رجَعَ فقالَ: يا جابِرُ، إنَّ اللهَ قد أنزَلَ، فبَيَّنَ الذي لأخَواتِكَ، فجعَلَ لهُنَّ الثلُثَيْنِ، فكان جابِرٌ يَقولُ: فيَّ نزَلَتْ هؤلاء الآياتُ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}"[٧]
تفسير حلم موت الأخت والبكاء عليها
قد يرى البعض في "تفسير حلم موت الأخت والبكاء عليها" دِلالةٌ على الرّؤيا المكروهة، ويظنّها من وحي الشّيطان بالنّظر إلى ما فيها من الحزن والبكاء وفَقْد الأحبّة،[٨]وقد يرى آخرون خلافًا لذلك بدلالة الضدّ للأحداث ومفرداتها البارزة، فقد يدلّ الموت على ضده، فيأوّل البكاء على الميّت فرجٌ له وطول عُمُر، ومن هنا تجدر الإشارة إلى أنّ الإمام النّابلسيّ لم يذكر تعبيرًا صريحًا "يُفسر حلم موت الأخت والبكاء عليها"، إلّا أنه تطرق إلى بعض المفردات التي قد تساعد في فهم الرّؤيا وتصنيفها.[٩]
حيث عبّر النّابلسيّ في رؤية الموت في المنام: "بالفرج والخلاص من الكُربات، وعودة الغائب والالتقاء به، وقيل هو زواجٌ باعتبار أنّ المتزوّج يُعِدّ نفسه للزّواج بالاغتسال والتطيّب، كما يُفعل عند تغسيل الميّت، وربّما دلّ الموت مع البكاء والنّواح على طلب الدّنيا والزهد في الدّين، وقيل هو سفرٌ أو فقرٌ"، وذكر في رؤية الأخ والأرحام في المنام -ممّن يحقّ لهم الميراث- بأنّه: "المال أو العمل القائم على المشاركة وتوزيع الأنصبة"، وقال في البُكاء هو: "حزنٌ قد يلحق بصاحبه لا سيّما إذا رافقه لطم الخدود وشقّ الجيوب والعويل والنّدب".[٩]
وممّا تقدّم يظهر التّباين في "تفسير حلم موت الأخت والبكاء عليها"، وأيًّا كان المراد في تعبيرها، فإنّ المؤمن الحقّ يُسلِّمٌ بقضاء الله وقدره، فالنّفع والضرّ والرّزق والأجل والسّعادة والحزن والفرج والكرب والحياة والموت والدّنيا والآخرة كلّها بيد الله، ولسان حال المؤمن الصّادق بين أمرين، إن أصابته سرّاءُ شكر، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له، وعزاؤه عند مُصابه -في الحياة الدّنيا- قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولَا وصَبٍ، ولَا هَمٍّ ولَا حُزْنٍ ولَا أذًى ولَا غَمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ"،[١٠]والله تعالى أعلم.[١١]المراجع[+]
- ↑ "تعريف و معنى صلة الرحم في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-08-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 6.
- ↑ "من هم الأرحام؟ وهل أقارب الزوج والزوجة منهم؟"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 28-08-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان ، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 441 ، خلاصة حكم المحدث، أخرجه في صحيحه.
- ↑ "حقوق الأخت في الإسلام "، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-08-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني ، في السلسلة الصحيحة، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم: 296 ، خلاصة حكم المحدث، إسناده صحيح على شرط الشيخين.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج مشكل الآثار، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم: 5231 ، خلاصة حكم المحدث، صحيح.
- ↑ "الرؤى والأحلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-08-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "فسر أحلامك بنفسك سبعة عشرة وسيلة لتعبير رؤياك"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-08-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 5641 ، خلاصة حكم المحدث، صحيح.
- ↑ "الإيمان بالقضاء والقدر"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 28-08-2019. بتصرّف.