أهم كتب التاريخ الإسلامي
محتويات
التاريخ الإسلامي
أكثر من أربعة عشر قرنًا مرّت على نزول الإسلام، وهذه المدة تجعل من تاريخه طويلًا عريضًا، وهو المكتظ بالأحداث وتداول الأيام، حيث شهد على امتداده، العديد من الدول والحضارات التي تشكل في مجملها شجرة الحضارة الإسلامية الوارفة، والحاجة لكتابة التاريخ الإسلامي كانت حاضرةً دومًا، فمن كتب وأرّخ كان كتب ما سبقه وعاشه، وموت المؤرخ دون متابعة التأريخ يترك فجوةً لا شك، إن كان من ناحيةٍ تأريخيةٍ بحتة، أو ما قد يعتريه من تعديلاتٍ وإضافاتٍ بعده، وفي هذا يقول ابن الأثير: "وقد أرّخ كلًا منهم إلى زمانه وجاء بعده من ذيّل عليه، وأضاف المتجددات بعد تاريخه إليه" وهذه حاجةٌ من حاجات كتابة التاريخ، وفي هذا المقال تعريفٌ بأهم كتب التاريخ الإسلامي.[١]
دواعي كتابة التاريخ الإسلامي
إن التاريخ هو الحلقة التي تربط ماضي الأمة بحاضرها، ومما لا شك فيه أن الشعوب والأمم لا تخون ذاكرتها، وعلى هذا فالتاريخ عنصرًا مهمًا في دوام الأمم وحضاراتها، فهو -التاريخ- يحمل الهمم إن خارت على القيام، وإنْ الأمة ركنت إلى حضنٍ غريبٍ دلّس عليها هويتها وفكرها، قام مقام المرشد المذكّر، ولعل هذا أحد الدوافع التي جعلت العلماء يتفرغون فيفنوا أعمارهم في سبيل التأريخ للأمة الإسلامية، تاريخًا يقوم بدوره المذكور متى اقتضت الحاجة، وإن الحديث عن أهم كتب التاريخ الإسلامي يحمل المقال ولا شك على البحث في دواعي كتابة التاريخ، والتاريخ الإسلامي هو المقصود هنا، وفيما يأتي بيان لأهم تلك الدوافع[٢]:
- حفظ ماضي الأمة: حيث كما تقدم فالتاريخ يقدم أننوذجًا للقيام والسقوط، ولليقضة والغفلة، بما يمكنه من إعطاء أمثلةٍ لاستخلاص العبر، وفهم سنة الله التي لا تتبدل ولا تتحول.
- قلّة المؤرخين: ولا يعني هذا جانب العدد فحسب، لكن التاريخ أمانة، الحضارة الإسلامية، فعاش مؤلفوها الأحداث أو سمعوا بها سماعًا متواترًا، أو أعادوا صياغتها عن بعضهم بعد فحصٍ وتدقيقٍ، وبحثٍ وتحقيق، فهذا ابن خلدون -وهو صاحب واحدٍ من أهم كتب التاريخ الإسلامي- يذكر في مقدمة تاريخه بعض أهم كتب التاريخ وكاتبيها في وقته، ومنها ما اعتمد عليه في كتابه، حيث يروي إن الكثيرون أدلوا دلوهم، فكتبوا الكثير والقليل في التاريخ، ولكن الذين تشهد لهم الأمة بأنهم أهلٌ للثقة والصلاح، لا يجوز عددهم أصابع اليد، وذكر منهم ابن إسحق والطبري وابن الكلبي ومحمد بن عمر الواقدي، وسيف بن عمر الأسدي، وغيرهم، وللوقوف على أهم كتب التاريخ الإسلامي وقفةً سريعةً فإنه من المهم -مرةً أخرى- معرفة أن هذا المقال سيذكر منها ما ذاع صيته وثبت حسنه، وسيفرد لكل كتابٍ منهن حديثًا منفصلًا، والله الموفق.[٢]
وكما تقدم وتم توضيحه في البحث عن أهم كتب التاريخ الإسلامي، فإن هذا المقال سيأخذ في هذا الجانب تلك الكتب التي تعد مرجعًا لكتب التاريخ الحديث، وهي الكتب الأكثر شهرة، والأعم حديثًا، وفيما يأتي تبيين سريعٌ لأمهات كتب التاريخ الإسلامي:
- تاريخ الطبري: هو الاسم المشهور لكتاب تاريخ الأمم والملوك، حيث كتبه محمد بن جريرٍ الطبري، كما يعدّ تاريخ الطبري أول كتابٍ مُعتَدٍ وذو شأن في التاريخ الإسلامي، وذلك نظرًا لكونه أول مرجعٍ تاريخيٍ شاملٍ من نوعه، ثم إنه مرجعٌ لكثيرٍ مما وضع بعده من كتب التاريخ، خاصةً في الفترة التي تحدث عنها تاريخه، وهو على ذلك واحدًا من أهم كتب التاريخ الإسلامي.[٣]
