حكم الإغماء والجنون في الصيام
الإغماء والجنون
إنَّ من العوارض التي تعرض لأهلية الإنسان وتفقده القدرة على القيام ببعض الأمور التكليفية، والتي يترتب عليها العديد من الأحكام الشرعية؛ لذلك تناولت الشريعة الإسلامية هذه العوارض والتي منها الإغماء والجنون، حيث يعدّ الإغماء بأنّه حالة مؤقتة تصيب الإنسان و تعرف باللغة: "بفَقدِ الحس والحركة لعارض"؛ أيّ أنّ الإنسان لا يشعر بأيّ شيء يحيط به مع بقاء العقل،[١] أمّا الجنون فقد عُرِّفَ بأنّه: "مرضٌ عقلي وظيفي خطير يُفسَدُ به العقل وقد يزول تمامًا"، وقد عُرِفَ بالاصطلاح الفقهي بالجنون المطبق؛ "الذي يمتد شهرًا عند بعضهم، وعند آخرين: الذي يمتد جنونه يومًا وليلة"،[٢] وقال الإمام الغزالي عن زوال العقل في هذه العوارض: "أنَّ الجنون يزيله والإغماء يغمره والنوم يستره"،[٣] ولذلك يترتب على الإغماء والجنون أحكام شرعية متعددة، وسنطرح في هذا المقال حكم الإغماء والجنون في الصيام وشروط المكلف.
حكم الإغماء والجنون في الصيام
يعدّ العقل شرطًا من شروط صحة الصيام، حيث قال ابن حزم: "اتفقوا على أنّ صيام نهار رمضان على الصحيح المقيم العاقل البالغ الذي يعلم أنه رمضان وقد بلغه وجوب صيامه وهو مسلم"، ولهذا ورد في حكم الإغماء والجنون في الصيام أنَّ النبي -صلّى الله علّيه وسلم- قال: "أنَّ القلمَ قد رُفِع عن ثلاثةٍ؛ عن المجنونِ حتَّى يبرأَ وعن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعن الصَّبيِّ حتَّى يعقِلَ"،[٤] فاستدلوا الفقهاء الأربعة وأجمعوا على أنّه لا يجب الصوم على المجنون؛ لفقدان شرط العقل الذي يدفع عنه التكليف، كما أنّه لا يُطالب بالقضاء أيضًا،[٥] أمّا من أُغمي عليه وأفاق قبل الغروب ولو بلحظة وكان قد نوى من الليل فصيامه صحيح، لكنْ إن استمر إغماءه إلى ما بعد الغروب فعليه القضاء،[٦] ولذلك اختلف الفقهاء في من كان قد نوى الصيام ليلًا ثمّ طرأ عليه بعدها الإغماء والجنون؛ فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم صحة صومه إذا لم يفق قبل غروب الشمس، واستدلوا بحديث رسول الله، حيث قال: "كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدمَ له، إلا الصِّيامَ، فهو لي، وأنا أَجْزي به، إنما يَتْرُكُ طَعامَه وشَرابَه مِن أَجْلِي"،[٧] فإذا تَرْكَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وإِذَا كَانَ مُغْمًى عَلَيْهِ فإنّه بذلك لا يكون ممسكًا عنهما، فَلَمْ يُجْزِئْهُ؛ لأنّ الصيام إمساك مع النية وهذا ينافي ما يعرض للمغمى عليه والمجنون،[٨] وأما الصلاة فلا قضاء عليهما إذا أفاقا.
شروط المكلف
إنَّ سِنَّ التكليف في الاصطلاح الشرعي يعرف "بسن البلوغ، الذي يصبح فيه الإنسان أهلًا للإلزام والإلتزام"،[٩] فلذلك حتى يكون الإنسان مكلفًا، لا بدّ من توافر أركان وشروط لذلك، ومن هذه الشروط العامة التي يجب أن تكون عند كلّ إنسان حتى يسمى مكلفًا ما يأتي:[١٠]
- أن يكون بالغًا: ويكون ذلك باستكمال خمس عشرة سنة.
- أن يكون عاقلًا: بمعنى أن يكون مدركًا مميزًا، ويخرج بذلك الصبي والمجنون.
- أن يكون فاهمًا للخطاب: بمعنى جودة الذهن لتأدية خطاب الشارع بالأمر والنهي.
المراجع[+]
- ↑ "تعريف و معنى الاغماء "، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى الجنون"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2020. بتصرّف.
- ↑ " القول في النائم والمجنون والمغمى عليه"، islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2020.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 4399، حديث صحيح.
- ↑ "المطلب الثالث: العقل"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "ما حكم من أغمي عليه وهو صائم"، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7494، حديث صحيح.
- ↑ " الإغماء والجنون والسكر بعد النية"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى التكليف"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "بيان شروط المكلَّف"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2020. بتصرّف.