كيفية التعامل مع الوباء في ضوء الش
مفهوم الوباء
قبل الحديث عن كيفية التعامل مع الوباء في ضوء الشريعة الإسلامية، من الجدير التعريف بمفهوم الوباء، فالوباء مفرد لكلمة أوبئة، وتعني كل مرض شديد العدوى، يصيب كل من الإنسان والنبات والحيوان، ويتميز بسرعة الانتشار من مكان إلى مكان، والوباء عادةً ما يكون قاتلًا كالوليرا والطاعون وغيرها من الأوبئة التي قتلت العديد من الأرواح، والوباء إما مستوطن وإما موضعي، فإذا كان دائم الانتشار في داخل البلد يكون مستوطنًا، وإذا كان قليل ومحدود الانتشار حيث لا يتجاوز منطقة جغرافية أو مزرعة فيكون موضعيًا، ولقد انتشرت الأوبئة في القرون الماضية، وحصدت الآلاف من النفوس، فكان لا بُدّ من إيجاد الحلول لمواجهتها.[١]
كيفية التعامل مع الوباء في ضوء الشريعة الإسلامية
الحفاظ على النفس من الضروريات الخمس التي جاء الإسلام للحفاظ عليها، ولأن الوباء كالطاعون وغيرها يهدد حياة الناس، فقد أرشد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- الناس في كيفية التعامل معه، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه، حيث قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إذا سَمِعْتُمْ بالطَّاعُونِ بأَرْضٍ فلا تَدْخُلُوها، وإذا وقَعَ بأَرْضٍ وأَنْتُمْ بها فلا تَخْرُجُوا مِنْها"،[٢] فقد حذر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- من الدخول إلى المناطق التي ينتشر بها الطاعون ومن الخروج منها؛ لكي لا ينتشر الطاعون خارج المنطقة التي بدأ فيها، وعن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه، حيث قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا يُورِدُ مُمْرِضٌ علَى مُصِحٍّ"،[٣] وقد بين الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الهارب من الأرض التي انتشر فيها الطاعون كالهارب من أرض المعركة ومن القتال ضد الأعداء، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه، حيث قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "الفارُّ مِنَ الطاعونِ كالفارِّ مِنَ الزَّحْفِ، والصابِرُ فيهِ كالصابِرِ في الزَّحْفِ".[٤][٥]
أثر التوبة في دفع البلاء
بعد الحديث عن كيفية التعامل مع الوباء في ضوء الشريعة الإسلامية، لا بُدّ من بيان أثر التوبة في دفع البلاء، فالتوبة سبب للفلاح والنجاح، فقد قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}،[٦] وبالتوبة يُبسط للناس في أوجه الخير المختلفة، وأما الابتعاد عن التوبة والإعراض عن دين الله -تعالى- فسبب لنزول العذاب، فقد قال سبحانه: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ}،[٧] فالله -تعالى- يُنزّل البلاء على الناس ليتوبوا من ذنوبهم، ويتضرعوا إليه بالدعاء، فقد قال سبحانه: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ * حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ}،[٨]فالتضرع إلى الله -تعالى- والتوبة من الذنوب من أهم الوسائل في دفع البلاء والنقم.[٩]المراجع[+]
- ↑ "وبأ"، al-maktaba.org، 16-4-2020، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم: 5728، حديث صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالرحمن بن عوف، الصفحة أو الرقم: 2221، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 4276، حديث صحيح.
- ↑ "في الطاعون والوباء"، al-maktaba.org، 16-4-2020، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية: 31.
- ↑ سورة هود، آية: 3.
- ↑ سورة المؤمنون، آية: 76،77.
- ↑ "الحث على التوبة"، al-maktaba.org، 16-4-2020، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.