سؤال وجواب

حكم الترضي على غير الصحابة


الصحابة الكرام

الصحابة في اللغة جمع صحابي، وهي مشتقّة من الفعل صحب، وفي الأصل هي مصدر الفعل صَحَبَ، فيقولون: صحب يصحب صحابةً، ولكنّهم جمعوا صاحب على صحابي فقط مع صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم،[١] وأمّا في الاصطلاح فالصحابي هو من لقي النبي -عليه الصّلاة والسلام- مؤمنًا به، ومات على الإسلام؛ فيدخل في هذا التعريف من طالت مُجالسته للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- أو قَصُرَت، ومن روى عنه ومن لم يروِ، ومن غزا معه ومن لم يغزُ، ومن رآه ولو لم يُجالسه، ومن لم يتمكّن من رؤيته لعارضٍ كالعمى، فمن لقيه ثمّ ارتدّ ومات على كفره فهو ليس من الصحابة، ومن رآه ثمّ ارتدّ ثمّ عاد إلى الإسلام ولو لم يرَ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فهو من الصحابة، وهذا مذهب أكثر أهل العلم كابن حجر العسقلاني والبخاري وأحمد بن حنبل وغيرهم رضي الله عنهم جميعًا، وسيوضّح هذا المقال حكم الترضي على غير الصحابة.[٢]

حكم الترضي على غير الصحابة

يقول الله -سبحانه- في العباد بعد أنبياء الله -عليهم السلام- هم صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد ورد في الأحاديث مّا يوجب حبّهم الكثير، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ"،[٧] وكما جاء في صحيح ابن حبّان أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "اللهَ اللهَ في أصحابي، لا تتَّخِذوا أصحابي غَرَضًا، مَن أحَبَّهم فبِحُبِّي أحَبَّهم، ومَن أبغَضهم فبِبُغْضي أبغَضهم، ومَن آذاهم فقد آذاني، ومَن آذاني فقد آذى اللهَ، ومَن آذى اللهَ يوشِكُ أنْ يأخُذَه"،[٨] وهذا الحديث خطيرٌ لمن يعقل من المسلمين وغيرهم؛ إذ أذيّة الصحابة هي أذيّة لله ورسوله، ومن يحارب الله ورسوله فقد خسر وهلك، وتلك الميزة للصحابة تأتي -ربّما- من حديث يرويه ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول فيه: "إنَّ الله نظرَ في قُلوبِ العِبادِ فوجدَ قلبَ مُحمَّدٍ -صلَّى الله عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ- خيرَ قلوبِ العِبادِ، فاصطَفاهُ لنَفسِهِ، فابتعثَهُ برِسالتِهِ، ثمَّ نَظرَ في قلوبِ العبادِ بعدَ قَلبِ محمَّدٍ فوجدَ قلوبَ أصحابِهِ خيرَ قُلوبِ العبادِ، فجعلَهُم وزراءَ نبيِّهِ يُقاتِلونَ على دينِهِ، فمَّا رأى المسلِمونَ حَسنًا فَهوَ عندَ الله حسنٌ، وما رأوا سيِّئًا فَهوَ عندَ اللَّهِ سَيِّئٌ"،[٩] وقبل ذلك قد وردت من الآيات في حقّ الصحابة الكثير، فمنها قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}،[١٠] وكذلك قوله -تعالى- في عقيدة وهو دِين، وأنّ محبّتهم واجبة على كلّ مسلم، وأنّ الانتقاص من قدرهم وانتقادهم غير جائز، وكذلك فقد ثبت عن الإمام الذهبي وغيره من أئمّة المسلمين أنّ من يطعن بالصحابة فقد خرج من الدين، لأنّ الطّعن لا يكون "إلا عن اعتقاد مساويهم، وإضمار الحقد فيهم، وإنكار ما ذكره الله -تعالى- في كتابه من ثنائه عليهم"، والله أعلم.[١٢]

المراجع[+]

  1. "تعريف ومعنى الصحابة في قاموس لسان العرب"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-04-2020. بتصرّف.
  2. "الصحابة: مكانتهم.. وحكم من سبهم"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-04-2020. بتصرّف.
  3. سورة التوبة، آية: 100.
  4. سورة البينة، آية: 7.
  5. سورة البينة، آية: 8.
  6. ملتقى أهل الحديث، أرشيف ملتقى أهل الحديث، صفحة 55، جزء 90. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2652 ، حديث صحيح.
  8. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن مغفل، الصفحة أو الرقم: 7256، حديثٌ أخرجه ابن حبّان في صحيحه.
  9. رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 856، حديثٌ حسنٌ.
  10. سورة التوبة، آية: 100.
  11. سورة الفتح، آية: 18.
  12. "الصحابة مكانتهم وفضلهم"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-04-2020. بتصرّف.