سؤال وجواب

كيف تتجنب الغيبة والنميمة في رمضان


الغيبة والنميمة

إنَّ النميمة كما تمَّ تعريفها عبارة عن "نقل الحديث من قومٍ إلى قوم على جهة الإفساد والشر"،[١] أما الغيبة فهي عبارة عن "ذكر مساوئ الإنسان التي فيه في غيبة"،[٢] وقد ذمَّ الله -عزَّ وجلَّ- الغيبة في كتابه الكريم حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}،[٣] وقد تمَّ تشبيه الغيبة بأكل المغتاب لحم أخيه ميْتًا زيادة في الشدَّة والتغليظ؛ حيث إنَّ الإنسان يستقذر أكل اللحم الميت الذي يحلُّ أكله ويستطاب عند تذكيته فكيف إن كان هذا اللحم هو لحم أخيه الإنسان الذي لا يحلُّ أكله ولا يُستطاب؟،[٤] ولاستقذار ذلك ولشدّة تحريم الغيبة والنميمة ولأنَّهما تعدَّان من كبائر الذنوب؛[٥] سيتم تخصيص هذا المقال للإجابة عن سؤال كيف تتجنب الغيبة والنميمة في رمضان كما سيتم بيان كفارة الغيبة ثمَّ بيان خطورة الغيبة والنميمة.

كيف تتجنب الغيبة والنميمة في رمضان

بالرغم من أنَّ الغيبة والنميمة لا تعدَّان من مفطرات الصيام إلَّا أنَّ لهما أثرًا كبيرًا على الصائم من حيث إنَّهما تنقصان من صيامه، ودليل ذلك قول الله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}،[٦] ووجه الدلالة في الآية أنَّ الصيام إنَّما شُرع لزيادة التقوى، والصائم الذي لم يمنعه صيامه عن ارتكاب ما نهى الله -عزَّ وجلَّ- عنه مثل الغيبة والنميمة لم تتحقق فيه الغاية من مشروعية الصيام، أمَّا عن الإجابة على سؤال كيف تتجنب الغيبة والنميمة في رمضان فيكون عن طريق العلم بأنَّ النميمة والغيبة سبب من أسباب سخط الله على النمام والمستغيب وأنّهما سببٌ موجبٌ لعقوبته وأنَّهما أيضًا سببٌ لإحباط حسناته، كما أنَّ عليه أن يعلم أنَّ الغيبة والنميمة تؤذيان غيره كما تؤذيانه فكيف يرضى لغيره ما لا يرضاه لنفسه، بالإضافة إلى أنَّ الابتعاد عن النمَّام والاحتراز منه يدخل في الإجابة على سؤال كيف تتجنب الغيبة والنميمة في رمضان؛ وذلك لئلَّا يسحب النمام جليسه إلى النميمة، فينطبق عليه حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ صاحِبِ المِسْكِ وكِيرِ الحَدَّادِ"[٧]، ويمكن القول أيضًا أنَّ مما تُعالج به النميمة والغيبة هي وضع الحدِّ للنمام والمغتاب ومعرفة كيفية التعامل معه، ويكون ذلك بنهيه وتذكيره بقبح ما يقوم به من كبائر، ولا بأس في هذا المقام أن يتم الحديث عما يلزم المسلم الذي حُملت إليه نميمة، وفيما يلي ذكر ذلك:[٨]

  • عدم تصديق النمَّام فيما يقوله.
  • نهي النمام عما يفعله من قبحٍ ونصحه بترك ما حِّرم الله من النميمة.
  • بغض النمام في الله -عزَّ وجلَّ- لأنَّ الله يبغضه، وبغض ما أبغضه الله واجب.
  • عدم ظن السوء في المنقول عنه، ودليل ذلك قول الله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ}[٣]
  • عدم التجسس والبحث ليتأكد مما قيل له من نميمة، ودليل ذلك قول الله تعالى: {وَلاَ تَجَسَّسُوا}.[٣]
  • عدم نقل ما وصله من كلامٍ ونميمة لغيره.

