حكم قيام العشر الأواخر من رمضان

محتويات
العشر الأواخر من رمضان
في الحديث حول حكم قيام العشر الأواخر من رمضان، لابدّ من بيان العشر الأواخر من رمضان؛ فهي من أشرف الأيام وأعظم الأوقات وأحبّها إلى الله -سبحانه وتعالى- فالْعَشْرُ الأَْوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ عند الْفُقَهَاءِ: وقتها يبدأ مِنْ بِدَايَةِ لَيْلَةِ العشرين مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَتَنْتَهِي مع انتهاء رمضان، سواءً كان رمضان ثلاثين يومًا أو تسع وعشرون يومًا، وَعَلَيْهِ فَإِطْلاَقُ الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ عَلَيْهَا تغليبًا للتَّمَامِ، لأَِنَّ الْعَشْرَ هي عِبَارَةٌ عَمَّا بَيْنَ الْعِشْرِينَ إِلَى آخِرِ الشَّهْرِ، حتى ولو كان الشهر ناقصًا، كذا نبّه عليه بعض العلماء، كالنووي في المجموع ، ومن الجدير بالذكر أن ننبّه على: أنّ العشر الأواخر من رمضان هي تشمل الليالي أيضًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ}[١][٢]
حكم قيام العشر الأواخر من رمضان
عند الحديث حول حكم قيام العشر الأواخر من رمضان، لا بدّ من بيان فضلها وفضل قيامها، كما جاء في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :"مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ"[٣]، فالمستحب في ليالي رمضان إحياؤها كلَّها بالقيام والصلاة والعبادة وتخصيص العشر الأواخر منها بمزيد من التعبد والاجتهاد، طلبًا للمغفرة والرحمة، ولمّا جاء في فضلها وفضل قيامها ولأنّ؛ فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.[٤] وأمّا عن عدد الركعات التي تصلى في ليالي رمضان، فالأفضل أن يحي العبد ليله كلّه بالصلاة؛ لأنّ ذلك هو المأثور عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأيضًا على المسلم أن يتحرى الكيفية الأفضل في القيام، كما جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: "ما كانَ رسولُ اللَّهِ يزيدُ في رمضانَ ولا غيرِهِ على إحدى عشرةَ رَكعةً يصلِّي أربعًا فلا تسأل عن حسنِهنَّ وطولِهنَّ، ثمَّ يصلِّي أربعًا فلا تسأل عن حسنِهنَّ وطولِهنَّ، ثمَّ يصلِّي ثلاثًا قالت عائشةُ فقلتُ يا رسولَ اللَّهِ أتنامُ قبلَ أن توترَ قالَ يا عائشةُ إنَّ عيني تنامُ ولا ينامُ قلبي"[٥]، وهنا لا بدّ من التنبيه على أمر مهم جداً وهو: أنّه من اكتفى بالقيام بالعدد المذكور في حديث عائشة السابق، فلابد أنّ يحيي جميع الليل على هذه الصفة، كما قالت عائشة -رضي الله عنها- : "فلا تسأل عن حسنِهنَّ وطولِهنَّ" - بحيث يطيل الصلاة كما كان يفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإذا صلّى المؤمن من الليل وزاد في قيامه على احدى عشر ة ركعة فلا حرج في ذلك، لما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: "صلاةُ اللَّيلِ مثنى مثنى "[٦]، وقال الفقهاء: إنّ صلاة التراويح هي قيام رمضان؛ ولذلك فالأفضل استيعاب أكثر الليل بها؛ لأنها قيام الليل، والمطلوب في ليالي رمضان عمومًا وخاصةً ليالي العشر منها هو الاجتهاد وأن يظهر المؤمن فيها ذلّه وفاقته وفقره لربه -سبحانه وتعالى- بالاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- حسب قدرته.[٤]
الاجتهاد في الطاعة في العشر الأواخر
