سؤال وجواب

حكم النوم على جنابة


مفهوم الجنابة

الجنابة هي اسم لحال من ينزل منه المني أو هي حال لمن يكون منه جماع مع زوجته، وهي مشتقّة من الفعل جَنُبَ يجنُبُ جنابة فهو جُنُبٌ وجَنِيبٌ،[١] وقيل هي في اللغة ضد القرب والقرابة، فيقولون جَنَب الشيء وتجنّبه إذا بَعُدَ عنه، فهي في الأصل تعني البعد، وقال بعض علماء اللغة إنّ المرء قيل عنه جُنُب لأنّه منهيٌّ عن الاقراب من أماكن الصلاة إذا لم يتطهّر، فهو بذلك تجنّبها وأجنَبَ عنها؛ بمعنى تنحّى، وقيل ربّما سُمّي جنُبًا لأنّه يتجنّب الناس حتى يغتسل، وأمّا اصطلاحًا فللجنابة تعريفات كثيرة عند علماء الفقه الإسلامي منها ما قاله الإمام النووي إذ قال: "تُطْلَقُ الْجَنَابَةُ فِي الشَّرْعِ عَلَى مَنْ أَنْزَل الْمَنِيَّ، وَعَلَى مَنْ جَامَعَ، وَسُمِّيَ جُنُبًا؛ لأَِنَّهُ يَجْتَنِبُ الصَّلاَةَ وَالْمَسْجِدَ وَالْقِرَاءَةَ وَيَتَبَاعَدُ عَنْهَا"، وتدور حول مفهوم الجنابة وما يتبعها من أحوال للمرء الجنب أسئلة كثيرة منها السؤال عن حكم النوم على جنابة هل هو جائز شرعًا أم لا، وسيجيب المقال عن هذا السؤال.[٢]

حكم النوم على جنابة

بعد الوقوف على تعريف الجنابة ومفهومها يقف المقال في هذه الفقرة مع الحديث عن حكم النوم على جنابة، ولهذا الحكم عند العلماء أحكام مختلفة، فقد ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: "كانَ رسولُ الله  -صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ- ينامُ وَهوَ جُنبٌ من غيرِ أن يمسَّ ماءً"،[٣] فمن هذا الحديث استدلّ العلماء على مشروعيّة النوم على جنب، ولكنّهم اختلفوا في حكم النوم على جنابة إذا لم يتوضّأ الرجل قبل أن ينام، وأقوالهم في هذه المسألة هي:[٤]

  • أمّا القول الأوّل فيقول بجواز النوم على جنابة ولو لم يكن المرء على وضوء بلا كراهة، والدّليل هو حديث عائشة -رضي الله عنها- السابق.
  • وأمّا القول الثاني فيقول إنّ المرء عليه أن يتوضّأ قبل أن ينام وهو جُنُب، وهذا الأمر -أي الوضوء قبل النوم في حال الجنابة- هو واجب، واستدلّ القائلون بهذا الرأي إلى الحديث الذي يرويه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ أباه أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- قال: "يا رَسولَ اللهِ، أيَرْقُدُ أحَدُنَا وهو جُنُبٌ؟ قالَ: نَعَمْ، إذَا تَوَضَّأَ"،[٥] فظاهر الحديث أنّ النوم مشروط بالوضوء.
  • وأمّا القول الثالث فهو مذهب الحنابلة، وهو جواز النوم على جنابة من غير وضوء ولكن مع الكراهة.
  • وأمّا القول الأخير فيرى أصحابه أنّ النوم على وضوء هو من قبيل السنة وليس واجبًا، ويستندون بذلك على عموم توجيه النبي -صلى الله عليه وسلّم- للمسلمين للنوم على وضوء وطهارة كون الروح في النوم تفارق البدن مؤقتًا، ولذلك ينبغي للمؤمن أن يكون طاهرًا قبل نومه، يقول البراء بن عازب فيما يرويه عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "إذا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وضُوءَكَ لِلصَّلاةِ"،[٦] والله أعلم.

كيفية الاغتسال من الجنابة

بعد معرفة حكم النوم على جنابة يقف المقال ختامًا مع كيفية الاغتسال من الجنابة، أو صفة الاغتسال من الجنابة كما يُطلق عليها شرعًا، فتروي أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في حديث كيفية اغتسال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من الجنابة، فتقول: "كان رَسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذا اغتسَلَ منَ الجَنابةِ بدَأَ فغسَلَ يدَيْه، ثُمَّ توَضَّأَ وُضوءَه للصَّلاةِ، ثُمَّ يُدخِلُ يدَه في الإناءِ فيُخلِّلُ بها أُصولَ شَعرِه، حتى إذا خُيِّلَ إليه أنَّه قدِ استبرَأَ البَشَرةَ غرَفَ بيَدَيه مِلءَ كَفَّيه ثَلاثًا، فصَبَّها على رَأسِه، ثُمَّ اغتسَلَ فأفاضَ الماءَ على جَسدِه"،[٧] فالذي يريد الاغتسال إذًا عليه أن يغسل يده اليمنى، ثمّ يصب المرء الماء على فرجه ويغسله بشماله، ثمّ يتوضّأ وضوءَه للصّلاة، ثمّ يبلّ أصابعه بالماء ويدخل أصابعه في أصول شعره ويبلّلها، ثمّ بعدها يفيض الماء على رأسه ثلاثًا، وبعدها يفيض الماء على سائر جسده، والله أعلم.[٨]

المراجع[+]

  1. "الجنابة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.
  2. "جنابة"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 228، حديث صحيح.
  4. "صفة الاغتسال من الجنابة"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 306، حديث صحيح.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 6311، حديث صحيح.
  7. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سنن الدارقطني، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 402، حديث صحيح.
  8. " صفة الاغتسال من الجنابة"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.