كفارة الغيبة

تعدُّ الغيبة كبيرة من كبائر الذنوب المتعلقة بحقوق العباد، وحقوق العباد لا يغفرها الله -عزَّ وجلَّ- إلا أن يعفوَ صاحب الحقِّ، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن كَانَتْ له مَظْلَمَةٌ لأخِيهِ مِن عِرْضِهِ أَوْ شيءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ منه اليَومَ، قَبْلَ أَنْ لا يَكونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إنْ كانَ له عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ منه بقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وإنْ لَمْ تَكُنْ له حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِن سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عليه."،[٩] وعلى ذلك فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنَّ كفارة الغيبة لا تكون إلا بطلب المغتاب العفو والسماح ممن اغتابه ويكون ذلك بالكلام الحسن واللين وعليه أن يبذل في ذلك ما استطاع وإن وصل به الأمر إلى شراء الهدايا الثمينة لمن اغتابه، وقد ذهب آخرون من أهل العلم إلى إكتفاء المغتاب بالدعاء والاستغفار لمن اغتابه والثناء عليه يعدُّ مكفرًا للغيبة؛ وذلك لأنَّ التحلل ممن تمَّت استغابته قد يؤدي إلى مفسدة أعظم وهي تحميل القلوب الأحقاد والأضغان كما أنَّه قد يؤدي إلى قطع الصلات، ولا بدَّ في هذه الحالة عند الدعاء والاستغفار لمن تمَّت استغابته أن يتمَّ تخصيصه في الدعاء فيقول التائب عن الغيبة: اللهمَّ اغفر لي ولمن اغتبته وظلمته بالإضافة إلى الدعاء له بما تيسر، ولا بدَّ أيضًا من تنبيه التائب عن الغيبة أن لا ينسى شروط التوبة الأساسية وهي الإقلاع عن المعصية والندم عليها وصدق الإنابة إلى الله تعالى، ولا بأس في هذا المقام من تذكير المغتاب والنمام بضرورة الإقلاع عن الغيبة والنميمة لما في ذلك من خطورة،[١٠] وفيما يلي بيان خطورة الغيبة والنميمة:

خطورة الغيبة

ذُكر فيما سبق أنَّ الغيبة ذنب عظيم بل كبيرة من كبائر الذنوب، وأنَّها محبطة للحسنات، وأنَّ صاحبها مفلسٌ يوم القيامة بالإضافة إلى أنَّ المغتاب في عداد أهل النار، وهذا هو خطرها الأخروي أمَّا خطرها الدنيوي فإنَّ الله -عزَّ وجلّ- يتتبع عورة المغتاب ويفضحه في جوف بيته.[١١]

خطورة النميمة

وتكمن خطورة النميمة بأنَّها من كبائر الذنوب،[١٢] وطريقها موصلٌ إلى النيران كما أنَّها دليلٌ على سوء الخاتمة، أما خطرها الدنيوي يكمن بنشر الأحقاد والبغضاء بين الناس وتذكية نار العداوة بين المتآلفين وتمزيق المجتمعات كما أنَّها تعمل على قطع أرزاق الآخرين وتحمل المرء على التجسس وتتبع أخبار الآخرين، وما ينبغي الإشارة إلى هو كيف تكون النميمة من كبائر الذنوب ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال عمن كانا يعذّبان في قبرهما: "وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ" والإجابة أنَّ المراد هنا أنَّه ليس بكبيرٍ عليهم تركه أو ليس بكبير في زعمهم.[٨]

المراجع[+]

  1. مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية، صفحة 16، جزء 3. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية، صفحة 401، جزء 2. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت سورة الحجرات، آية: 12.
  4. مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية، صفحة 402، جزء 2. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية، صفحة 406، جزء 2. بتصرف.
  6. سورة البقرة، آية: 183.
  7. رواه الخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 2101، حديث صحيح.
  8. ^ أ ب "خطر الغيبة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-3-2020. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2449، حديث صحيح.
  10. محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 125. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية، صفحة 441، جزء 2. بتصرّف.
  12. مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية، صفحة 21، جزء 3. بتصرّف.