هل تصح إمامة الصبي
مفهوم الإمامة
الإمامة مصدر أَمّ، يؤمُّ، يُقال: أمَّهم وأمَّ بهم: أي تقدّمهم، والإمامة: تعني رئاسة المسلمين وخلافتهم، وهي منصب الإمام، ويتولّاها الأتقى، والإمامة هداية وتوجيه وإرشاد وأهليّة لأن يكون المرء قدوة لغيره، والجمع أئمّة وأيمّة، والإمام: مَن يأْتمُّ النّاسُ به من خليفة أو ملك أو أمير أو رئيس أَو قائد الجند أو غيره، ومنه إمام الصّلاة، والإمام: للمسلمين، حيث قال الله تعالى: {وكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}،[١] والإمام أيضًا: العالم من الرّجال الجامع للخير، ويقال الإمام لدليل المسافرين، وللعَلَم البارز في الدّين وفي أيّ عِلم من العلوم الكونيّة، والإمام الطّريق الواسع والواضح، والإمام الأكبر: لقب شيخ الجامع الأزهر في القاهرة،[٢] وللعلماء تعاريف عدّة لمفهوم الإمامة، منها: "الإمامة هي نيابة عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في إقامة الدّين، وهي رياسة تامّة، وقيادة تتعلق بالخاصّة والعامّة في أمور الدّين والدّنيا"، بحيث يتوجّب على كافة الأمّة الاتّباع"، وفيما يأتي معرفة: هل تصح إمامة الصبي.[٣]
هل تصح إمامة الصبي
للإجابة عن السّؤال: هل تصح إمامة الصبي، فقد اختلف الفقهاء حول إمامة الصّبيّ الذي لم يبلغ، فقال جمهور الفقهاء الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة بأنّه لا تصحّ إمامة الصّبيّ المميّز للمأموم البالغ، بينما ذهب الشّافعيّة إلى جواز ذلك، محتجّين بحديث عَمْرِو بْنِ سَلمَةَ -رضي الله عنه- الذي قَالَ فيه: لَمَّا رَجَعَ قَوْمِي مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالُوا: إِنَّهُ قَالَ: "لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قِرَاءَةً لِلْقُرْآنِ"،[٤] قَالَ: فَدَعَوْنِي فَعَلَّمُونِي الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَكُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ، إذًا كان عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ -رضي الله عنه- يَؤُمُّ قَوْمَهُ عَلَى عَهْدِ النّبيّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلّمَ، وَهُوَ في السّادسة أو السّابعة من عمره، وقال الشّيخ ابن باز -رحمه الله- بصحّة إمامة الصّبيّ في الفرائض والنّوافل، إذا كان قد أكمل سبع سنين أو أكثر وهو يحسن الصّلاة؛ ولكن إن كان بين من يأتمّ به من هو أقرأ منه، فالأحقيّة للأقرأ، وذلك لقول النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم: "يؤمُّ القومَ أقرؤُهُم لِكِتابِ اللَّهِ فإن كانوافي القراءةِ سواءً، فأعلمُهُم بالسُّنَّةِ، فإن كانوا في السُّنَّةِ سواءً، أقدمُهُم هجرةً فإن كانوا في الهجرةِ سواءً، فأكبرُهُم سنًّا ولا يُؤَمُّ الرَّجلُ في سلطانِهِ"،[٥] وذهب الشّيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- إلى صحّة صلاة الصّبيّ إن لم يكن خلفه بالغ، فإن وجد بين من يأتمّ به بالغ، فالمشهور في المذهب لا تصحّ صلاته في الفرض خاصّة، وتصحّ في النّوافل.[٦]
شروط الإمامة في الإسلام
بعد معرفة صحّة الصّلاة خلف الصّبي، لا بدّ من معرفة شروط الإمامة في الصّلاة، حيث يشترط في إمام الصّلاة أن يكون مسلمًا، فلا تصحّ إمامة غير المسلم، وهذا بإجماع فقهاء الأمّة، وأن لا يكون مبتدعًا بدعًا مكفّرة، وأن يكون ذكرًا عندما يؤمّ جماعة فيها ولو ذكرًا واحدًا، وهذا مذهب السّلف والخلف، وقول الفقهاء السّبعة ومذهب الأئمّة الأربعة، وغيرهم من أهل العلم والفقه، وأن يكون طاهرًا من الحدث والنّجس، حيث قال الإمام النّوويّ -رحمه الله تعالى- في المجموع: فقد تمّ الإجماع بين أبناء الأمّة على حرمة الصّلاة خلف المحدث، وأن يكون عاقلًا، فلا تصحّ الصّلاة خلف المجنون، وأن يكون من يؤم جماعة قادرًا على الإتيان بأركان الصّلاة كاملة من قيام وتلاوة وركوع وسجود، وأن تكون تلاوته للقرآن سليمة ولو الفاتحة وشيء من القرآن تصحّ به صلاته، وأن لا يكون في الأصل مأمومًا كالمسبوق إذا قام لقضاء صلوات فائتة، أو مأمومًا في الحال.[٧]
المراجع[+]
- ↑ سورة يس، آية: 12.
- ↑ "الإمامة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "المبحث الثاني: تعريف الإمامة اصطلاحاً"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عمرو بن سلمة، الصفحة أو الرقم: 766، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 582، حديث صحيح.
- ↑ "الصبي إذا لم يبلغ الحلم: هل يصح أن يكون إماما في الصلاة؟"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "شروط إمامة الصلاة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.