سؤال وجواب

حكم تشبيك الأصابع في المسجد


آداب حضور المساجد

في الحديث عن حكم تشبيك الأصابع في المسجد، يحسن بيان آداب حضور المساجد حتى لا يقع المسلم بأي نهي وهي كالآتي؛ النهي عن حضور المساجد لمن أكل الثوم أو البصل : فعن جابر -رضي الله عنه- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن أكَلَ ثُومًا أوْ بَصَلًا، فَلْيَعْتَزِلْنَا - أوْ قالَ: فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا - ولْيَقْعُدْ في بَيْتِهِ"[١]،استحباب التبكير إلى المساجد والمشي إلى الصلاة بخشوع وسكينة، وكان في دعائه عليه السلام إذا خرج للمسجد: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ في قَلْبِي نُورًا، وفي بَصَرِي نُورًا، وفي سَمْعِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي  نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَعَظِّمْ لي نُورًا"[٢] ، استحباب أداء تحية المسجد عند دخول المسجد، لحديث أبي قتادة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ"[٣]، استحباب إظهار الزينة لصلاة الجمعة والعيدين وسيطرح هذا المقال حكم تشبيك الأصابع في المسجد.[٤]

حكم تشبيك الأصابع في المسجد

في الحديث حول مسألة حكم تشبيك الأصابع في المسجد، هناك عدة أقسام لهذه الحالة ولابدّ من بيان أقسام حكم تشبيك الأصابع في المسجد على الأقوال التالية وهي كالآتي:[٥]

  • إذا كان الإنسان في الصلاة، ولا شك في أن الحكم الكراهة إذا شبّك بين أصابعه.
  • إذا كان في المسجد ينتظر الصلاة، أو وهو ذاهب إلى المسجد يُريدها بعدما تطهَّر، والظاهر كراهته كما رواه أحمد عن مولىً لأبِي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: "بينا أنا مع أبي سعيدٍ وهو مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذْ دخلْنا المسجدَ فإذا رجلٌ جالسٌ في وسَطِ المسجِدِ مُحْتَبِيًا مُشَبِّكًا أصابعَهُ بعضُها في بعضٍ فأشارَ إليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلم يَفْطِنْ الرجلُ لإشارَةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فالتفتَ إِلَى أَبي سعيدٍ فقال إذا كان أحدُكم في المسجدِ فلا يُشَبِّكَنَّ فإنَّ التَّشْبِيكَ منَ الشيطانِ وإنَّ أحدَكم لا يزالُ في صلاةِ ما كان في المسجدِ حتى يخرجَ منه"[٦]، ولحديث كعب بن عجرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: "إذا توضَّأَ أحدُكم فأحسنَ وضوءَهُ ثمَّ خرجَ عامِدًا إلى المسجدِ فلا يشبِّكَنَّ يديهِ فإنَّهُ في صلاةٍ"[٧]
  • أن يكون جالساً في المسجد وبعد أن يفرغ من الصلاة، وليس يريد أن يصلي صلاةً أخرى ولا يَنتظرها، فحينئذ لا يُكره، لحديث ذي اليدين، المخرّج في الصحيحين.
  • أن يكون في غير المسجد فعندئذ تكون الجواز والإباحة أولى، قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- نقلاً عن ابن المنير: "التحقيق أنّه ليس بين هذه الأحاديث تعارُض؛ إذ المَنهِيُّ عنه فعلُه على وجه العَبَثِ، والذي في الحديث ـ المؤمِن للمؤمِن ـ إنّما المقصود هو التمثيل وتصوير المعنى في النفس بصورة الحسِّ، وجمع الإسماعيلي بأن النّهي مقيّد بما إذا كان في الصلاة أو قاصدًا لها؛ إذ منتظر الصّلاة في حكم المصلِّي، وأحاديث الباب الدالة على الجواز خالية من ذلك؛ لأن حديث أبي هريرة كان تشبيك النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ بعد انقضاء الصّلاة وليس في صلاة أو قبلها، والرواية التي فيها النَّهي عن ذلك ما دام في المسجد ضعيفة.. إلى أن قال: والحكمة في النّهي؛ قيل لكونِه من الشيطان، وقيل: لأنه يجلِب النّوم وهو من مَظَانِّ الحَدَث، وقيل: لأنّ التّشبيك فيه صورة الاختلاف.

