سؤال وجواب

عقوبة المنافق


مفهوم النفاق

النفاق في المفهوم اللغويّ كلمةٌ من المصدر نفق، والذي يُشار به إلى السرب في الأرض، وهو ما يكون له مخرجٌ تحت الأرض من مكان آخر، والنفقة والنافقاء هي جحر اليربوع والضّبّ، وهو في الإسلام أن يدخل المرء فيه على وجه الصّلاح والالتزام ويخرج عنه بوجهٍ آخر، وقد جاء في الصّحيح من الحديث عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حتَّى لو دَخَلُوا في جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُوهُمْ قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قالَ: فَمَنْ"[١]، وأمّا النفاق في المفهوم الشرعيّ هو الجهر بالصّلاح والخير وإسرار وإخفاء الشرور والفساد، ويكون على أنواع مختلفة، منها ما يدفع بصاحبه إلى الخلود في النّار، ومنها ما يكون أكبر من الذنوب، والمقال يُسلّط الضوء على عقوبة المنافق كما وردت في ضوء الكتاب والسّنّة.[٢]

عقوبة المنافق

إنّ للمنافقين عقوباتٌ في دُنياهم وآخرتهم فقد أنذر الله -عزّ وجلّ- ورسوله الكريم -صلّى الله عليه وسلّم- العالمين أجمع من عقوبة المنافق والشؤم الذي يحمله النفاق والمخاطر الجمّى التي بين جنباته، وفيما يأتي بعض الأحاديث النبويّة التي أشارت إلى عقوبة المنافق:[٣]

  • عن أنس بن مالكٍ -رضي الله عنه- قال:"كانَ مِنَّا رَجُلٌ مِن بَنِي النَّجَّارِ قدْ قَرَأَ البَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَكانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ هَارِبًا حتَّى لَحِقَ بأَهْلِ الكِتَابِ، قالَ: فَرَفَعُوهُ، قالوا: هذا قدْ كانَ يَكْتُبُ لِمُحَمَّدٍ فَأُعْجِبُوا به، فَما لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللَّهُ عُنُقَهُ فيهم، فَحَفَرُوا له فَوَارَوْهُ، فأصْبَحَتِ الأرْضُ قدْ نَبَذَتْهُ علَى وَجْهِهَا، ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا له، فَوَارَوْهُ فأصْبَحَتِ الأرْضُ قدْ نَبَذَتْهُ علَى وَجْهِهَا، ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا له، فَوَارَوْهُ فأصْبَحَتِ الأرْضُ قدْ نَبَذَتْهُ علَى وَجْهِهَا، فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذًا"[٤].
  • وقد روى جابرٍ بن عبدالله رضي الله عنه: "أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قَدِمَ مِن سَفَرٍ، فَلَمَّا كانَ قُرْبَ المَدِينَةِ هَاجَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ تَكَادُ أَنْ تَدْفِنَ الرَّاكِبَ فَزَعَمَ، أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: بُعِثَتْ هذِه الرِّيحُ لِمَوْتِ مُنَافِقٍ فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، فَإِذَا مُنَافِقٌ عَظِيمٌ مِنَ المُنَافِقِينَ قدْ مَاتَ"[٥]
  • وقد روى حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال:" إنَّ في أمتي اثنا عشرَ مُنافقًا لا يدخلون الجنَّةَ ، و لا يجدون رِيحَها ، حتى يلِجَ الجملُ في سَمِّ الخِياطِ ، ثمانيةٌ منهم تكفيكَهم الدُّبَيلَةُ : سراجٌ من النَّارِ يظهر في أكتافِهم ، حتى ينجِمَ من صدورِهم"[٦]

حكم المنافق في الإسلام

أشارت الشريعة الإسلاميّة إلى أنّ حكم المنافق في الإسلام كما حال حكم الزنديق المبدي لإسلامه، وهو ما ينطبق عليه القتل في الحكم بشرط أن ينطق المرء بالكفر أو يظهره للعامّة، أو إذا قامت على المنافق الحجّة ولم يحقّق شروط التوبة قبل وقوعه بين يدي القاضي الشرعيّ، كما يرى الإمام ابن تيميّة جواز تركه دون قتله عملًا بالآيات القرآنيّة التي يقول تعالى فيها: {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا}[٧]، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[٨]، ويرى الإمام ابن مفلح أيضًا جواز القتل وجواز الترك.[٩]

المراجع[+]

  1. رواه أبي سعيد الخدري، في صحيح مسلم، عن مسلم ، الصفحة أو الرقم: 2669، حديث صحيح.
  2. " مفهوم النفاق لغةً وشرعاً:"، al-maktaba.org، 21-4-2020. بتصرّف.
  3. "من عقوبات المنافقين"، www.alukah.net، 21-4-2020. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2781، حديث صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 2782، حديث صحيح.
  6. رواه الألباني ، في صحيح الجامع، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم: 2131، حديث صحيح.
  7. سورة الأحزاب، آية: 48.
  8. سورة التوبة، آية: 73.
  9. "عقوبة المنافق"، al-maktaba.org، 21-4-2020. بتصرّف.