عند الحديث عن حكم قيام العشر الأواخر من رمضان، لا بدّ من بيان أهميّة هذه الليالي والأيام وفضلها وما فيها من النفحات والرحمات من رب العالمين، وأنّ فيها ليلة القدر التي هي أشرف الليالي مطلقًا؛ ولأنّ النفس إذا علمت فضل الشىء وعظيم قدره تشوّفت وتشوقت له، وبالغت في القيام به، ولذلك كان العلماء عندما يؤلفون المؤلفات يصدّرون فضل الشىء قبل بيان حكمه، وذلك تشويقاً لفعله، فمثلاً عندما يؤلفون في بيان صفة الحج فإنّهم يصدرون ذلك ببيان فضل الحج وما ورد فيه من الفضل والأجر العظيم، وفي باب الاجتهاد في الطاعة في العشر الأواخر فإنّ الأصل فيه حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: " كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ."[٧]، قال الإمام النووي في شرحه: "ا-ختلف العلماء في معنى "شد المئزر "فقيل: هو الاجتهاد في العبادات زيادة على عادته -صلى الله عليه وسلم- في غيره، ومعناه: التشمير في العبادات، يقال : شددت لهذا الأمر مئزري، أي: تشمرت له وتفرغت. قيل : هو كناية عن اعتزال النساء للاشتغال بالعبادات، وقولها: "أحيا الليل" أي: استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها، وقولها:"وأيقظ أهله" أي: أيقظهم للصلاة في الليل وجدّ في العبادة زيادة على العادة، ففي هذا الحديث: أنَّه يستحب أن يزاد من العبادات في العشر الأواخر من رمضان واستحباب إحياء لياليه بالعبادات.[٨]
الاعتكاف في العشر الأواخر
بعد بيان حكم قيام العشر الأواخر من رمضان، وبيان أنّه سنة مؤكدة، لابدّ من إيضاح ما يستحب فيها من الأعمال، فإنّ العشر الأواخر ميدان للمسابقة فيه لنيل الأجر والمثوبة من الله -سبحانه وتعالى-، إذ إنّ أهم ما يشوّق المؤمن للاجتهاد فيها والاعتكاف بها هو أنّ العشر هذه هي أفضل ليالي العام على الإطلاق، لأنّ فيها نزل القرآن، وغير ذلك من الفضائل العظيمة والنفحات الربّانيّة فيها، فالاعتكاف لغةً: هو لزوم الشيىء، وفي إصطلاح الفقهاء: لزوم المسجد لطاعة الله -عزّ وجل-، والإنقطاع عن الدنيا، ويبدأ وقتها عند غروب شمس ليلة العشرين من رمضان، فمن أراد الاعتكاف فعليه أن يدخل المعتكف -المسجد- قبل غروب شمس ليلة العشرين من رمضان، وقال ابن عثيمين: "يدخل المعتكف عند غروب الشمس، ليلة العشرين من رمضان، فإن العشر الأواخر تبتدئ بغروب الشمس ليلة العشرين من رمضان"، والأصل فيه حديث عائشة -رضي الله عنها- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده"[٩]، ومن وفّقه الله -عزّوجلّ- للاعتكاف، فلا بدّ له من معرفة آداب الاعتكاف؛ من لزوم المسجد لطاعة الله -عزّوجلّ-، والانقطاع بالكليّة عن الدنيا، وعدم الخروج من المسجد إلا للضرورة كما هو مبيّن في كتب الفروع.[١٠]المراجع[+]
- ↑ سورة الفجر، آية: 2.
- ↑ "العشر الأواخر"، al-maktaba.org، 24-3-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 759 ، حديث صحيح.
- ^ أ ب "تقسيم قيام الليل في العشر الأواخر إلى قسمين"، al-maktaba.org، 24-3-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1696 ، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 973 ، حديث صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1174.
- ↑ "فضل العشر الأواخر من رمضان واستحباب العبادة فيها"، al-maktaba.org، 24-3-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2026 ، حديث صحيح.
- ↑ "متى يبدأ من أراد الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ومتى ينتهي"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2020. بتصرّف.