فضل الحضور للمسجد قبل الأذان

بعد الفراغ من الحديث حول مسألة حكم تشبيك الأصابع في المسجد، فيحسن حينئذ بيان فضل الحضور للمسجد قبل الأذان، قبل البدء بذلك نبيّن حكم الصلاة في المسجد للرجال، حيث إن العلماء اختلفوا على قولين، الأول: أنّ الصلاة بالمسجد سنّة وهو قول جمهور العلماء، والقول الثاني: أنّ الصلاة بالمسجد واجبة وهي رواية عند الحنابلة وهو الراجح، وعلى هذا القول فإن الحضور للمسجد يكون عند سماع الإقامة، يقول العلامة العثيمين في الشرح الممتع على زاد المستنقع:" وقوله: «فلا صلاة إلا المكتوبة»، ظاهر كلامه: أنه لا فرق بين أن تقام الصلاة وأنت في المسجد أو في بيتك، مع وجوب الجماعة عليك، وعلى هذا؛ فلو سمعت الإقامة وأنت في بيتك، وقلت: سأصلي سنة الفجر؛ لأن الفجر تطول فيها القراءة؛ وبيتي قريب من المسجد؛ ويمكنني أن أدرك الركعة الأولى، فإن ذلك لا يجوز؛ لعموم الحديث: «إذا أقيمت الصلاة» ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة" ، فقوله: «فامشوا» أمر، وبناء على ذلك: لا فرق بين أن تقام الصلاة وأنت في المسجد، وبين أن تقام وأنت في بيتك، فمتى سمعت الإقامة وأنت في الركعة الأولى ـ على ما اخترناه من الأقوال ـ فاقطعها واذهب، وإن كنت في الثانية فأتمها خفيفة، هذا ما لم تخش فوات الجماعة؛ لأنك إذا كنت خارج المسجد ربما تخشى فوات الجماعة؛ ولو كنت في الركعة الثانية، فحينئذ اقطعها؛ لأن صلاة الجماعة واجبة، والنافلة نفلل".[٨]

وفي الحضور قبل الأذان وانتظار الصلاة في المسجد فضل عظيم, وخير كثير, قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري:"وقد كان كثير من السلف يأتي المسجد قبل الأذان، منهم: سعيد بن المسيب، وكان الإمام أحمد يفعله في صلاة الفجر. وقال ابن عيينة: لا تكن مثل أجير السوء، لا يأتي حتى يُدعَى. يشير إلى أنه يستحب إتيان المسجد قبل أن ينادي المؤذن، وقال بعض السلف في قول الله تعالى: {السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}: إنهم أول الناس خروجاً إلى المسجد وإلى الجهاد، قال ابن عبد البر: لا أعلم خلافاً بين العلماء أن من بكّر وانتظر الصلاة، وإن لم يصل في الصف الأول أفضل ممن تأخر، وإن صلى في الصف الأول، وبه ينتهي مقال حكم تشبيك الأصابع في المسجد.[٨]

المراجع[+]

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 855، حديث صحيح.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 763، حديث صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 714، حديث صحيح.
  4. "آداب حضور المساجد"، ar.islamway.net، 20-4-2020. بتصرّف.
  5. "لماذا يُنهى عن تشبيك الأصابع أثناء مجالسة الناس ومخالطتهم؟"، www.aliftaa.jo، 20-4-2020. بتصرّف.
  6. رواه الهيثمي ، في مجمع الزوائد، عن مولى لأبي سعيد الخدري ، الصفحة أو الرقم: 2/28، إسناده حسن.
  7. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي ثمامة الحناط القماح، الصفحة أو الرقم: 562، حديث صحيح.
  8. ^ أ ب "فضل الحضور للمسجد قبل الأذان، وهل يجب الذهاب إليه عند سماع الإقامة؟"، www.islamweb.net، 20-4-2020. بتصرّف.