- الكامل في التاريخ: أو المعروف بتاريخ ابن الأثير، لصاحبه علي بن محمد بن عبدالكريم الشيباني الجزري، وهذا الكتاب كما يقول صاحبه في مقدمته، جامعٌ لتاريخ وأخبار ملوك الشرق والغرب وما بينهما، ويذكر فيه الحوادث والمخلوقات منذ بداية الزمان بشكلٍ متسلسل.[١]
- تاريخ ابن خلدون: وهو الاسم الشائع للكتاب المعنون بكتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، كتبه عبدالرحمن بن محمدٍ بن خلدون الحضرمي، الشهير بابن خلدون، ولعل أكثر ما يشتهر من هذا التاريخ مقدمته، ويقول ابن خلدون عن كتابه هذا إنه ذكرٌ لكل الأخبار والأحوال، حيث ربطها بآثار العمران بغية العظة والاعتبار[٢].
- البداية والنهاية: وهو كتاب التاريخ لعماد الدين إسماعيل بن كثيرٍ الدمشقي، أبو الفداء، ويعد كتابه البداية والنهاية واحدًا من أشهر وأهم كتب التاريخ الإسلامي، ويروي ابن كثير في تاريخه هذا التاريخ منذ بداية الخلق حتى وقته وزمانه، ويعرض فيه صفة الجنة والنار، ولا يترك في التاريخ شيئًا إلا ودونه.[٤]
- تاريخ الإسلام الذهبي: وهو كتاب تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، وهو قطعًا من أهم كتب التاريخ الإسلامي، وضعه شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي، كما يتميز هذا الكتاب بكونه كتاب تاريخٍ وكتاب تؤاجمٍ في آنٍ واحد.[٥]
في نقد كتب التاريخ الإسلامي
كما يتكرّر دائمًا وسيظل، فإن الغاية الأولى من التاريخ هي أخذ العبرة، والوقوف على المواقف التي من شأنها أن تسهم في رسم شكلٍ للمستقبل، ولكن كتب التاريخ تظل اجتهادٌ من أصحابها، فهي عملٌ إنسانيٌ مشكورٌ لا شك ومحمود، لكن الفكرة تكمن في عدم تقديسها والتسليم لكل ما جاء فيها، بل اتباع السبل الصحيحة للحكم على المتون المسرودة، والمواقف والأحداث المروية، وإن كان ثمة عائق للبحث فالعلماء دققوا وحققوا وبينوا، فيكفي الرجوع إلى ما وثقوه، ومثالًا على ذلك ما جاء في مقدمة المحقق لكتاب تاريخ الأمم والملوك، والتي كتبها أبوصهيب الكرمي، حيث يتحدث عن كثيرٍ من الأحداث المروية بلا إسناد، وحتى تلك المسندة ففي سند الكثير منها وقفةٌ وعلة، هذا في تاريخ الطبري، والذي عدّ مصدرًا لكتبٍ تاريخيةٍ لاحقة، وهذا الحديث لا طعنًا بتواريخ أولئك العلماء الثقاة وإنما هو من باب الحياد والأمانة العلمية والتاريخية.[٣]المراجع[+]
- ^ أ ب علي الجزري (1987)، الكامل في التاريخ (الطبعة الأولى)، بيروت لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 5،6، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب ت عبدالرحمن بن خلدون (2001)، تاريخ ابن خلدون، بيروت- لبنان: دار الفكر، صفحة 6،7،8، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد الطبري، تاريخ الأمم والملوك، تاريخ الطبري، عمان- الأردن، الرياض- السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 3،4،5. بتصرّف.
- ↑ إسماعيل بن كثير (1997)، البداية والنهاية (الطبعة الأولى)، الجيزة- مصر: دار هجر، صفحة 6، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد الذهبي (1990)، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام (الطبعة الثانية)، بيروت- لبنان: دار الكتاب العربي، صفحة 5، جزء 1. بتصرّف.