دعاء جمع الشمل وتأليف القلوب
إصلاح ذات البين
دعا الإسلام إلى كل ما يربط بين الناس ويزيد من ألفتهم ومحبتهم، ورتّب الله تعالى أجر عظيم لمن يمشي بين الناس فيصلح بين المتخاصمين ويؤلّف بين قلوبهم، فعن أبي الدرداء-رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ألا أخبِرُكم بأفضلَ من درجةِ الصِّيامِ والصَّلاةِ والصَّدقةِ؟ قالوا: بلى. قال: إصلاحُ ذاتِ البيْنِ فإنَّ إفسادَ ذاتِ البيْنِ هي الحالقةُ"،[١] وفي هذا المقال سيتم الحديث عن دعاء جمع الشمل وتأليف القلوب.
دعاء جمع الشمل وتأليف القلوب
ورد في السنة النبوية أدعية وأذكار علمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للعباد المسلمين، فمنها ما جعل لها أوقاتًا مخصوصة، كأذكار الصباح والمساء، ومنها ما هو مطلق، فيدعو المسلم بها في أي وقت وعلى أيّة حال، ومن هذه الأدعية دعاء جمع الشمل وتأليف القلوب الذي كان الرسول -صلى الله عليه وسلم يعلمه لأصحابه كما يعلمهم التشهّد للصلاة، وفي هذا دليل على عظمة هذا الدعاء ونفعه.[٢]
فعن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- أنه قال: وكان يُعلِّمُنا كلماتٍ ولم يكن يُعلِّمْناهنَّ كما يُعلِّمُنا التشهدَ: "اللهمَّ ألِّفْ بين قلوبِنا وأصلحْ ذاتَ بينِنا واهدِنا سُبُلَ السلامِ ونجِنا من الظُّلماتِ إلى النُّورِ وجنِّبْنا الفواحشَ ما ظهرَ منها وما بطنَ وباركْ لنا في أسماعِنا وأبصارِنا وقلوبِنا وأزواجِنا وذرياتِنا وتبْ علينا إنك أنت التَّوابُ الرحيمُ واجعلْنا شاكرِينَ لنعمتِك مُثْنينَ بها قابلِيها وأَتمَّها علينا".[٣][٢]
الألفة بين القلوب في القرآن الكريم
بعد الحديث عن دعاء جمع الشمل وتأليف القلوب الذي ورد في سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لا بد من ذكر الآيات القرآنية التي ذكر الله تعالى فيها الألفة بين القلوب وكيف أنّها نعمة منَّ بها على عباده وجب شُكره عليها، ويمكن للمسلم أن يقرأ هذه الآيات بتدبر ثم يسأل الله تعالى ويدعو دعاء جمع الشمل وتأليف القلوب، فالقلوب بيد الله تعالى يقلبها كيفما شاء، ومن هذه الآيات:[٤]
- الألفة بين القلوب في سورة آل عمران: قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[٥].
- إصلاح ذات البين في سورة الأنفال: قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[٦]، وقال تعالى: {وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ۚ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[٧].
- الإصلاح بين المتخاصمين في سورة النساء: قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا }[٨]، وقال تعالى: { لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}[٩]، وقال تعالى { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[١٠].
- الإصلاح بين المسلمين في سورة الحجرات: قال تعالى: { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[١١].
المراجع[+]
- ↑ رواه المنذري ، في الترغيب والترهيب، عن أبو الدرداء، الصفحة أو الرقم: 3/405، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
- ^ أ ب "دعاء في الألفة بين القلوب"، www.library.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-09-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داوود، في سنن أبي داوود، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 969، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح].
- ↑ "إصلاح ذات البين"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-09-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 103.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 1.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 62-63.
- ↑ سورة النساء، آية: 35.
- ↑ سورة النساء، آية: 114.
- ↑ سورة النساء، آية: 128.
- ↑ سورة الحجرات، آية: 9.