حكم الاختلاط في العمل
مفهوم الاختلاط
بعث الله -تعالى- النّبي الكريم ليؤسّس دولة إسلامية، قائمٌة على شرع الله، يُعطي كلَّ فردٍ من أفراده حقوقه وواجباته، كما أنّه وضع ضوابط للذّكر والأنثى، بحيث أنّ كلًا منهما يقوم بما له وما عليه، فأعطى الرّجل حقّ القوامة، وكرّم المرأة وجعل لها كيانًا مستقلًّا، لتشكيل الأسرة التي تعدّ نواة المجتمع الإسلامي، والتي تعدُّ فيه المرأة هي القاعدة الأولى في حفظ توازنها النّفسي، إلا أنّ هناك من يسعى لهدم البناء بدعوة التّحرر والمساواة، الذي أجبر المرأة على ترك ما خُلقت من أجله، والسّعي وراء الحصول على شخصية منفردة، فأدى إلى حدوث انحرافٍ في الفطرة السَّوية، وذلك نتيجة اختلاط النّساء بالرّجال، وقد تصدّى العلماء لهذا الأمر، وبينوا خطورته، وقالوا: أنَّ الاختلاط هو اجتماع النّساء بالرّجال في مكان واحدٍ، دون مراعاةٍ لضوابط الشّرع،[١] بحيث يرفع الكُلفة، ويزيد الألفة، ويُزيل الحواجز بين الجنسين، فيكثر الفساد والانحلال،[٢] إلّا أنّه قد يحدث الاختلاط للضّرورة، فوضع الإسلام ضوابط محددة لهذا الأمر، وسنتحدث في هذا المقال عن حكم الاختلاط في العمل.
حكم الاختلاط في العمل
شرع الله-تعالى- الكثير من التّدابير الوقائية، والوسائل العلاجية لدرء المفاسد والفتن، التي قد تقع بين الرّجال والنّساء، بهدف صون الأعراض من الوقوع في الحرام، وقد فصّل العلماء في حكم الاختلاط من حيث موافقته لأحكام الشّريعة وعدمه، فيُحرم الاختلاط بالمرأة الأجنبية، وما يتبعه من أمور محرمة، كعدم الاحتشام، ويُستثنى منه ما يقوم به الطّبيب من النّظر واللّمس، لأنّ الضّرورات تُبيح المحظورات،[٣] ويجوز اختلاط النّساء بالرّجال إذا كان هناك أمرٌ مشروعٌ كخروجها لصلاة العيد مع مراعاة قواعد الشّريعة،[٤] وأمّا مسألة حكم الاختلاط في العمل، فقد ظهرت عندما دخل الاختلاط في التّعليم بعد الاحتلال الفرنسي والإنجليزي لبلاد المسلمين، بإنشاء مدارس أجنبيّة، ومن ثمّ الجامعات المختلطة،[٥] ممّا أدى في النّهاية إلى نتائج وخيمة على المجتمع الإسلامي، كغرق الشّباب في شهواتهم، وإشباع رغباتهم، وانشغالهم عن التّحصيل العلمي،[٦] وغيرها من المفاسد الكثيرة المترتّبة على المرأة من نزع عفتها، وانتشار الأمراض الوبائية في المجتمعات،[٧] وبناءً على ما تقدّم فقد ذهب أهل العلم إلى عدم جواز الاختلاط في العمل بلا ضرورة؛ لما يترتب عليه من مفاسدٍ كثيرة، وأَمَر المرأة أن تَقرّ في بيتها،[٨] بدليل قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}،[٩] فالواجب على المرأة أن تبتعد عن الرجال ولا تختلط بهم، حتى في العبادات ففي صلاة الجّماعة تكون المرأة خلف الرّجال، فكيف في العمل، ومن اضطّر للعمل، في مكان مختلط فعليه أن يتقيد بضوابط شرعيّة أمر بها الله-تعالى- كغضّ البصر وغيرها.[١٠]
ضوابط الاختلاط في العمل
بيّن أهل العلم حكم الاختلاط في العمل بأنّه غير جائز بلا ضرورة، درءًا للمفاسد، وحمايةً للمجتمع المسلم من الوقوع في المصائب، ونزول العذاب عليه، وكرّم المرأة ورفع من شأنها في قيامها بأشرف مهمّة وهي تنشئة البيت المسلم بتربية أولادها، إلا أنّ المرأة قد تخرج للعمل، وقد تجتمع مع رجالٍ كثرٍ، فضبط ذلك ضمن ضوابط شرعيّة معيّنة،[١١] وفيما يأتي الحديث عن بعضها:
- الحجاب الشّرعي المحتشم: فقد أباح الشّرع للمرأة المسلمة العمل للضّرورة، بشرط لبس الحجاب الواسع، الفضفاض، وأن لا يكون ملفتًا للرّجال، وأن تبتعد عن وضع الطّيب.[١٢]
- عدم خضوع المرأة بالقول عند مخاطبة الرّجال: فيحرم على المرأة أن تغير صوتها، أو التّمايل فيه، فقد قال الله تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}.[١٣][١٢]
- عدم خلوة المرأة بالرّجال: حيث قال رسول الله: "ألا لا يخلوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلاَّ كانَ ثالِثَهما الشّيطانُ".[١٤][١٥]
- أن يكون الاختلاط لحاجة مشروعة أو لضرورة: كالعمل والدّراسة وما إلى ذلك.[١٥]
- غضّ البصر: حتى تجتنب الفتنة لقوله تعالى:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}.[١٦][١٧]
المراجع[+]
- ↑ "الاختلاط.. تعريفه.. حكمه.. وخطره على الأمة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020.
- ↑ " مفهوم الاختلاط بين التأصيل والتضليل"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "اختلاط الرجال بالنساء"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "الاختلاط مواطن البحث"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "بدايات الختلاط في أماكن العمل"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "اختلاط المرأة بالرجال في أماكن العمل والتعليم"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "يؤدي الاختلاط في العمل إلى أمور عدة"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "الإسلام يحرم الاختلاط ويأمر المرأة أن تقر في بيتها"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 33.
- ↑ "حكم اختلاط المرأة مع الرجل في ميادين العمل"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.
- ↑ " ضوابط عمل الرجل في مكان مختلط"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب "معنى الضرورة"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 32.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 2780 ، حديث صحيح.
- ^ أ ب " أكثر من أربعين دليلا على تحريم الاختلاط"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية: 31.
- ↑ "ضوابط التدريس في الجامعات المختلطة"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 19-4-2020. بتصرّف.