سؤال وجواب

هل تجوز القراءة من المصحف في صلاة ا


مفهوم صلاة التراويح

إنّ التراويح في اللغة جمع لكلمة ترويحة؛ وهي الاستراحة، وأمّا اصطلاحًا فهي صلاة تُقام في شهر رمضان المبارك عقب صلاة العشاء، وهي عند العلماء صلاة قيام الليل في شهر رمضان وسُمّيت صلاة التراويح بهذا الاسم لأنّه يعقب كلّ ركعتين منها ترويحة؛ أيّ: استراحة، وقيل كلّ أربع ركعات ترويحة، وهذا ما جاء في معجم لسان العرب: "وفي الحديث: صلاة التراويح؛ لأَنهم كانوا يستريحون بين كل تسليمتين، والتراويح جمع تَرْوِيحة، وهي المرة الواحدة من الراحة"، وفي صلاة التراويح تقرأ بعض المساجد -كالمسجد الحرام- في كلّ يوم جزءًا من القرآن الكريم، فيلجأ بعض الناس لكسب الختمة مع الإمام فيمسكون مصحفًا ويقرؤون معه، وسيقف المقال مع حكم القراءة من المصحف في صلاة التراويح.[١]

هل تجوز القراءة من المصحف في صلاة التراويح

إنّ القراءة من المصحف في صلاة التراويح هو أمرٌ محلُّ خلاف بين المذاهب الإسلاميّة، فمنعه بعضهم وأجازهم بعضهم الآخر، ولكلّ فريق منهم أدلّته المعتبرة التي يستند عليها في إقامة الحجّة على ما ذهب إليه، وفيما يأتي تفصيل لأدلّة المانعين والمُجيزين:

المانعون

قد منع الإمام أبو حنيفة -رضي الله عنه- القراءة من المصحف مُطلقًا، لا في صلاة الفريضة ولا في صلاة النافلة، وله في ذلك سببان يراهما كافيان لمنع ذلك، أمّا الأوّل فهو أنّ حملَ المصحف الشريف وتقليب أوراقه والنظر فيه هي أمور وأشغال وأعمال كثيرة ليست من الصلاة، ولا حاجة إليها في الصلاة؛ فتؤدّي بذلك إلى إفساد الصلاة، وأمّا الثاني فهو أنّ هذا الحامل للمصحف هو في الحقيقة يُلقَّنُ من المصحف، وهذا يُعَدُّ تعلُّمًا من المصحف؛ فصار القارئ من المصحف في الصلاة كمن يتعلّم من مُعلّم، وذلك يؤدّي إلى إفساد الصلاة.[٢]

المجيزون

وأمّا باقي الأئمة فقد فصّلوا في الأمر بين الإمام والمأموم، فأمّا الإمام فالأولى به أن يكون حافظًا للقرآن الكريم غيبًا، فإن تعذّرَ ذلك فلا بأس بأن يكون أمام الإمام مصحفًا يقرأ منه اقتداءً بما حدث مع السيدة عائشة -رضي الله عنه- عندما كان يؤمّها غلام لها اسمه ذكوان،[٣] فكان يضع أمامه مصحفًا يقرأ منه، وهذا في النوافل فقط وليس في الفريضة،[٤] بل قد ذهب بعض أهل العلم على أنّ الإمام الحافظ للقرآن له أن يضع أمامه مصحفًا إن كان يصلّي بالنّاس جماعة في نافلة وكان هدفه من وراء ذلك هو أن تكون ختمته متقنة بلا خطأ أو خلل،[٥] أو ربّما قد يخشى الإمام أنّه إن أخطأ فإنّ عددًا كبيرًا من المأمومين خلفه قد يفتحون عليه معًا؛ أيّ: يردّون عليه الكلمة الصّواب، فبذلك قد يضطرب الإمام ويصبح المكان فيه تشويشًا، فبهذه الحال وجود المصحف إلى جوار الإمام لا بأس به، ويكون حكم القراءة من المصحف للإمام في هذه الحال الجواز والله أعلم.[٤]

وأمّا المأموم فإنّ الحكم بحقه الكراهة؛ لأنّ ذلك يشغله عن الخشوع وتدبّر الآيات، ويجوز للمأموم ذلك في حال كان خلف الإمام، وكان الإمام قد يحتاج من ينبّهه إذا أخطأ أو أُغلِقَ عليه،[٣] ولكن الأولى أن يترك المأموم القراءة من المصحف ولا ينشغل به ولا بغيره عن الخشوع وحسن التواصل مع ربه -تعالى- في الصلاة التي هي الصلة بين العبد وربه، والله -تعالى- أعلم.[٤]

هل تجوز القراءة من المصحف في صلاة الفريضة

بعد الوقوف على حكم القراءة من القرآن في صلاة التراويح والنوافل عمومًا بقي أن يقف المقال أخيرًا مع حكم القراءة من القرآن في الفريضة، فإنّ حكم القراءة من المصحف في الفريضة يتراوح بين الكراهية والنهي، وقد تقدّم أنّ الإمام أبي حنيفة منَعَ القراءة من المصحف للإمام والمأموم مُطلَقًا في الفرائض والنوافل،[٢] وأمّا الشّافعيّة والمالكيّة فقد كرِهوا ذلك؛ لاشتماله على حركة يسيرة في أثناء الصّلاة، ولكن ذلك لا يُبطِلُ الصّلاة، والصلاة به صحيحة،[٦] وقد منَعَ آخرون هذا العمل -أيّ القراءة من المصحف- إن كان ذلك في الفريضة، والله أعلم.[٤]

المراجع[+]

  1. "تعريف و معنى صلاة التراويح في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-03-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين (1983)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 11، جزء 38. بتصرّف.
  3. ^ أ ب عبد الله الطيار (2012)، الفقه الميسر (الطبعة الثانية)، الرياض: دار مدار الوطن، صفحة 93، جزء 3. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث أحمد حطيبة، شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان، المملكة العربية السعودية: دروس صوتية مفرغة على موقع إسلام ويب، صفحة 7، جزء 17. بتصرّف.
  5. محمد بن محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، المملكة العربية السعودية: دروس صوتية مفرغة على موقع إسلام ويب، صفحة 36، جزء 10. بتصرّف.
  6. "هل تجوز القراءة من المصحف في صلاة التراويح"، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 23-03-2020. بتصرّف.